الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شبهة الاهتمام بالعلم والتطوير وترك الدين...كيف نرد عليها؟

السؤال

بعض الشباب يقول: تعاليم الدين ليست ما نبحث عنه لنحقق التقدم, والرقي كبقية المجتمعات.

ويضربون المثل بالمجتمعات المتقدمة بالرغم من كثرة الحانات -أماكن شرب الخمر- والحرية الجنسية عندهم، إذن لا يعنينا أن نغلق الحانات حتى نتقدم, بل فقط نكتفي بالعلم، ولا أهمية للدين.

فكيف تردون على هذا الكلام؟

حتى أن بعضهم يقول: دع الدين للشيوخ, أما نحن فسنهتم بالعلم والتطوير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ moslim حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإن هذه العبارة البائدة رددها قبلهم طائفة من المخذولين الذين قال بعضهم: (لابد أن نأخذ كل ما عند القوم حتى القاذورات التي في بطونهم), ووجد أمثال هؤلاء من الحفاوة والتكريم عند أسيادهم ما لا يعلمه إلا الله، ولكن وبكل أسف رجع جلهم بأظافر طويلة, وشعور متدلية، وعقول لا تكاد تفيق من سكر إلا لتقع في مثله، ولم ينجحوا في اختراع، ولم يفلحوا في المجيء بالجديد، وكانوا حرباً على أمتهم وبلدانهم، ونسي أولئك أو تناسوا أن أجدادنا هم الذين وضعوا العلوم المؤسسة لحضارة اليوم، ولم يفِرَّ المجد من أيديهم إلا عندما ابتعدوا عن هذا الدين, واشتغلوا باللهو والمجون.

وحضارة اليوم التي ساهمنا في بنائها بدأت تنهار بفعل وسلوك السفهاء، وما كان لعمرها أن يطول لولا أن الله هيأ لها طائفة من المهاجرين من بلاد العرب والمسلمين, الذين أصبحوا سبباً رئيسياً من أسباب بقاء حضارة اليوم؛ وذلك لأن السكارى -وإن نجحوا في بناء حضارة- فلا يمكن أن يؤتمنوا عليها, أو ينجحوا في تطويرها، ولَيْتَ أولئك المخدوعين عرفوا أن الحضارة والتطور منحة من الله يعطيها لمن يفعل الأسباب، ولكن الاستخلاف والدوام لا يكون إلا لمن بذل الأسباب، وتوكل على الكريم الوهاب، قال تعالى: { ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون}.

وقال سبحانه:{وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً} ما هي المواصفات المطلوبة؟ قال تعالى: { يعبدونني لا يشركون بي شيئاً }.

ولعلك تلاحظ أن هؤلاء المتشدقين لم يفلحوا في ميادين العلم، ولم يعرفوا بالتقوى والصلاح, وتلك خسارة الدنيا والآخرة.

ولا يخفى على أمثالك أن ديننا العظيم يحض على طلب العلم, بل يجعل طلب العلم عبادة, كما قال معاذ بن جبل رضي الله عنه: ( طلب العلم عندنا عبادة ومذاكرة, العلم عندنا تسبيح ,وبذل العلم عندنا صدقة, والسعي والسهر والسفر من أجل العلم جهاد, ومن أراد الدنيا فعليه بالعلم, ومن أراد الآخرة فعليه بالعلم, ومن أراد الدينا والآخرة فعليه بالعلم ) والإسلام دين يحض على بالعلم في كل مجالاته وميادينه، ويضمن الثواب والفلاح للمخلصين في طلبهم للعلم الحريصين على نفع البلاد والعباد.

وهل يظن أولئك المخدوعون أن سبب التطور هو الخمور والفجور؟ وهل يظن هؤلاء أن الدين يحارب التطور؟ وليت هؤلاء علموا أن المسيحية المحرفة هي التي حاربت العلم وأهله، وأن سبب تلك الحرب هي قول علماء النصارى ببعض الاكتشافات العلمية التي سمعوها من علماء المسلمين.

ومن أسباب ذلك وقوف طائفة من علماء النصرانية المحرفة في وجه العلماء في ذلك الوقت، والسبب هو الغزو الثقافي من قبل المسلمين، فنشأ العداء للدين، وفضل المسلمين على الحضارة مما شهد به ألد الأعداء.

وكم تمنينا أن يبرز أحد أولئك بإنتاج, أو ابتكار علمي، وليتهم أدركوا أن التفوق في المعامل والقاعات إنما هو للطلاب الملتزمين الذين لم ينشغلوا باللهو والمجون، وكل هذا مما يبشر بالخير, وهو أبلغ رد على المثبطين، والقصص والنماذج يطول ذكرها، ولا أظنني بحاجة إلى توضيح الواضح، ونسأل الله الهداية لشبابنا, ومرحباً بكم.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً