الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أقوم بحملات تنظيف متكررة أتعبتني، هل هذا وسواس قهري؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

سبق وان أرسلت استشارة 2109314 وقال الدكتور ينبغي تحويل الاستشارة للمستشار النفسي لإعطاء المزيد من النصائح، مشكلتي بدأت بعد إصابة أختي من عام تقريباً بالفطريات الجلدي في المنطقة العليا من جسدها فهي لا تهتم بالنظافة عكسي تماماً، وبدأت أقرأ عن الموضوع وأصابني خوف شديد بسبب ما قرأت أنها شائعة وتنتشر بسرعة والأسوء من كل هذا أنها تعيش لأكثر من سنتين.

مر على ذلك عام وإلى الآن أنا خائفة من التقاط العدوى بالرغم من حملات التنظيف المتكررة ولقد تعبت من فكرة وجود الفطريات في البيت وهي تتكاثر وتنتشر ومللت من طقوس التنظيف المستمرة الغير طبيعية ومواد التعقيم أتعبتني، والقلق المستمر من أني تركت مكانا لم أنظفه جيدا وهذا ما يجعل خوفي مستمر أني تركت شيء لم أنظفه وهذا سبب انتشار الفطريات بكل مكان.

في البداية كان الخوف من التقاط العدوى يصاحبني في كل مكان، أما الآن فلا أشعر بالخوف إلا في بيتي وأنا لا أكاد أخرج من البيت إلا لضرورة، أشعر بالضيق والاكتئاب طوال الوقت ومزاجي سيء دائماً ولا أحب أن أتكلم مع أحد حتى والدي لا أكاد أراهم فأنا في غرفتي دائماً، وأنا حاولت أن أتغلب على مخاوفي وأواجهها لكن لم أستطع، فهل ما أعاني منه وسواس قهري؟، وماذا علي أن أفعل؟.
وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رانيا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فنشكرك على رسالتك وما ورد فيها من تفصيل، وأقول لك نعم أنت مصابة بوساوس قهرية، ووساوس المخاوف من الأوساخ أو العدوى هي وساوس منتشرة جدًّا ومعروفة جدًّا، وتجعل الإنسان يلجأ إلى النظافة المطلقة للدرجة التي يحاول أن يعيش حياة معقمة كما يقولون.

الوساوس تعالج من خلال التعريض لمصدر الوسواس دون الهروب من الموقف، وهذا يعني حقيقة أن تضعي يدك في مكان تعتقدي أن فيه فطريات، هذا سوف يكون أمرًا صعبًا بالنسبة لك في بداية الأمر، لكن اعرفي أن هذه وسيلة العلاج الرئيسية.

ضعي يدك على المكان الذي تعتقدي فيه فطريات، ولا تغسلي يدك إلا بعد خمس دقائق، وتكون مدة الماء محدودة جدًّا تُوضع في كوب، هذه طريقة علاجية ممتازة جدًّا، تمرين يُكرر يوميًا ثلاث إلى أربع مرات، وبعد أسبوعين سوف تجدين نفسك أنك قد شُفيت تمامًا.

تمرين آخر: ضعي يدك تحت أسفل حذاءك، ثم بعد ذلك امسحي يديك مع بعضهما البعض ومرريهما على أجزاء من جسدك، ولا تقومي بغسل يديك، كرري هذا التمرين أيضًا عدة مرات، هذا بالطبع سوف يسبب الخوف، سوف يسبب القلق والتوتر في بداية الأمر، لكن بعد ذلك تجدين أن الأمر أصبح سهلاً جدًّا.

هذه التمارين حقيقة تنجح إذا كان الإنسان استفاد من وجود معالج – أي أخصائي نفساني - لأن المعالج سوف يكون هو النموذج، أي أن المعالج يطبق وأنت تقومين باتباعه، يضع يده في أسفل حذائه وأنت تقومين بنفس الشيء، يضع يده في مكان الأوساخ والفطريات وأنت تقومي بنفس الشيء، هذه أفضل وسائل العلاج أو ما يسمى بالعلاج التعريضي أو عن طريق التعرض، وهي طريقة معروفة وناجحة وموفقة جدًّا.

هنالك أيضًا علاجات أخرى مصاحبة: أولاً يجب أن تحقري فكرة الوساوس، وأن تعرفي أن هذه الفطريات موجودة في كل مكان، وأن كل شيء بيد الله تعالى، وأنه يوجد ما هو أخطر من الفطريات، لكن الإنسان بطبيعته يهبه الله تعالى مناعات ومقاومات داخلية، وهذا يجب أن ندعمه أيضًا من خلال التحوطات الخاصة بالنظافة، والتي يجب أن تكون في إطار ما هو معقول.

ناقشي نفسك على هذا المستوى مع التعريض، وسوف تجدي أن الأمر قد تحسن كثيرًا، أود أن أبشرك بأنه توجد أدوية كثيرة ممتازة جدًّا، الأدوية تساعد في علاج الوساوس، مع الإرشادات السلوكية التي ذكرناها بالطبع.

من أفضل الأدوية لعلاج الوساوس القهرية هو عقار يعرف تجاريًا باسم (بروزاك) ويعرف علميًا باسم (فلوكستين)، وكذلك علاج يعرف تجاريًا باسم (فافرين) ويعرف علميًا باسم (فلوفكسمين).

أنا أفضل أن تختاري البروزاك، ابدئي في تناوله بجرعة كبسولة واحدة في اليوم، تناوليها بعد الأكل، وقوة الكبسولة هي عشرين مليجرامًا. وبعد شهر ارفعي الجرعة إلى كبسولتين – وهذه هي الجرعة العلاجية – استمري عليها لمدة تسعة أشهر، ثم بعد ذلك خفضي الجرعة إلى الجرعة الوقائية وهي كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر، بعد ذلك يمكنك أن تتوقفي عن تناول الدواء.

هنالك جوانب علاجية أخرى مهمة وهي:
أولاً: أن تستفيدي من وقتك بصورة صحيحة، ولا تدعي أي مجال للفراغ ليسيطر عليك ويكون مدخلاً لهذه الوساوس.
ثانيًا: من المهم جدًّا أن تطبقي تمارين الاسترخاء، وهي متعددة جدًّا، مثل تمارين التنفس التدرجي، أو تمارين قبض وشد العضلات ثم إطلاقها واسترخائها، أيضًا تمارين مفيدة، وهذه يمكنك أن تتحصلي على أحد الوسائط المفيدة كالكتيبات أو الأشرطة أو السيديهات يوضح كيفية ممارسة هذه التمارين، أو يمكنك تصفح أحد المواقع على الإنترنت، والتي وجد أنها مفيدة أيضًا في علاج التوتر الداخلي، وحين يصل الإنسان لحالة من الهدوء والسكينة النفسية والداخلية وجد أن الوساوس أيضًا سوف تضعف ويستطيع الإنسان أن يطبق الإرشادات السلوكية بصورة منتظمة.

الدواء الذي ذكرته لك: لابد أن يكون هنالك التزام قاطع بتناوله، لأن نجاح العلاج يتأتى بفضل الله تعالى من خلال البناء الكيميائي، والبناء الكيميائي لا يمكن أن يتم إلا إذا كانت هنالك مثابرة والتزام وتقيد كامل بالجرعة بأن تكون في وقتها وبالكمية المطلوبة وللمدة المحددة.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً