الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الكآبة والكدر وأرغب بالموت مع أني لم أكن كذلك من قبل!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أشكر لكم جهودكم في موقعكم الرائع، وأسأل الله لكم الأجر والثواب.

أنا فتاة عمري 22 سنة، أدرس في الجامعة تخصص نظم معلومات إدارية،
أشعر بأنني أمر بحالة غريبة، منذ زمن أصبحت لا أهتم بدراستي أبداً، وأتغيب عن الجامعة بالأسابيع، أصبحت مهملة جداً، مع العلم أنني لم أكن كذلك سابقاً، فقد كنت من المتفوقات، لكن الآن تغير كل شيء، حتى أنني أفكر في ترك الدراسة، مع أنني كنت متحمسة جداً لهذا التخصص، لأنني أحبه.

أصبحت متقلبة المزاج، وكثيراً ما أشعر بالكدر، وأصبحت عصبية جداً، فأدنى شيء يجعلني عصبية، وذلك ما سبب لي ارتفاعاً بضغط الدم.

أنام كثيراً، وغالباً لا أذهب إلى الجامعة بسبب النوم، حتى لو أنني نمت مبكراً، غالباً ما أشعر بضيق في التنفس والاختناق والرغبة في البكاء، وكثيراً ما أردد: (أكره حياتي, الله يأخذني, يا رب متى أموت وأرتاح من حياتي) كل هذا يحدث عندما أكون لوحدي، لكن عندما تأتي صديقتي أو ابنة خالتي لزيارتي، أو عندما أذهب إلى الجامعة أتصنع الضحك وأضحك معهم، ولا أشعرهم أني حزينة أو كئيبة، لأني لا أرغب أن يكون أحد ما متضايقاً بسببي، ودائماً ما أضحكهم وأشعرهم بالفرح.

ليس لدي ثقة بنفسي أبداً، بسبب سمنتي التي حاولت كثيراً أن أخفف منها، لكنني أفشل في كل مرة، وأشعر أن كل شيء محبط.

بعد وفاة والدي رحمه الله السنة الماضية ازدادت هذه الأعراض التي أشعر بها، لكن العصبية وإهمال الدراسة لم تحصل إلا بعد وفاته، ووالدتي مقعدة بسبب جلطة دماغية أصابتها منذ 8 سنوات، وأنا من أعتني بها، لكنني في الفترة الأخيرة لم أعد أهتم بها ولا بنفسي ولا بأي شيء، حتى الاجتماعات أو الزيارات العائلية لا أحب حضورها وأعتذر دائماً عنها.

لا أعلم ماذا أصابني؟ لماذا وصلت إلى هذا السوء؟ وقد حاولت أن أضع جدولاً لأنظم حياتي، لكني لم أستطع الالتزام به، أريد منكم المساعدة لأعود كما كنت، أرجوكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نورة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

افتقاد الطاقات النفسية والجسدية، وضعف الرغبة في الأداء والتدهور الأكاديمي، والشعور العام بعدم الراحة، وكثرة النوم، مع وجود السمنة، هي علامة من علامات الاكتئاب النفسي من نوع خاص، ونشاهده لدى صغار السن، أي في مثل عمرك، وهنالك دراسات كثيرة جدًّا حول هذا الموضوع.

هذا الاكتئاب لا يعتبر اكتئابًا نموذجًا متطابقاً متماثلاً لما يعرف بالاكتئابات النفسية الشائعة، لكن هناك دراسات تقول أن خمسة إلى عشرة بالمائة من هذا النوع من هذا الاكتئاب موجود، وأعتقد أنك قد أحسنت عرض حالتك وتفصيل أعراضك للدرجة التي أسأل الله تعالى أن أكون قد وُفقنا إلى التشخيص.

العناية بوالدتك المصابة بالجلطة لا شك أن هذا أمر إيجابي جدًّا، وهذا -إن شاء الله- نوع من البر الذي نسأل الله تعالى أن يثيبك عليه، والاكتئاب ربما يقلل حماسك والدافعية عندك للاهتمام بوالدتك، لكن كوني حريصة وابذلي أقصى طاقة ممكنة حتى لا تحسي بالذنب، ونحن نعرف أن العناية بالشخص المُقعد قد تكون مجهدة جدًّا لمن يقوم بخدمته، لكن مع الصبر واستشعار أهمية بر الوالدين واحتساب الأجر -خاصة في مثل ظروفك- هذا الأمور تحسن إن شاء الله الدافعية لديك.

هذه الحالة يمكن أن تعالج عن طريق الأدوية، واتباع منهج التفكير الإيجابي وتجنب أن تنساقي وتنقادي مع مشاعرك السلبية، وحاولي أن تقومي بنماذج عملية تطبيقية لأداء المهام اليومية مهما كان ذلك صعبًا على نفسك، لأن التراخي والتكاسل يُنقص الهمة النفسية ويجعل المشاعر سلبية، وهذا يؤدي إلى المزيد من الاكتئاب، أما الإنسان إذا دفع نفسه ضد مشاعره وضد رغبته وقام ببعض الامتيازات فسوف يجد في نهاية الأمر أن المشاعر قد تحولت وأصبحت مشاعر إيجابية جدًّا بعد أن كانت سلبية وتقود إلى الكدر والشعور بالكرب والاكتئاب.

هذه النظرية مهمة، أي نظرية الإنسان المكتئب يجب أن لا ينقاد لمشاعره، إنما ينقاد بأفعاله ويقيمها بأفعاله لا بمشاعره.

إذا كان بالإمكان أن تذهبي لمقابلة طبيب نفسي فهذا جيد جدًّا، سوف يوجه لك المزيد من الإرشاد، وفي نفس الوقت سوف توصف لك أدوية، وأنا أعتقد أنك في حاجة ملحة لدواء مضاد للاكتئاب خاصة هذا النوع من الاكتئاب، والحمد لله تعالى الأطباء في المملكة كثر، وإن صعب عليك الذهاب إلى الطبيب فتشاوري مع أهلك، ومن ناحيتي أقول لك أن الدواء الأنسب لحالتك هو عقار يعرف تجاريًا باسم (بروزاك) واسمه العلمي هو (فلوكستين) هو دواء سليم جدًّا، وغير إدماني ولا يؤثر على الهرمونات النسائية، ولا يحتاج لوصفة طبية في معظم الدول.

جرعة البداية هي كبسولة واحدة في اليوم، يمكن تناولها بعد الأكل لمدة شهر، بعد ذلك ترفع الجرعة إلى كبسولتين في اليوم – أي أربعين مليجرامًا – وهذا النوع من الاكتئاب يتطلب أن تستمري على الدواء بهذه الجرعة لمدة أربعة أشهر، بعدها تخفض الجرعة إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة أربعة أشهر أخرى، ثم إلى كبسولة يومًا بعد يوم لمدة شهرين، ثم يتم التوقف عن تناول الدواء.

دراسات كثيرة جدًّا أشارت إلى أهمية الرياضة، ليس لتقوية الأجسام وتخفيف الوزن فقط، لكن وجد أن الرياضة تؤدي إلى ترميم خلايا الدماغ خاصة المتعلقة بوجود الاكتئاب النفسي، وهذا يعني أن الرياضة تصحح من الإفرازات الكيميائية المتعلقة بما يعرف بالموصلات العصبية، وهذا ينتج عنه إن شاء الله تعالى إزالة الاكتئاب وتحسين الدافعية، فيجب أن تعطي الرياضة وقتا، ونسأل الله تعالى أن ينفعك بها، وأرجو أن تذهبي إلى الطبيب، وطبقي الإرشادات التي ذكرناها لك، وتناولي الدواء كما وُصف، وهذا إن شاء الله فيه خير كثير لك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية بهجت

    قد يكون عندها كسل في الغده الدرقيه

  • فلسطين رهف

    موضوع ممتاز

  • السعودية جاكيز خان

    اسال الله لكي اشفاء وافضل علاج هو القران داومي عليه

  • هولندا موت

    كمان انا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً