الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الرهاب الاجتماعي ولا أستطيع الذهاب لطبيب نفسي.. فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أضع قضيتي بين أيديكم راجية من المولى عز وجل أن تجد اهتماما وحلا.
مركز الاستشارات إسلام ويب ليس جديدا علي من أكثر من سنتين، وأنا أتصفح قضاياه ما يهمني منها، وتابعت بالأخص مواضيع الثقة بالنفس، والرهاب الاجتماعي.

أنا طالبة جامعية صغرى 5 بنات، أعاني جدا من الرهاب الاجتماعي، لا أخرج من بيتي إلا للضرورة القصوى، لا أحضر الاجتماعات العائلية ولا مع رفقتي، بدأت أخسر صديقاتي بتجنبي لهن، وأخسر مكانتي الاجتماعية عموما.

طبقت أغلب ما قرأت عن علاج الرهاب، ولموقعكم المفضل الكبير في ذلك .. من مواجهة، ورفع الثقة بالنفس، وتمارين الاسترخاء، ومحادثة العقل الباطن.
وتابعت مع مدربة برمجة لغوية عصبية عبر النت لكن التغيير كان مؤقتا.

يستحيل أن أذهب لطبيب نفسي شخصيا لطبيعة مجتمعي المحافظة جدا، وعدم توفر أطباء نفسانيين به أصلا.

أزمتي تشتد مع اقتراب خروجي لميدان العمل الذي يعتمد على الثقة بالنفس، والمعلومات جدا خوفي من أن يكتشف آخرون -غير عائلتي الصامتة حول المشكل الواضح- رفضت كل متقدم لخطبتي رغم صلاح دين بعضهم خوفا من اكتشاف ما بي والشفقة والسيطرة عليّ، أنا سهل جدا التحكم برأيي، وتصرفاتي وأنا كارهة ومرغمة ودون أن أفتح فمي بكلمة.

إيجابياتي قليلة بالمقابل أني على دين وخلق حسن, ذكية , بارة بوالدي، وأحب الخير للجميع حتى لمن يسيؤون إلي أفكاري، ومشاريعي تجاه عائلتي ومجتمعي كثيرة أطبق منها مالا يحتاج الظهور للعلن.

دلوني ما العمل وأجركم على الله، أدام الله عليكم زينة الدين والعقل والصحة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فشكرا لك على السؤال، وأهلا بك في موقعك، الشبكة الإسلامية، وشكرا على الإطراء.

وباعتبارك جربت كل شئ يتعلق بعلاج الرهاب الاجتماعي، وباعتبار أنك لن تستطيعي مراجعة طبيب نفسي، فما بقي لنا لنصفه لك؟!

سأحاول معك ما لم تحاوليه ربما من قبل! دعيني أقول لك حقيقة ربما تذهب عن أذهاننا أحيانا، إن قلقنا من مظهرنا ومن أعمالنا ومن كلامنا أمام الناس، وتحرجنا منهم ومن ملاحظاتهم وانتقاداتهم لنا، وإن خشينا أنهم سيلاحظون الكثير عندنا مما لا نحب أن نراه أو يعرفوه.

الحقيقة الكبرى، أن الناس عندهم ما يشغلهم عنا، وكما يقال: (فيهم ما فيهم وما يكفيهم)، فهل نعتقد أنهم خلوا مما يمكن أن يشغل بالهم، ولم يعد لهم إلا نحن لينتبهوا إلينا، ويعطوننا اهتمامهم وانتباههم؟

الناس في شغل من أمرهم، وهل هم "فارغون لنا"، ونحن أقل من أن يصرفوا انتباههم إلينا، فمن نحن، وعندهم ما يشغلهم؟!

أقول هذا لأن كثيرا من حالات الرهاب الاجتماعي تقوم على صرف انتباهنا إلى الناس وإلى رأيهم فينا، حيث نعطي رأيهم فينا الكثير الكثير من الأهمية، فنتساءل:
ماذا سيقول الناس عنا؟ وماذا سيظنون فينا وفي شكلنا؟ وفيما نقول؟...... إلى آخر هذه الأسئلة التي لا تنتهي.

وحقيقة الأمر أنه في الواقع ربما نعطي أنفسنا أهمية أكثر مما ينبغي، وكأن الناس لا شغل عندهم إلا نحن!

أقول هذا لأجعلك تتشجعين على اقتحام المواقف الاجتماعية التي تتجنبينها وتحاولين البناء على الصفات الحلوة التي تحدثت عنها في رسالتك من الخلق الحسن والدين والذكاء وبرك بوالديك وحبك الخير للناس، ومشاريعك الأسرية والاجتماعية.

فكل هذا جدير بأن لا يحبس وإنما يخرج ويعيش مع الناس، ولتضعي كل هذه الصفات الحسنة محط المحك العملي في التطبيق والتعايش مع الناس.

أنسي كل ما سمعتيه عن علاج الرهاب الاجتماعي، من علاج سلوكي ومعرفي ونفسي ودوائي، فقد جربت كل شيء ربما إلا الدوائي، ومن الصعب عليك مراجعة طبيب نفسي، أنسي كل هذا ولنقم بشيء واحد، هو الخروج من المنزل، والذهاب لتجمعات الناس، من اجتماعات وأسواق وجامعة ومحاضرات... متذكرة بأن الناس ليسوا "متفرغين" ليضيعوا وقتهم بالنظر إلينا وبمراقبة أعمالنا وتصرفاتنا وكلامنا...

وأنت أيضا عندك ما يشغلك ويصرف ذهنك ووقتك عن "تضييعه" في مراقبة الناس وملاحظة أعمالهم وتصرفاتهم وكلامهم، كل واحد عنده ما يكفيه!

جربي هذا، وأخبرينا ما سيجري معك، هذا إن بقي عندك وقت لتعطينا فيه بعض اهتمامك بنا!

وفقك الله وسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً