الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ضعف ثقتي بالنفس تسبب لي قلة الأصدقاء، فما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

في البداية أحب أشكركم على جهودكم في الموقع، وسأطرح عليكم مشكلتي بالتفصيل:

أنا شخص عمري 18 سنة، وأعتقد أني أعاني من رهاب اجتماعي بسيط بعد أن قمت بإجراء اختبار في إحدى المواقع، وتبين لي أنني مصاب برهاب اجتماعي بسيط.

والمشكلة هي أن أصدقائي قليلون جدا، وليس لدي إلا صديقين اثنين فقط مقربين إليّ وأنا أراهم بالأسبوع حوالي 3 مرات تكثر أو تنقص، وأقصد بالصديق هو الشخص الذي أخرج إلى بيته، ويأتي إلى بيتي ونذهب معا في أماكن أخرى، وأصدقائي ( الاثنان ) لديهم أصدقاء وعلاقات بعكسي، أنا الذي لا أحد يؤنسني غيرهم، وأنا أشعر بالحزن لأجلي عندما أراهم مع أصدقائهم، وأنا أصدقائي قليلين.

أنا مشكلتي معقدة جدا؛ حيث أنني تارة أحب أن أتعرف على أصدقاء جدد وأوسع علاقاتي لكي أستمتع بوقتي وأزيد خبرتي ... وتارة يحدث العكس، أعتقد أن الأصدقاء يضيعون الوقت، وأن كلامهم بلا فائدة، وأنه لا فائدة منهم!

أيضا أنا أخاف أن أتعرف على صديق جديد، أو أن أعزز علاقتي مع أحد الناس بسبب أني غير واثق من نفسي، بنفس الوقت أنا جاد تقريبا، فأنا لا أميل للتنكيت وخفة الدم .. وأحرج في أغلب المرات عندما أخطئ في نطق كلمة أو عندما يوجه النقد لي وأتعرق عندما أقابل صديقا جديدا لكن في الدقائق الأولى وأضيع في كلامي، لكن في البداية أيضا، وعندما نكون في وقت طويل مع بعضنا لا أعرف ما أقول.

هذا الأسبوع سوف أقابل شخصا أصغر مني بسنة واحدة، كنت أتمنى مصادقته منذ سنة تقريبا، وسوف أخرج معه للمرة الأولى، وسوف نذهب نتعشى في مطعم ولكنني بنفس الوقت خائف منه .. وسبب هذا الخوف وهو أن الشخص هذا لديه ثقة بنفسه عالية على عكسي أنا، فأنا أحس من الآن أنني سوف أفشل في تقوية علاقاتي معه لكي نصبح أصدقاء للأبد.

مع العلم أني شخص هادئ تقريبا، فأنا أكثر وقتي في البيت.
بالإضافة إلى أنني محافظ على ديني وصلاتي، والدين هو الأولية بالنسبة لي، وأقرأ كتب، وإنسان مطلع ومثقف نوعا ما، ولا أشرب الكحول ولا السجائر، ومهتم بصحتي تقريبا، ونومي طبيعي، ولا توجد لدي مشاكل مع أًناس آخرين، وحالتنا المادية متوسطة.

مشاكل أخرى قد تكون مرتبطة:

• أنا أخاف من التحدث أمام الناس الكثيرين.
• ثقتي متذبذبة بمعظم الأحيان، هي قليلة وبعض المرات تكون عالية.
• أكره الاجتماعات مثل العروس والعزائم، لكن لا يصل لحد التهرب والخوف منها إنما أكرهها فقط.

بانتظار الرد بأسرع وقت وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عموري حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على الكتابة المفصلة عما تعاني منه.
والأمر كما ذكرت في رسالته أنها حالة من الرهاب الاجتماعي بالكثير من الأعراض والعلامات التي ذكرتها، سواء ما ورد في أول السؤال أو آخره، فكلها من أعراض الرهاب الاجتماعي.

وهو نوع منتشر من الرهاب، وإن كان معظم الناس لا يتحدثون عنه.
السؤال الآن: كيف نعالج هذا الرهاب أو الخوف الاجتماعي؟
يقوم علاج الرهاب على ثلاثة أمور:

الأول: العلاج النفسي المعرفي، وهو عن طريق تغيير القناعات والأفكار المصاحبة للرهاب الاجتماعي، فوراء هذا الرهاب بعض الأفكار والقناعات، والتي كونت عندك منذ طفولتك، وبالتالي فأنت دائم الارتباك من اللقاء بالناس.

ويمكن مع هذه المعالجة المتخصصة أن تتغيّر هذه الأفكار وتستبدلها بأفكار أكثر صحة وسلامة، ويقوم على هذه المعالجة الطبيب النفسي المتدرب على هذا النوع من العلاج، أو الأخصائي النفسي المتخصص.

إن تجنب لقاء الناس وعدم الخروج من البيت، لا يحل المشكلة، وإنما يجعلها تتفاقم وتشتد، وتزيد في ضعف الثقة بالنفس، ولذلك عليك بالحرص على لقاء الناس والاختلاط بهم، وعدم تجنبهم، وستجد من خلال الزمن أن ثقتك في نفسك أفضل وأفضل، وستجد مقابلة الناس والحديث معهم أسهل بكثير من السابق.

والعلاج الثاني، هو العلاج السلوكي، وهو عن طريق تعريض المصاب للمواقف التي يتردد في اقتحامها، ومن ثم منعه من الهروب منها، وستلاحظ بعد فترة قصيرة أنك لم تعد ترتبك كثيرا في هذه المواقف. وهناك من يجمع بين العلاجين المعرفي-السلوكي وبحيث يستفيد من إيجابيات كل منهما.

والعلاج الثالث، وهو في الواقع لا يغني عن السابق، إلا أنه يساعد كثيرا في تخفيف شدة الأعراض، ويساعد الشخص على التكيّف المناسب.

وهذا العلاج هو العلاج الدوائي بأن يصف الطبيب النفسي أحد الأدوية المضادة للاكتئاب، ليس لوجود الاكتئاب، وإنما وجد من خلال التجربة أن مضادات الاكتئاب تحسّن شدة وطبيعة الأفكار المصاحبة لهذا الرهاب، وتزيد من ثقة الشخص في نفسه. ولابد من متابعة هذا العلاج الدوائي مع الطبيب النفسي لأن استعمال الأدوية المضادة للاكتئاب يحتاج إلى المتابعة القريبة من قبل المتخصص.

طبعا أعجبتني صفاتك التي ذكرتها في آخر سؤالك من الالتزام والحفاظ على الصلاة والخلق الرفيع، ومن رغبتك في القراءة والثقافة، فحافظ على هذه الصفات، وهي لا تتعارض مع كونك اجتماعي تحبّ لقاء الناس والثقة بنفسك، وإن شاء الله ما هو إلا وقت قصير، وتكتمل هذه الصفات الحلوة، بالثقة التي تتمنى.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الجزائر oussama belghazi

    لدينا نفس المشكلة ولكن في القريب العاجل سوف تتحلى بالثقة بالنفس

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً