الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وسواس الوضوء أرهقني، كيف أتوضأ وأصلي بدون وساوس

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاة في السادسة عشرة من عمري، كلما ذهبت إلى دورة المياه -أكرمكم الله- أريد أن أتوضأ لأصلي فتكثر لدي الغازات، إلى درجة أنه في مرة من المرات توضأت سبع مرات حتى استطعت أن أصلي الفجر، فهل هذا عقاب من الله أم ماذا؟ تعبت نفسيتي من هذا جداً، فأصبحت أقضي نصف يومي في دورة المياه، وأشعر بالإحراج من أهلي، والآن أصبحوا يظنون أن بي وسواساً، وفي بعض المرات أشعر أن وضوئي أو صلاتي غير صحيحين، فأعيد الوضوء أو الصلاة، فلماذا يأتيني هذا في وقت الوضوء فقط؟ ساعدوني جزاكم الله خيرا.

إضافة: قبل 3 سنوات تقريباً أو أقل بدأت عندي عادة تقطيع شعري، فأصبحت لا أحب الشعر المقصف، وشعري ليس ناعماً جداً، فكنت أقطع أي شعرة أتحسس ملمسها الخشن، وأصبحت يدي لا تفارق شعري، وأفعلها بشكل لاإرادي، حتى وإن أجبرت نفسي على عدم قطع شعري أشعر بشيء يلح علي بتقطيع شعري، مع أنه يؤلمني إن قطعته من الجذور، ولكني في بعض الأحيان وأنا أقطع شعري أقول في نفسي حين أقطعها (لا تستحقين العيش) تعبت جداً، ولا أكاد أفعل شيئاً، وكأن يدي مكبلة بحديد مع شعري، فما الحل؟

وفقكم الله لما يحبه ويرضاه.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ASMA حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإعادة الوضوء وتكراره بالصورة التي ذكرتها هذه حالة نسميها بالوساوس القهرية الفعلية، وعادة تقطيع ونتف الشعر أيضًا يعتبرها علماء النفس كأحد المؤشرات التي تشير إلى وجود قلق نفسي من النوع الوسواسي.

إذن إذا دمجنا الحالتين مع بعضهما البعض نقول لك أن الذي تعانين منه هو قلق الوسواس، وقلق الوساوس يوجد لدى الأطفال في بعض الأحيان وكذلك اليافعين في مثل عمرك، وقد يصيب أيضًا الشباب في سن متأخرة، وكذلك في أواسط العمر نشاهده كثيرًا، وقلما يصيب كبار السن.

الوساوس كثيرًا ما نجدها لدى الناس الطيبين ومن ذوي الضمائر العالية جدًّا، والوسواس المتعلق بالدين قولاً أو فعلاً كثير جدًّا في منطقتنا، وهو إن شاء الله تعالى دليل على خيرية هذه الأمة، والعلاج يتمثل في الآتي:

أولاً: افهمي أن هذه وساوس، وبما أن الوساوس دائمًا متسلطة ومستحوذة فأفضل طريقة لعلاجها هي أن يحقرها الإنسان، أن لا يتبعها، وأن يعرف أن مقاومتها واستبدالها بفعل مخالف هو وسيلة العلاج الأساسية.

ثانياً: الفكر الوسواسي قد يسبق الفعل الوسواسي، فالفكر يعالج عن طريق إيقافه، قولي للفكرة الوسواسية: (قفي قفي قفي) أي فكرة خروج الغازات وكذلك فكرة الشك في الوضوء. مخاطبة الفكرة وتحقيرها هي بداية العلاج، ومن ثم عدم اتباع الفعل الوسواسي.

ثالثاً: وجدنا أن من الطرق الممتازة جدًّا لمقاومة وساوس الوضوء هي أن تتوضئي باستعمال إبريق أو إناء به ماء ولا تتوضئي أبدًا من ماء الصنبور مباشرة، وحين تضعين الماء في الإبريق أو في قنينة تذكري دائمًا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – وهو قدوتنا في كل شيء، كان يتوضأ بمُد – أي رطل وثلث، يعني 508.75 جرام - وكان يغتسل بصاع – خمسة أرطال وثلث، أي 480 مثقال، والمثقال 4.25 جرام، يعني 2040 جرام - وأن الإسراف مذمومًا في ديننا. بعد ذلك اشرعي في الوضوء، وابدئي بالنية كما هو معروف، ثم حتمي على نفسك غسل اليدين مثلاً، قولي: (الآن قمت بغسيل اليدين) ثم بعد ذلك انتقلي للمضمضة، وانتقيها شفاهة مع نفسك، أسمعي نفسك، قولي (الآن أنا قمتُ بالمضمضة، ثم بالاستنشاق، فالاستنثار، فغسل الوجه) وهكذا. أي قومي بالفعل المطلوب في الوضوء وحتمي على نفسك، ودائمًا تذكري أن كمية الماء محدودة ولا يوجد غيره، وهذا -إن شاء الله تعالى- يجعلك تقتنعين تمامًا بأنك بهذه الطريقة سوف تتحكمين في كمية الماء، ولا تعيدي الوضوء أبدًا.

عملية التكرار للوضوء ليست دليلاً على غضب الله تعالى أبدًا، فهي عادة قلقية وسواسية، وكما ذكرت لك هي دليل على اهتمامك بدينك، وأن الشيطان عجز عن أن يغلبك في أمر الصلاة وتركها، فجاءك من ناحية أخرى وهي الوسوسة في الوضوء أو الوسوسة في الصلاة، ولذا يجب أن يستعيذ الإنسان من الشيطان الرجيم، وألا يتبعها ولا يكرر، ويبني على اليقين لا على الشك.

نفس الشيء بالنسبة لعملية نتف الشعر وقطعه، هذه اعتبريها عادة سيئة، ليست طيبة، قاوميها، وسوف تجدين الأمر كان أيسر مما كنت تتصورين، وأشغلي نفسك بشيء غير نتف الشعر، بالقراءة، بالاستغفار، بالتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير.

ربعاً: أنت في حاجة لعلاج دوائي، لكني أريدك أن تطرحي أمر العلاج الدوائي على أسرتك، وناقشيهم في ذلك، وإن وافقوا أن تذهبي إلى طبيب نفسي هذا أفضل كثيرًا، وإذا كان من الصعب الذهاب إلى طبيب نفسي فاعرضي عليهم أنك في حاجة لعلاج دوائي، والعلاج الدوائي الأفضل في حالتك هو عقار يعرف تجاريًا باسم (بروزاك) واسمه العلمي هو (فلوكستين) والجرعة المطلوبة هي كبسولة واحدة في اليوم، يتم تناولها بعد الأكل لمدة شهر، بعد ذلك ترفع إلى كبسولتين في اليوم لمدة شهرين، ثم تخفض إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر، ثم إلى كبسولة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم يتم التوقف عن تناول الدواء. هو دواء سليم وفعال جدًّا وغير إدماني.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الجزائر خديجة

    الله يحفظهم

  • فلسطين مصطفى

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاتو الوسوسة هي وسوسة من الشيطان نعوذ بلاه منه وطبعا اذا بدك توضي اذا اذا شعرتي انك غلطي في الوضوء عيدي مرت واحد بل ان الشيطان ياخرك عن مو الصلات لاكن اذا في الصلاة حسيت انك غلطة مرة واحدة عيد لانه صبق وقلت انه وسوسة من الشيطان وشكران هذه كل معلوماتي

  • المغرب MANAR

    MERCI BEAUCOUP SES TRES BIEN

  • العراق اساور

    بارك الله فيكم

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً