الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من وساوس كثيرة في الطهارة والصلاة، أرجو المساعدة.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

جزاكم الله كل خير عما تقدمونه للمسلمين وجعله في ميزان حسناتكم.

أنا أعاني من وساوس كثيرة وأرجو ألا أثقل عليكم إن بعثت أحيانا برسائل أشرح فيها مختلف الوساوس جزيتم كل خير.

أنا أعاني من وسواس الطهارة حيث إنني أجلس في دورة المياه أعزكم الله ربع ساعة أو ثلثها أو أكثر من ذلك، وأرجو أن تسامحوني إن ذكرت بعض التفاصيل المحرجة، فليس ذلك عن قلة حياء، ولكن الله أعلم بحالي، عندما أتبول أعزكم الله فإن البول قد ينعطف أحيانا على الجانبين فأضطر للاستنجاء من الوسط (مخرج البول) 3 مرات ومن الجانبين كل منهما 3 مرات أي 9 في المجموع، أو في بعض المرات حينما أكون مضغوطة قد أغسل أكثر من ذلك لوصول البول أعلى قليلاً.

كما أنني تعبت فيما مضى من كثرة إزالة الملابس لإحساسي برش نفسي، وأوصتني أمي بالنظر لنعلي فإن رأيت فيهما نقطاً فقد رششت نفسي فعلاً، فإن لم يكن فهو وسواس ورغم أنني لا أجد شيئاً إلا أنني كثيراً ما أحس أنني رششت نفسي وخاصة في حالتي مضغوطة.

والأمر الثاني: أنني لا أغسل ملابسي المصابة بنجاسة الحيض إلا بصعوبة بالغة فأقول إنني علي أن أغسلها في وعاء أول مع الحذر الشديد من أن تصيبني قطرة واحدة أثناء الغسل ثم في وعاء ثان لتنظيفها ثم في ثالث وكل ذلك مع الحذر من أن يرشني، ولكن بما أن ذلك يرشني فعلاً فأضطر لإزالة ملابسي بعد كل تنظيف لملابسي المتنجسة بالحيض، وقد أرهقني هذا كثيراً حتى أنني صرت أفكر بخوف في اليوم الذي سأغسلها فيه وأعد له كأنني سأجتاز امتحاناً صعباً مما يضطرني للمكوث وقتاً طويلاً وأنا أغسلها، وصرت أرتعب من كل نجاسة.

وأيضاً عندما تغسل أمي سمكاً أو دجاجاً مذبوحاً أو يوم العيد فإنني أخاف كثيراً من أن تمسني نجاسة من ذلك. أمر آخر وهو عندما أريد الاغتسال من الحيض أتأخر وقتاً طويلاً أيضاً بسبب الوسواس، ولي سؤال هنا وهو: أنني عندما أريد الاغتسال فإنني أقسم الأمر إلى نصفين المرحلة الأولى لا أنوي الغسل ولكن أستحم عادياً أي أغسل شعري بالشامبو وأزيل الأوساخ عن جسمي ثم إلخ ... ثم أنوي بعد ذلك الغسل فأعود لغسل شعري من جديد وجسمي، وهنا أجلس نصف ساعة بسبب الوسواس.

وقد أخبرتني أمي أن أجمع بين الاستحمام والغسل أي إنني عندما أدخل الحمام أبدأ مباشرة في الاستحمام فهو غسل ولا أحتاج لأن أنويه لأن أثناء الاستحمام سيصل الماء للجسد كله وهذا هو الغسل في الأخير، فهل هذا صحيح؟ علماً أنني أجد صعوبة في أن أنوي الغسل، فهل عندما أدخل الحمام فالنية موجودة أي أبدأ الغسل مباشرة ولا أبدأ بتلفظها؟ ولأقل إن ما قالته أمي صحيح فإنني عندما أغسل بالشامبو وأدخل يدي في الدلو فإنه يختلط بالشامبو ويصبح غير صحيح لاستعماله في الغسل، ولذلك أنا أترك الغسل حتى الأخير كي يكون ماؤه صافياً، وغير هذا كثير، سامحوني على الإطالة، بارك الله فيكم، وأرجو أن تفيدوني في حالتي هذه، جعل الله ذلك في ميزان حسناتكم.

طلب أخير كانت قد تراكمت علي أيام من الصيام لم أقضها لأسباب من بينها الوسواس، وقد أرسلت لكم الاستشارة ولكنني نسيت رقمها، بالله عليكم أن ترسلوا لي رقمها فانا بحاجة ماسة إليها، علماً أنني استعملت فيها البريد الإلكتروني: girl_*********@maktoob.com.

وجزاكم ربي كل خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مسلمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبًا بك - ابنتنا الكريمة - في استشارات إسلام ويب. نسأل الله تعالى أن يُذهب عنك ما تجدين من الوساوس.

ونصيحتنا لك – وهي نصيحة من يحب لك الخير ويتمنى لك أن تعيشي حياة سعيدة لا مشقة فيها ولا حرج – أن تجاهدي نفسك لتُعرضي عن هذه الوساوس إعراضًا كليًّا، فلا تعملي بها، ولا تسترسلي معها، واعلمي أن ديننا مبنيٌ على السهولة واليسر ورفع الحرج والمشقة، ومن جملة ما جاء به هذا الدين لتحقيق هذه المقاصد العظيمة: البناء على اليقين، وأن الأصل في الأشياء الطهارة.

ومن ثم فإنك مطالبة بأن تبقي على الأصل وهو طهارة جسمك وطهارة ثيابك حتى تتيقني يقينًا جازمًا أنه قد أصابتك النجاسة، بحيث تستطيعين الحلف بأنه قد تنجس شيء منها، فإذا لم يحصل لك هذا اليقين فإن الأصل طهارته، وعليك أن تعملي بهذا الأصل، وألا تلتفتي إلى الوسوسة حتى يشفيك الله تعالى منها، واعلمي يقينًا أنه لا علاج لهذه الوساوس إلا بهذا النوع من الإعراض عنها، فإذا جاهدت نفسك على العمل به فإن الله سبحانه وتعالى سيتولى عونك، وسيزيل عنك ما تجدين من عنائها ومشقتها.

فكلما وسوس لك الشيطان بأن جسمك قد أصابه شيء من البول فلا تلتفتي لذلك – وكذلك الثياب – ما لم تتيقني اليقين الذي وصفنا لك.

وأما دم الحيض فإنه نجس، ولكن لا داعي لكل هذا الهم في تطهيره، فإنه يكفي إجراء الماء عليه وإزالته ولو باستعمال ما يزيله من الصابون وغيره. ولا تلتفتي إلى ما يوسوس لك الشيطان من أنه قد يصيبك رذاذ من هذا الماء الذي تغسلين به هذا الدم حتى تتيقني أنه قد أصابك شيء منه، وإذا انفصل الماء عن الثوب الذي تغسلينه غير متغيّر بهذه النجاسة فإن كثيرًا من العلماء يرون بأن الماء إذا لم يتغير لا يتنجس وإن كان قليلاً، وأنت يسعك العمل بهذا القول والاعتماد على هذا المذهب حتى يعينك الله سبحانه وتعالى على التخلص من هذه الشكوك والأوهام.

وأما الاغتسال: فإن النية محلها القلب، فإذا كنت تنوين بإمرار الماء على جسمك رفع حدث الحيض عن نفسك فإن هذا يكفي، ولست بحاجة إلى التلفظ به، وما قالته لك أمك من أن الغسل الواحد يكفي للتنظف والتطهر من الحيض فهو كلام صحيح ما دمت مستحضرة في قلبك التطهر من الحيض، وما ذكرت من اختلاط الماء بالشامبو فإنه إذا كان هذا الشامبو قليلاً لا يغلب على الماء فإنه لا يضره، ويبقى الماء معه صالحًا للتطهير.

فنصيحتنا لك أيضًا في هذا أن تطردي عن نفسك هذه الوساوس التي قد يحاول الشيطان من خلالها جرك إلى المشقة حتى يُبغض إليك العبادة ويزهدك فيها، فاعملي بالأرفق والأيسر من الأقوال والمذاهب حتى يمنَّ الله عز وجل عليك بالشفاء.

وإليك رقم استشارتك الخاصة بسؤالك عن تراكم أيام الصيام عليك: (2148750)

نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى أن يُذهب عنك ما تجدين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً