الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صديقتي أدمنت حبي وترفض التخلي عني وتركي .. فكيف الخلاص؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

أنا طالبة في الصف الثالث ثانوي .. أجد قبولاً ممن حولي بشكل كبير، يقال لي دائماً بأن لي شخصيةً جذابة وغموض يثير الفضول، يعجبهم كثرة صمتي وحبي للوحدة وكثرة استماعي للآخرين، دائماً ما يمدحون ثقتي بنفسي، لي ملامح جميلة متفوقة في دراستي، وأمتلك ذكاء عاليا -والحمد لله- دائماً ما يتقرّب مني الأخريات برغبة التعرف علي.

لي صديقات يتمسكن بي بشده -لدرجة الغيرة- ومنهنّ من لا يستطيع الاستغناء عني! أُجبِرت على الانتقال إلى مدرسة جديدة -ثاني ثانوي- معروفة بما يسمى بـ "الإعجاب بين الفتيات".. منذ أيامي الأولى أخذت البنات تتقربن منّي، وتتعرفن علي حتى من الصفوف الأخرى!

منهنّ من عرضن عليّ الارتباط معهنّ بعلاقة حب! لكنّني أرفض هذا المبدأ تماماً.
وادعوا الله دائماً بأن لا يجعل في قلبي أحدا غيره.

ولكنني لم أكن أمانع بأن يصبحن صديقاتي، تقربت مني أحداهن على أنها "صديقتي" لكنّني بدأت ألاحظ تصرفاتها، كلامها ونظراتها الغريبة تجاهي.!

علمت بعدها بأنها من الطالبات المنحرفات -هداها الله- فاتحتها في الموضوع، وطلبت منها الابتعاد عني ونسياني! لكنها كانت ترفض، وبشدّه اشتدّ حبها لي أكثر، ووصلت غيرتها عليّ حدّ الجنون!

أصبحت لا ترى غيري، ولا يهمَها سواي! تحاول احتضاني دائماً، والاقتراب مني، وإمساك يدي تفتش أغراضي، وتنبش ماضيّ وتبحث عن كل ما يخصني، تحلم بي، تكتب عني خواطر غرامية، ولا تكف عن التفكير، والتحديق بي وسماع الأغاني التي طالما طلبت منها تركها، ولكن بدون جدوى.

بدأت تضايقني كثيراً، وأحيانا كنت أوبخها بشدّه واجرحها أمام الآخرين، تبكي وتتعذَب دائٍماً بسبب ذلك، ولكنها ترجع لي من جديد، أهانت نفسها من أجلي كثيراً.

حاولت إقناعها بالابتعاد عني، ولكنها ترفض، وتقول بأنها "أدمنت حبي " ولم تعد تستطيع!! حين حاولت النقل إلى مدرسه أخرى كادت تموت دخلت المشفى، وكانت لا تأكل، لا تنام، ولا تكف عن البكاء تترجّاني بشدّه بأن لا أبتعد عنها، تقول بأنني أعني لها كل شيء في الوجود، لا تريد تركي حتى بعد التخرج، لا تريد تركي أبدا مهما حدث ولا تتعاون معي لأساعدها -بالتدريج- على نسياني.

أخاف عليها كثيراً وأتعذب بسبب قسوة تعاملي معها وادعو الله لها، أدمنت حبي..! فماذا أفعل لأجلها..
أرشدوني جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نورة .. حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد:

شكرا لك على السؤال المثير والذي يطرح عددا من المواضيع.

قد تتفاجئين عندما أقول أنه لابد أنه كانت هناك بعض التصرفات البسيطة والصغيرة التي صدرت منك، والتي ربما فسّرتها هذه الصديقة على أنها تجاوبا منك للخطوات التي كانت تقوم بها، ولو في بداية الطريقة، والخطوات الأولى لهذه العلاقة، وهذا لا يعني أبدا أنك كنت تتقصدين مثل هذه التصرفات، والغالب أنك كنت تتصرفين بهذه الطريقة من باب حسن القصد والنيّة، وإن لم تتوقعي أن تتطور الأمور بهذا الشكل.

ومن الواضح من سؤالك أنك مقتنعة بأن هذه العلاقة من قبل هذه الفتاة ليست من مصلحتك، ولا مصلحتها هي أيضا، وإلا لما كنت قد كتبت إلينا، فكيف السبيل الآن.

لا تتوقعي أن تستيقظ هذه الفتاة يوما فتقول لك، بأنها ستتغيّر وتتوقف عن علاقتها بك، والتي بدأت تخرج عن الطور، فلا تتوقعي هذا، إلا أن تحدث معجزة ليست بالحسبان، إلا أن الأرجح أن تسير الأمور نحو مزيد من التعلق بك وتعقـّد الأمور، مما يجعل المهمة الكبيرة تقع عليك، فأنت من سيقوم بإخراج نفسك من هذا الموقف الصعب.

وليس هناك من طريقة تقومين بها لإنهاء هذه العلاقة مما توافقك هذه الفتاة عليها، فهما حاولت القيام به فهي ستحاول مقاومته وإفشاله، ولابد لك من التحلي بالجرأة والشجاعة، وأنت تقومين بقطع هذه العلاقة، وهكذا أحيانا نجد أنفسنا أمام موقف لابد فيه من اتخاذ قرار حازم، ولا تردد فيه. وأؤكد هنا أنه لا ينفع أبدا، بل هو ضار جدا أن يكون هناك بعض التردد في هذه الخطوة، فهذه الفتاة قد تسيئ مجددا تفسير هذا التردد لو حصل، ولابد لها من سماع موقف واحد واثق، من أنك لن تقبلي أبدا أن تستمر هذه العلاقة في أي حال من الأحوال، وأنك تفعلين هذا إرضاءً لربك وخـُلقك ودينك والأعراف والتقاليد وكل شيء كريم نعرفه، وأن هذا ليس للنقاش أو تبادل الرأي، أو الرأي الشخصي، أو الرغبات الخاصة.

طالما أنك لن تتعلقي بها كما تعلقت بك، فأنت في النهاية مسؤولة عن نفسك، وفي العادة نقول عادة أن يحاول الإنسان مساعدة الآخر، إلا أن في مثل هذا الموقف من الأسلم أن تنقذي نفسك من هذا الموقف الحرج، سواء كان بالانتقال لمدرسة أخرى، أو بمجرد الابتعاد عنها وعدم فتح المجال لها، ويمكنك أن لا تعاني بصمت، وإنما تفاتحي بالأمر من يمكن أن يقف معك، ويساعدك على إحداث هذا التغيير.

وفقك الله ويسّر لك الخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مجهول حائره

    اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً