الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي يجمع الصلوات وكلامه كله عنف، أرشدوني ماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أشكركم على هذا الموقع الأكثر من رائع لطرح مشكلاتنا.

أنا تملكت منذ شهرين تقريبا، وزواجي - إن شاء الله - بعد بضعة أيام.

مشكلتي هي أنهم خدعوني فيه، وقالوا لي بأنه ملتزم، ويصلي، وفي الآخر اكتشفت بأنه يجمع الصلوات، ويؤخر بعضها، ويصلي أحيانا بعض الصلوات في وقتها، وأنا خائفة كيف سيكون حاله في المستقبل؟ أقصد أنني أريد من يساعدني ويعينني على أمر ديني، وفي الأخير أفجع بتصرفه هذا!

والمشكلة الثانية: أنه عندما أصبحت أكلمه على الجوال، لا أدري ماذا أقول لكم، فمكالمته كلها تكون عن العنف، أقصد أنني أجد كلامه يكون: سأعلقك، وأربطك،...، ولا أدري أهو يجهل الكلام الحلو؟ مع أنه عندما يراسلني يكون كلامه كله حلواً، ويكون عاطفيا، وأنا لا أعرف ماذا أفعل!؟

أنا معتمدة على رب العالمين، ثم عليكم، وأريد منكم أن ترشدوني، وتعطوني الحل.

وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ دينا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

نشكر لك - ابنتنا الفاضلة – هذا التواصل مع الموقع، ونشكر لك هذا الحرص على دين الخاطب، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يقر عينك بصلاحه، وكم تمنينا أن يكون للأهل دور في الكشف عن الخطاب، والسؤال عن أحواله، ودينه، وأخلاقه، وأصدقائه، وألفاظه، وحياته، والقدرة على تحمل المسئولية، لأن مشوار الحياة طويل.

ونتمنى من الله تبارك وتعالى أن يعينك على الخير، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونحسب أنك امرأة عاقلة قادرة على أن تؤثري عليه.

وبالنسبة للكلام الذي يصدر منه، فإن الإنسان في الكلام وليد بيئته، فهل البيئة التي هو منها بادية، يعتاد الناس فيها هذا الكلام، ويمارسون مثل هذه الممارسات؟ وما هو مقصده؟ وهل يقول هذا الكلام مجرد أن يتكلم، أم عندما يحصل بينكم خصام وارتفاع للأصوات؟ فإذا كان هذا الكلام رد فعل للخلافات التي تحدث، فغالبًا يكون هذا عنده علاقة بتربيته، وبالوضع الذي تربى عليه، وليس من الضروري من أنه إذا تكلم أن ينفذ الكلام الذي قاله، ولكن كنا نتمنى أن تعكسي لنا نموذجًا واحدًا من حوار دار بينكما، ثم تلفظ بمثل هذه الألفاظ.

ونعتقد أن الرسائل التي يكتبها – وهي رسائل جميلة – هي أقرب إلى التعبير عن الوضع الطبيعي بالنسبة له، فكوني له أرضًا يكن لك سماءً، وكوني له أمَةً يكن لك عبدًا، وتوجهي إلى الله تبارك وتعالى واسأليه الصلاح لزوجك، فإن قلب الزوج وقلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن، يقلبها سبحانه وتعالى، وحاولي دائمًا أن تكوني أنت الفاضلة، وأنت كذلك لأنك تواصلت مع الموقع وسألت عن حكم الشرع.

وأرجو أن تُدرك كل فتاة أنها لن تجد رجلاً بلا عيوب، كما أن الرجل لن يجد امرأة خاليًا من النقائص والعيوب.

وحبذا أيضًا لو استطاع الأهل أن يتعرفوا عليه عن قرب، ثم بعد ذلك يعينوك ببعض الاستعدادات، حتى تستطيعي إكمال هذا المشوار دون خسائر بحول الله وقوته.

وفي كل الأحوال نحن لا ننصح بالاستعجال في رفض الخطبة، أو بإيقاف مسيرة هذه الحياة الجديدة التي لم تبدأ بعد، ولكن ندعو إلى التثبت والسؤال، واتخاذ الحيل والأساليب التي تعينك على إصلاح هذا الزوج، دون أن تُشعريه أنك جئت لتصلحيه، أو أنه فاسد، أو أنه سيئ، بل على العكس ينبغي أن تُبرزي الصفات الجميلة التي فيه، وتمدحيه بها، وتشكريه على المواظبة ولو على صلاتين، ليواظب على بقية الصلوات في المسجد، ودائمًا ما يكون التشجيع له أثر كبير، فكيف إذا كان التشجيع من زوجة الرجل التي اختارها من بين آلاف النساء، ورضيها من بين ملايين البنات، من أجل أن تكون زوجة له؟!

فاحرصي على استخدام ما عندك من حكمة وحرص، ودعاء، وتوجه إلى الله، واستخدمي المهارات التي منحها الله تبارك وتعالى في الأنثى للتأثير، حتى تؤثري عليه إيجابيًا، وتكوني سببًا في التزامه الالتزام الكامل، فإن الذي يصلي الصلوات في المسجد، ويحافظ عليها في غالب الأحيان، يُنتظر منه أن يكون أفضل وأحسن بعد زواجه، وبعد دخوله بيت الحياة الزوجية.

وأرجو أن يكون أهلك على مقربة منك، وتكوني أيضًا على مقربة منهم، وكوني أيضًا – كما قلنا – خير زوجة لزوجك، فإن الرجل إذا وجد المرأة تُحسن إليه لأنها متدينة، فإنه سيحب الدين وأهله، بخلاف لو عاندته، أو أساءت إليه، واتهمته بالسوء والشر، فإنه عند ذلك في الغالب يعاند، ويجتهد في إيذائها.

نسأل الله أن يوفقك للخير والسداد، ونشكر لك هذا الاهتمام الذي يدل على حرصك على الخير، ونسأل الله أن يقر عينك بصلاح هذا الزوج، وأستغفر الله العظيم لي ولك، ونكرر شكرنا لك بالتواصل مع الموقع.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً