الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا أستطيع مواجهة والدي بسبب خوفي الشديد منه... فما الحل؟

السؤال



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

في البداية أتقدم لكم بجزيل الشكر والعرفان على كل ما تقدمونه في سبيل إيجاد حلول لجميع مشاكل الأشخاص، فأسأل الله أن يجزيكم الخير، وأن يكتب ما تقدمونه في ميزان حسناتكم.

أنا لدي مشكلة منذ فترة طويلة، وهي أني أحس بخوف شديد من مواجهة والدي، مع أني أسكن معه بنفس البيت، ولكني أجلس في غرفة خاصة فيه في الدور الأعلى من البيت، وهو في الدور الأسفل، وصراحة عندما يكون متواجدا في البيت لا أستطيع أن أنزل من غرفتي حتى لو كنت مضطرا لأني أشعر بالخوف، وعدم الارتياح، ولا أدري ما السبب؟

قد أكون تعرضت لـ مواقف من أبي في صغري قد تكون هي السبب، ولكني أحاول دائما أن أنساها، وأتجاهلها، وأحاول دائما أن أضغط على نفسي من أجل كسر هذا الخوف، ولكن من دون جدوى حتى أن الوالد بدأ يغضب من تجاهلي له، وأنا أيضا بدأت أفقد الأمل من تغير حالتي، وبدأت الوساوس تأتيني من كل ناحية وتؤثر علي، وأصبحت أعتقد أنني عاق لـ والدي، مع أني ولله الحمد لا أرفض له طلبا، أحيانا يطلب مني بعض الأمور أنفذها له، ولكني لا أتحدث معه، ولا أجلس معه من خوفي منه، أو حتى خوفي من أن أتحدث بكلام قد يغضبه.

بشكل عام أنا أصلا لا أحب التحدث مع الأشخاص، مع أني أتمنى أن أكون إنسانا اجتماعيا، وليس إنسانا انطوائيا.

أتمنى أن أكون قد شرحت لكم مشكلتي بشكل جيد، وإن شاء الله أجد الحل المناسب عندكم، وأتمنى أن تفيدوني بأي علاجات قد تساعدني في تحسين حياتي، لأني بالفعل بدأت أكرهها لأن حياتي بلا هدف، وبلا أي شيء يسعدني، مع العلم أنني ولله الحمد محافظ على الصلوات.

ولكم جزيل الشكر على ما تقدمون.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عادل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإن العلاقة مع الوالدين كما تعرف يجب أن تكون قائمة على البر والإحسان والمحبة والتقدير والاحترام.

الخوف الذي تعاني منه لا مبرر له أبدًا، يظهر أنك قد قبلت بالفكرة وأصبحت تتجنب والدك، ولذا تولدت لديك مخاوف أشد، وأصبحت في حالة من الانعزال وضعفت علاقتك بوالدك للدرجة التي ظننت أنك عاق، إن شاء الله تعالى لا يوجد عقوق، لكن بالطبع توجد مشكلة لابد أن تعالج، حتى وإن كانت هذه المخاوف - وإن كانت تشمل الآخرين، بمعنى أنه لديك مخاوف اجتماعية عامة – يجب أن لا تكون هذه المخاوف حول والديك على وجه الخصوص، هذه فكرة سخيفة، والشيء السخيف يجب أن لا يقبله الإنسان أبدًا.

قم بوضع خطوات عملية تتخلص من خلالها من هذه الأعراض التي تعاني منها، أول ما تبدأ به: أنصحك أن تذهب مع والدك إلى المسجد للصلاة، صلاة الجمعة مثلاً، هذه فرصة عظيمة وطيبة ويوم تلتقي فيه الأسرة، اذهب معه للصلاة، صلي معه، ثم احضر إلى المنزل، وكلمات المجاملة والمحبة العادية كالسلام، سلِّم عليه، تُحبه في رأسه أو يده، هذه كلها أمور بسيطة وبسيطة جدًّا وسهلة جدًّا.

ليس معنى أن الإنسان إذا أتته مخاوف أو أحس بعوائق تمنعه من القيام بخطوات معينة، يجب أن لا يقبل هذا، لماذا أقبلُ شيئًا غير منطقي وسخيف؟ .. خاطب نفسك، راجع نفسك، وسوف تجد أن الأمور إن شاء الله تعالى سوف تتطور.

فالبدايات تكون بأن تخرج مع والدك للصلاة، شاركه أيضًا في المناسبات الاجتماعية – هذه مهمة جدًّا – قل له (يا والدي أريد أن أذهب معك للأفراح وللأتراح – مثلاً – زيارة الأرحام) حاول بعد ذلك أن تشاركه في شؤون البيت، خذ منه بعض الأعباء التي يتحملها، وهنا تضطر بأن تتفاعل معه.

إذن الفكرة هي فكرة يجب أن لا تُقبل ويجب أن لا تُنفذ، ومن الخطأ جدًّا أن ينساق الإنسان من خلال مشاعره ويتحرك على ضوء ذلك.

أنا أريدك أن تبدأ بالأفعال، والمشاعر سوف تتغير تمامًا، بعد ذلك حضر نوعا من المواضيع البسيطة التي تتطرق لها حين تقابل والدك، ويمكن أيضًا أن تستفيد من وجود الآخرين في المنزل، والدتك مثلاً - إذا كانت موجودة – إخوانك أخواتك، ومن خلال وأنت كفرد في الأسرة تفاعل معهم، وهذا يساعدك أيضًا على التفاعل مع والدك.

يجب أن تذكر وتتذكر دائمًا أن والدك له حقوق شرعية عليك، هذا إن شاء الله يحفزك جدًّا نحو أن تبدأ بالمبادرات وأن تكون حريصًا على التفاعل معه.

بالنسبة لبقية المخاوف: هذه تعالج على نفس النسق، وهو المواجهة، التفاعل الاجتماعي. وأنت لم تذكر إن كنت تعمل أم لا، لكني أنصحك بالتفاعل في محيط العمل أو الدراسة، مارس الرياضة مع مجموعة من الشباب، هذه كلها تنمي من مقدراتك ومهاراتك الاجتماعية تحسن مقدرتك على المواجهة.

أنصحك أيضًا بأن تتناول دواء بسيطا مضادا للمخاوف. الدواء يعرف تجاريًا باسم (زيروكسات) وجرعته هي أن تبدأ بنصف حبة (عشرة مليجرام) تناولها يوميًا ليلاً بعد الأكل، واستمر عليها لعشرة أيام، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى نصف حبة يوميًا لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء. هو دواء جيد جدًّا، مضاد للخوف، وإن شاء الله تعالى يجعلك أكثر جرأة وإقدامًا في أن تخالط الناس وأن تتفاعل معهم على وجه الخصوص والدك والذي هو أحق بالبر.

أنا سعدتُ جدًّا في أنك محافظ على الصلوات، وهذا أمر نسأل الله تعالى أن ينفعك به وأن يتقبل منك، وكما ذكرت لك ابدأ بأن تذهب مع والدك للصلاة، هذه بداية طيبة وجميلة وفي محيط مطمئن، وإن شاء الله تعالى تكون بداية فعالة جدًّا لإزالة كل الحواجز التي بينك وبين والدك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً