الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وساوسي زادت حالتي سوءً.. فهل من علاج يوقفها؟

السؤال

السلام عليكم.

أعاني من اضطرابات ووساوس منذ الصغر، وبدايتها عندما كنت أدرس بالمتوسطة تعرضت لمضايقات من طلبه -كلام جنسي ونظرات-؛ مما جعلني وقتها أشك بكل من حولي، وأفكر بكل تفاصيل يومي، ولا يمر شيء، لا أترك له مجالا من التفكير، وأستنتج كل شيء بداخلي وتعبت نفسيتي لدرجة أني صرت أترك مسافة ما بيني وبين الناس من حرصي بأن لا أحد يمسني.

ساءت الحالة، وصرت في الوقت الحالي أعاني من وسواس قهري في الصلاة، وأسجد للسهو كثيرا، ووسواس قهري في النظافة، وأمكث فترات طويلة بالاستحمام، وقضاء الحاجة، وحتى أني أوسوس في النظافة فلا أحمل الصغار لأجل أن لا يقع علي شيء من النجاسة، وساءت بي الأمور لدرجة أني أعاني من اضطرابات كثيرة فأصبحت أفكر بكل أمور الحياة حتى أني عندما أقوم بعمل أحرص وأكرره على سبيل المثال عندما أغلق السيارة بالريموت كنترول، أكرر العملية أحيانا.

أصبحت أحرص بكل أمور حياتي وأكرر الاشياء، وأعاني من أرق في النوم من التفكير في حالي، وما وصلت إليه، وأفكر بأني سأصل للجنون من كثرة التفكير حتى لازمني الوسواس في رمضان لدرجة أني أترك الفرائض وأجمعها بعد صلاه المغرب، والسبب أني أعاني عندما أتوضأ ويأتيني وسواس بأن الماء سيدخل لجوفي حتى الذهاب للعمرة عندي رغبة لكن الرهبة من الوساوس التي أعاني منها يمنعني، واشتد بي الحال فصارت تأتيني الوساوس والتوتر، وأحرص ألا يخرج مني بول ولو قليل.

نومي لا أرتاح فيه من التفكير بأن لا يخرج مني البول وأنا نائم ولو قليلا، مع العلم أني لا أعاني من التبول الاإرادي، ولكن هذا التفكير ناتج من الوسوسة في النظافة، وأعاني من صراعات داخلية، وأقلل من قيمة نفسي بحديث النفس في صدري.

مع العلم أني في الواقع أرفع من شأني، ولا أرضى أن يقلل شخص من قيمتي وصرت انطوائيا عن الناس بسبب انشغالي بنفسي من الذي أعاني منه وأصاب بالإرهاق والخمول من التفكير وهبوط المعنوية، وزادت حالتي الأسبوعين الفائتين لدرجة أني أحس بأعراض قشعريرة وحرارة في الجسم وصداع وآلام في البطن.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سعد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فلا تترك نفسك أبدًا تعاني مع الوساوس، أنا أتفق معك أنها مؤلمة، وأنها مزرية جدًّا، وأنها تسبب عسر في المزاج ومضايقات كثيرة، فالوساوس الآن علاجها متوفر، قدِّم نفسك للأطباء النفسانيين، -والحمد لله تعالى- توجد كوكبة ومجموعة متميزة للأطباء النفسانيين في السعودية، فالآن الأدوية لها فعالية عظيمة جدًّا لعلاج الوساوس، هذه بشرى كبرى لك، وأنا أؤكد أن الوساوس يمكن أن تعالج، ويجب أن تكسر حاجز التردد، لأن أحد مشاكل الوساوس تجعل صاحبها يتردد حتى حول العلاج وجدواه وفعاليته وإلى متى سوف أستمر وسوف أدمن على الحبوب، وكثيرا من التساؤلات التي ليس لها أي أساس.

فيا أخي الكريم: أنت هنا تستشيرنا ونحن من واجبنا أن ننصحك، والتناصح بين المسلمين أمر عظيم، وبناء على ذلك أرجو منك أن تتقدم إلى أحد الأطباء النفسانيين، وسوف تجد العناية والرعاية أخي الكريم.

إذا لم تستطع الذهاب إلى الطبيب النفسي – إذا كان عمرك أكثر من عشرين عامًا – فلا مانع من أن تذهب إلى أحد الصيدليات وتطلب منها دواء يسمى (بروزاك) ويسمى علميًا باسم (فلوكستين) هو من أفضل الأدوية التي تعالج الوساوس القهرية وتحسن المزاج، وهذا الدواء فعاليته تظهر بعد شهر إلى ستة أسابيع من بداية العلاج، ولابد أن يكون هنالك التزام بالجرعة.

الجرعة هي أن تبدأ بكبسولة واحدة في اليوم، وقوة الكبسولة هي عشرين مليجرامًا، وبعد أسبوعين اجعلها كبسولتين في اليوم، استمر عليها لمدة أربعة أشهر، بعد ذلك خفضها إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة أربعة أشهر أخرى، ثم اجعلها كبسولة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناولها.

الوساوس تعالج أيضًا عن طريق الرفض وتحقيرها واستبدالها بفعل وفكر مخالف، وعدم الخوض في تفاصيلها وتحليلها، بل الإغلاق عليها من خلال تحقيرها كما ذكرنا.

موضوع الطهارة أفضل طريقة لعلاجه هو أن يُحدد الإنسان كمية الماء الذي يريد أن يتوضأ به ويبني على البقين، ولابد أن يُحدد الزمن الذي سوف يستغرقه الإنسان في الغسل أو الاستحمام مثلاً، هذه أمور بسيطة لكنها مهمة جدًّا.

أيضًا اصرف انتباهك عن الوساوس من خلال زيادة أنشطتك الاجتماعية والمهنية والوظيفية، هذه كلها تغير نمط الحياة، وحين يتغير نمط الحياة لن يجد الوساوس مجالاً ليسطر عليك.

الدواء أيضًا سوف يؤدي إلى تحسين مزاجك بصورة كبيرة، وحين يتحسن المزاج يجب أن تتحسن الدافعية نحو تغيير نمط الحياة وإدخال أنشطة جديدة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً