الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مشكلتي لا أثق بالآخرين لأنني أعتقد أنهم يستغلون طيبتي، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قبل كل شي أود أن أشكركم على العمل الجبار والوقت الثمين الذي تبذلونه لخدمه كل من هو محتاج لمساعدة وحل سديد، فجزاكم الله عني خير الجزاء.

مشكلتي هي أنني لا أثق بالآخرين، جاءتني فترة أحسست فيها أنني لا أثق بالناس" أبدا" بشكل أكبر عن ذي قبل.

وأعتقد أن سبب هذا كان طيبة قلبي التي هي نقطة ضعفي وقوتي بنفس الوقت (فأنا ولله الحمد أحب مساعدة الناس وأحتسب الأجر من ذلك عند رب العالمين)، لكن شعرت بأن الناس تستغلني في كثير من الأحيان بكثرة الطلبات التي تتعب عاتقي في كل وقت وتستنزف عطائي بقوة، فأنا لا أحب أن أكسر بخاطر أحدهم أو أرد طلباتهم إلا حينما أنشغل.

والآن ليس بالسهولة أن أتكلم لأي أحد عن أسراري أو حتى عما يضايقني أو يحزنني وأتردد وأفكر كثيرا إذا نويت البوح لشخص قريب عما بداخلي (أختي، أقرب صديقاتي وغيرهم).

وحتى إذا تكلمت معهم أخاف أن أمنحهم الثقة وأشعر بالقلق كلما فكرت أن هناك أناس نواياهم خبيثة، بدأت أخاف وأنظر للناس على أنهم استغلاليين، فهل هذا أمر طبيعي أو أنني شديدة الحساسية لهذا الموضوع؟

وكيف أسترد ثقتي فيمن حولي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد.

فالتعامل ما بين الناس تحكمه قوانين مجتمع وكذلك الأعراف والقيم الشخصية للإنسان. شعورك هذا بأنك مستغلة من قبل الآخرين وأنك ضعيفة ليس دليلاً على وجود مرض، ولكن بالطبع يظهر أنك بالفعل حساسة بعض الشيء، والأمر الآخر: مثل هذه المشاعر تتولد إذا كانت توقعات الإنسان عالية.

فالذي يظهر لي أنك فعلاً متفانية في خدمة الآخرين وتحبين أن تعطي أكثر مما تأخذي، وهذا جعلك تحت هذه المشاعر أنك مصدر استغلال من قبل الآخرين، والإفراط في التسامي وبذل العطاء للآخرين لا بأس به بل هو أمر محدود لكن يجب أن يكون في حدود المعقول، والإنسان حين يقدم شيئًا للناس أيًّا كان هذا الشيء يجب أن تكون توقعاته في حدود المعقول، لأن البعض قد يذكر الجميل والبعض قد يقدر والبعض قد لا يقدر، وهنالك من تكون له مشاعر سلبية حتى حين تقدم له الخير، فالمطلوب منك هو أن لا تكوني حساسة حول هذه الأمور.

حاولي أن تقبلي الناس كما هم لا كما تريديهم أنت، هذا مهم جدًّا وهذا يريح الناس كثيرًا، وفي نفس الوقت يجب أن تكون هنالك ضوابط ومحاذير فيما تقدمينه للناس، فالإنسان لا يضحي بما لا يستطيع، ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، لكن هذا لا يعني أن تفقدي الثقة بالناس أبدًا، يجب أن نحسن الظن بالناس، ولكن نتوقع أيضًا أنه ربما يحدث تصادم ما بين قيمنا وقيمهم ومبادئهم ومبادئنا، طريقتنا في التعامل وطريقتهم، وهكذا، وكما ذكرت لك: الإنسان يعطي وقد لا يأخذ، وإن أخذ فلا بأس في ذلك.

هذه هي المفاهيم التي يجب أن تسود وإن شاء الله تعالى سوف تريحك كثيرًا.

أعتقد أن سماتك الشخصية تؤهلك جدًّا لأن تنخرطي في أعمال الخير، أعمال الخير خاصة التي تقدم للضعفاء من باب البر والإحسان تُشعر الإنسان بالرضا.

أنت تقدم طواعية تحتسب الأجر والطرف الآخر أو المستفيد - كما يسمى - لا يسألك لا يحاسبك، وربما فقط يشكرك، أعتقد أن طاقاتك النفسية إذا وُجّهت نحو هذا المنحى هذا سوف يساعدك كثيرًا.

حاولي أن تكون علاقاتك وتواصلك مع الفاضلات والطيبات والصالحات من الفتيات، وخذي الأمور بسهولة أكثر، وكوني معبرة عن ذاتك، واجتهدي في دراستك.

الثقة بالنفس تسترد من خلال أن يحكم الإنسان على نفسه من خلال أعماله وليس مشاعره.

المشاعر تقود الإنسان انقياد سلبي جدًّا، وقد تجعله يشعر بضعف قيمة الذات مما يسبب له الكدر والانزعاج، لكن الإنسان يكسب ثقته من خلال ما ينجزه من أعمال، فأنت إن شاء الله تعالى تكوني من المنجزين ومن الناجحين.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مجهول حميد

    و انا عندي نفس المشكلة .. و الله احس كأنك تتكلمين عني ...

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً