الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الارتباك والرجفة أثناء التعبير الشفهي أمام الطلاب... فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله تعالى بركاته

منذ فترة أرسلت لكم رسالة أشكو فيها عن قلقي وارتباكي عندما أقوم بتعبير شفهي أمام الصف، نصحتني أن أحاول أن أركز على توصيل الفكرة والتخيل!

حاولت لكن لم أستطع منذ فترة كان عندي تعبير شفهيا في اللغة الفرنسية، وكنت هادئة، إلا أني أصبحت أمام الصف مثل عادتي بدأت أرتجف وأحسست باختناق وصرت أنطق بصعوبة! وارتبكت وسرت أقرأ، مع إني كنت حافظة وجاهزة، وهذا الشيء يزعجني ويحرجني جدا، من بعد هذا التعبير، قال لي صديقي بدافع الشفقة: ( مع أني أعرف نيته الحسنة) فعلت جيدا مما جرحني أكثر، وأشعر أني صغيرة.

عندي تعبير شفهي بعد أسبوعين أشعر بتوتر غير طبيعي، أنا لا أخاف من الناس أنظر إليهم، وأقول بيني وبين نفسي ما المشكلة؟

للأسف لم أجد الجواب، كنتم قد ذكرتم أن عندي قلقا نفسيا، لا أعلم إذا كان هذا سبب مشكلتي الأخرى، وهي تغير مزاجي الدائم، أنا بحاجة ماسة إلى مساعدتكم؛ لأني أعلم أنني سأظل أفعل تعبيرا شفهيا إلى أن أنهي دراستي الجامعية، وكما ذكرت تعبيري القادم بعد جمعتين...

بارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Mouslima حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فنحن لا زلنا على ثقة كبيرة أن مشكلتك هذه مشكلة بسيطة، بالرغم مما تسببه لك من قلق وتوتر وإزعاج.

هذه الحالة هي نوع من القلق النفسي، والقلق مطلوب عند المواجهة، وذلك لأنه يحفز الإنسان ويجعله في وضع جاهز لمواجهة الموقف، لكن في بعض الأحيان هذا القلق في بعض الأحيان قد يزيد عن المعدل الطبيعي ويؤدي إلى مثل هذه الحالة التي ظهرت عندك، وهذا نسميه بالرهاب الاجتماعي الظرفي، أي الخوف الذي يحدث في موقف اجتماعي يتطلب المواجهة بالرغم من هذا الموقع عادي أو شبه عادي، لكن تحدث فيه هذه التفاعلات التي تحدث لك.

هنالك نقطة مهمة أود أن أوضحها لك، وهي أن ما شعرت به من اختناق وصعوبة في النطق وارتباك، هذا تصور وشعور مبالغ فيه، وأنا أؤكد لك حقيقة مهمة جدًّا وهي أن الآخرين لم يشعروا بما كنت تشعرين به، إذن لا يوجد أي نوع من الحرج أو الإدانة الاجتماعية، والزميل الذي ذكر لك أنك فعلت جيدًا، أعتقد أنه صادق فيما ذكره، وحتى إن كان يريد أن يشجعك، لكن إذا كان أدائك بمستوى ضعيف لا أعتقد أنه سوف يُقدم على مثل هذه القولة وسوف يتجنبك تمامًا، ما ذكرته لك مهم، ونسميه بتصحيح المفاهيم، وحتى تزداد قناعاتك أحكي لك تجربة بسيطة جدًّا قام بها أحد العلماء، هذا العالِم هو عالم نفسي قام بتصوير حوالي عشرين شخصا يعانون من الرهاب الاجتماعي، قام بتصويرهم خلال وجودهم في مواقف اجتماعية تتطلب المواجهة، وكان هذا التصوير دون علمهم، وبعد أن حضروا له في العيادة وقام بتدارس هذه الصور وهذا الفيديو معهم اقتنعوا كلهم أن مشاعرهم كان مبالغ فيها، فمن كان يعتقد أنه كان يتلعثم كان نطقه جيدا جدًّا، ومن ظن أنه كان يرتجف هذا لم يحدث، ومن كان يعتقد أنه يتعرق لم يظهر ذلك في الصورة.

فهذا دليل قاطع أن ما يشعر به الإنسان الذي يحس بالرهبة لا ينعكس على الآخرين، وهذه حقيقة مهمة جدًّا.

ثانيًا: هذا النوع من الخوف ليس جبنًا وليس ضعفًا في شخصيتك أبدًا، وهذا نسميه بالرهاب الاجتماعي الظرفي، أي المرتبط بأشياء معينة، وهي حالة عابرة وسوف تنتهي تمامًا.

ثالثًا: كخطوة علاجية جيدة: دائمًا عيشي خيالا مكثفا كأنك في وضع اجتماعي يتطلب المواجهة، عيشي هذا الخيال لمدة عشرة دقائق على الأقل، تصوري أنك سوف تقومين بالتعبير الشفوي أمام عدد كبير جدًّا من الناس، تصوري أنه طلب منك فجأة أن تحضري موضوعا معينا ثم تقومين بإلقائه أمام المعلمين.

هذه مواقف قد تحدث في الحياة، فأنت قومي بهذه التصورات، وأريدك أيضًا أن تقارني نفسك مع الذين يقومون بأداء هذه الأدوار التي تتطلب المواجهة دون أي مشكلة، وأؤكد لك أن كل من يقف أمام الناس يأتيه قلق، لكن المهم هي إدارة القلق، أن أعرف أن هذا القلق أو هذا الخوف هو خوف ظرفي وسوف ينتهي، وهذه حقيقة علمية.

رابعًا: أريدك أن تتدربي على تمارين الاسترخاء، خاصة تمارين التنفس المتدرج، لتعلم هذه التمارين أرجو أن تتصفحي أحد المواقع على الإنترنت التي تشرح كيفية أداء هذه التمارين.

خامسًا: أنصحك بتناول دواء بسيط دواء سليم، دواء فاعل، ولا يتطلب وصفة طبية، الدواء يعرف تجاريًا باسم (زيروكسات) ويعرف علميًا باسم (باروكستين) ويسمى في أمريكا الشمالية، وكندا باسم (باكسيل) تبدئين بعشرة مليجرام - أي نصف حبة - تتناوليها يوميًا بعد الأكل لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعليها حبة كاملة لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضيها إلى نصف حبة يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم اجعلها نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة عشرة أيام أخرى، ثم توقفي عن تناول الدواء.

الدواء فعال وسليم، وأريدك أن تأخذي الوصفة العلاجية متكاملة، فالجانب السلوكي يجب أن يُطبق، والدواء يجب أن يتم تناوله، ويجب أن تصححي مفاهيمك، وأن تعرفي أن هذه الحالة حالة عابرة، وهذا إن شاء الله سوف يساعدك كثيرًا.

أتمنى لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • عمان manal

    موضوع راااااائع جدا وشكرا ع المعلومات المفيده لان بصراحة أتمنى م فتره أن أجد موضوع وحلول لتلك المشكلة ....

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً