الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي لا يمانع السكن المنفصل وأبي يرفض ذلك... فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته.

أنا معلمه في قرية يسكن فيها أهل زوجي، سكنت معهم لمدة سنة بداية ذهابي للقرية، ولا أريد أن أرجع للسكن معهم مرة أخرى.

تعلمت دروسا كثيرة خلال المدة التي قضيتها:
لا حرية، أموري وخصوصياتي تطلع عليها أم زوجي، حاولت جاهدة وضع حدود تخصني لكن دون جدوى، لم تفلح معهم أي طريقه، لا تسمح ظروفي حاليا ببناء منزل أسكن فيه، لكن توجد شقة مجاورة لمنزلهم، وأريد أن أسكن فيها، لكن أبي يرفض هذا وزوجي موافق، أنا في حيرة.

أرجو من الله أن يلهمني الصبر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم طلال حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع.

وبخصوص ما ورد برسالتك – أختي الكريمة الفاضلة – من أنك ترغبين في أن تنفصلي عن أهل زوجك في موضوع السكنة، إذ أنك تشعرين بأن حريتك مقيّدة وأنه لا خصوصية لك، إذ أن أم زوجك تتطلع على أهم الأمور الخاصة بالنسبة لك، ولا تستطيعين بناء منزل تسكنين فيه الآن، إلا أنه توجد شقة مجاورة لمنزلكم وتريدين أن تسكني فيها، ولكن المشكلة في والدك – غفر الله لنا وله - إذ أنه يرفض هذه الفكرة بالرغم من أن زوجك موافقك، وتسألين ماذا تفعلين في هذه الحالة؟

أقول لك أختي الكريمة الفاضلة: إنه مما لا شك فيه أن من حق كل إنسان أن تكون له خصوصياته، وأن يكون له بيته المستقل الذي يشعر فيه بالأمن والأمان والاستقرار، وهذا حق كفله الشرع، إذ أن ذلك من الضرورات الخمس التي كفلها الإسلام لكل إنسان، ناهيك عن المسلمين، وهذا حق طبيعي، إلا أني أقف مستغربًا أمام رغبة الوالد في عدم تحقق ذلك، وقطعًا ومما لا شك فيه أن هذا يأتي من باب الحرص عليك أنت شخصيًا، فلعل والدك يتصور أنك لا تستطيعين الاستقلال بحياتك الخاصة، أو يخاف عليك من أن يعتدي عليك مثلاً أحد من الناس، أو تتعرضين لبعض المناوشات أو لبعض التصرفات المزعجة، ولذلك هو يفضل أن تكوني مع أهل زوجك باعتبار أنها أسرة وعائلة كبيرة، وأنت في داخل هذه الأسرة محمية بوجودك بينهم.

فلعلي أتصور أن هذه هي وجهة نظر الوالد، وإلا فالأصل فيها أنه يفرح لمثل هذا الشيء، لأن الاستقلال يؤدي إلى استقرار، ويؤدي إلى الأمن والأمان، وغاية أي والد إسعاد ابنته واستقرارها وسلامة نفسيتها.

إلا أن الأمر ليس من حق الوالد، فما دام زوجك يوافقك على هذا الأمر وليس لديه مانع، فأرى أن تعتذري للوالد، وأن تنتقلي إلى هذا المسكن إذا كنت تشعرين فعلاً بعدم الراحة وعدم الشعور بالأمن والأمان، وعدم الشعور بالحرية، وكذلك أيضًا عدم وجود خصوصية بالنسبة لأمورك الشخصية.

وإذا كان الأمر كما ذكرت أنت أنه لا يصلح معه أي وسيلة للإصلاح، فأنت قلت حاولت أن تضعي حدودًا لهذا التدخل إلا أن ذلك لم يفلح، فأقول: ما دمت قد أخذت بالأسباب، وبذلت الجهد الممكن ولم تصلي إلى حل مع أسرة زوجك وزوجك ليس لديه مانع أن تسكني بجوارهم، فأرى أن تتوكلي على الله وأن تعتذري للوالد، ولا مانع أن تجعلي زوجك هو الذي يتقدم بهذا الطلب لأبيك، ويقول له أنا لي رغبة أن نستقل بأنفسنا بجوار منزل الأسرة، فنحن لم ولن ننقطع أو ننفصل عنهم، وإنما كل ما في الأمر أننا نريد أن نستريح نفسيًا وأن لا نعيش في جو فيه بعض التوتر أو فيه شد الأعصاب أو الشعور بتقييد الحرية، خاصة وأنا أريد لزوجتي أن تكون مستقرة نفسيًا وأن تكون شاعرة بنوع من الاطمئنان والهدوء إذا كانت وحدها ولها خصوصياتها.

فأنا أرى أن تطلبي من زوجك أن يتولى مفاتحة الوالد في هذا الأمر، وأن يبين أن هذه هي رغبته الشخصية، وأنه لا مانع لديه من أن تنتقلوا وأنه هو صاحب هذا القرار.

أعتقد أنك بذلك سوف تستطيعين أن توصلي الرسالة إلى والدك، وإلا لو جئت من الناحية الشرعية لقلت لك إنه ليس من حق والدك حقيقة أن يتدخل في مثل هذه الأمور، لأنك زوجة لرجل والرجل من حقه أن يُسكنك في المكان الذي يشاء ويريد، خاصة إذا كان بينكما نوع من التفاهم والوئام.

الوالد كلامه على العين والرأس، ولكن حقيقة الذي يفعله الآن هو نوع من التدخل الذي لا يقره الشرع، إذا كان فيه إهدار لحقك في الحرية والعيش بأمن وأمان وسكينة، ولذلك أقول: لا مانع أن يقوم زوجك بالاعتذار لوالدك، وأن يقوم بإخباره بأن هذا هو قراره شخصيًا وأن هذه هي رغبته، وأنه شاكر له حرصه على وجودكم داخل الأسرة، ولكنه في نفس الوقت أيضًا يريد أن يستقل.

إذا تيسر ذلك فبها ونعمت، وإذا لم يتيسر ذلك فليس أمامك إلا الصبر الجميل،

والدعاء إلى الله تعالى خاصة ونحن في هذا الشهر الكريم، لعل الله تبارك وتعالى أن يشرح صدر الوالد لقبول هذه الفكرة في المستقبل.

أسأل الله أن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يوفقك لكل خير، إنه جواد كريم.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً