الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رهاب اجتماعي أفقدني الثقة بنفسي فساعدوني.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا مهندس أبلغ من العمر 24 عامًا، أعاني معاناة مريرة من الخجل والرهاب الاجتماعي، الذي يجعلني لا أقدر حتى على النظر في عين من يحدثني، ويجعلني أقل اجتماعية مع الأشخاص الذين لا أعرفهم، رغم أني أملك العديد من الأصدقاء، وحتى معهم لا أستطيع النظر في أعينهم وأنا أحدثهم، وكذلك أقاربي.

كما أعاني بشدة من قلة الثقة بالنفس؛ فأنا أسمر اللون، ولست وسيمًا لحدٍ كبير، وكثيرًا ما أنال السخرية - ولو بحسن نية - من شكلي، وأسمع الكثير من السخرية حتى لو كان بحسن نية، ولو تظاهرت حتى بعدم المبالاة أو التطنيش، ولكن هذا يؤثر في نفسي بدرجة كبيرة، ويجعلني ربما أتعرق وأفقد الثقة والسيطرة على نفسي تمامًا، وربما كان سببًا في هذا الخجل الذي أعانيه من الجنس الآخر، فلا أملك الثقة للمواجهة أو التقدم للخطبة.

وقد قرأت على هذا الموقع الكثير من الاستشارات بخصوص الرهاب، وقررت أن أستعين بالسيروكسات 25، وآخذ حبة قبل النوم، واستمررت على ذلك لمدة 4 أيام، ولكن هيهات للأعراض الجانبية، فأنا تقريبًا لا أستطيع النوم أكثر من ساعتين،دائم التفكير والشرود، ومعدتي تقريبًا تنهار، وكذلك جفاف الفم، فهل أجد بديلاً مناسبًا لهذا الدواء؟

أتمنى أن أجد عندكم الحل، أو إشراقة أمل، وجزاكم الله كل خير، والسلام عليكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ م ع حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فإني لا أرى أنك صاحب علة حقيقة، أنت تحتاج لأن تصحح بعض المفاهيم، وهذا - إن شاء الله تعالى – يزيد من ثقتك بنفسك.

أولاً: أنت وصلت لهذا الإنجاز الكبير وهو التخرج من كلية الهندسة، لابد أن تكون صاحب مقدرة ومعرفة، وكنتَ تواجه الناس فيما مضى، فالآن طاقاتك التي كنت تستفيد منها من أجل الدراسة والتحصيل، تحولت إلى طاقات قلق داخلية جعلتك تعطي بعض الأمور اعتبارًا أكثر مما يجب.

مثلاً أنت مشغول بأنك أسمر اللون ولست وسيمًا، ما هذا الذي يشغلك أيها الفاضل الكريم؟ هل يُحكم علينا من خلال ألواننا؟ أنا أسمر اللون وفخور جدًّا بذلك، ويُقال أن سيدنا موسى كان أسمر اللون، وقالون كان أسمر اللون وكانت تفوح منه رائحة المسك بفضل الله تعالى، ولقمان - عليه السلام - كان أسمر اللون، وأمريكا الآن يحكمها أسمر اللون، وبلال بن رباح كان أسود اللون، الناس لا يحكم عليهم بألوانهم ولا بأشكالها، إنما الحكم دائمًا بتقوى الله، قال تعالى: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم}، وقال - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أجسامكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم)، وأيضًا الحكم دائمًا على الإنسان بالمعرفة، وما يقدمه الإنسان من فائدة لنفسه ولأهله ولمجتمعه ولأمته.

لا تلتفت لهذه الترهات التي هي في الأصل إن صدرت لا تصدر إلا من أقوام فيهم جاهلية، لا يستحقون أن نلتفت إليهم، وإذا صدرت منهم فما علينا إلا أن نمتثل صفات عباد الرحمن، {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا} وقال الله سبحانه وتعالى: {وأعرض عن الجاهلين}.

فيا أيها الفاضل الكريم: زوِّد نفسك بالدين والعلم والمعرفة، هذا هو الذي تستطيع أن تواجه به العالم بكل قوة وفخر. لكن بياض اللون لن يفيدك أبدًا إذا كنت تتمنى ذلك، الذي يفيدك هو الذي ذكرته لك، وماذا قدم البياض لمايكل جاكسون الذي أصله أسمر اللون؟

امسح هذه الإشكالية من دماغك تمامًا، وما ذكرته من سماع الاستهزاء من البعض، فهؤلاء لا يستحقون أن تهتم بهم، ويجب ألا تكون رفقتك في الأصل، فاجعل صحبتك من الأخيار، واجعل صحبتك من أصحاب الذوق والخلق الرفيع، فهؤلاء تجدهم في كل مكان، تجدهم في حِلق القرآن، تجدهم في المساجد، تجدهم في المراكز الثقافية، فانقل نفسك نقلة على هذه الشاكلة، وسوف تجد أن نفسك أصبحَت أكثر طمأنينة وقدرة على تجاوز هذه الأمور التي تشغلك وسواسيًا.

أما بالنسبة لموضوع الجنس الآخر والخجل: فليس هناك ما يدعوك للتردد في أمر الخطبة، فابحث عن ذات الدين، وهي لن تتردد في القبول بك أبدًا، فهذه حواجز نفسية وضعتَها أنت، فاجلس مع نفسك جلسة نفسية عميقة لتغيّر من خلالها مفاهيمك.

بالنسبة للعلاج الدوائي: فالزيروكسات دواء جميل، دواء فاعل، دواء ممتاز؛ لكنِّي أعتقد أن الخطأ الذي وقعت فيه هو أنك بدأت العلاج بجرعة كبيرة نسبيًا، فلا تحكم على الدواء بالفشل أبدًا، فأنت في مراحله الأولى، ولا داعي أن أُبدِّل لك الزيروكسات بدواء آخر؛ لكن أقول لك: خفِّض جرعة الزيروكسات إلى 12.5 مليجرامًا، وتناولها بعد الأكل، وإن أضعف نومك فتناوله نهارًا، فلا بأس في ذلك أبدًا، واستمر على جرعة 12.5 مليجرامًا لمدة شهر، فهذا معقول جدًّا، ولن تواجه أي صعوبات أو آثار جانبية سلبية، وبعد ذلك اجعل الجرعة حبة كاملة – أي خمسة وعشرين مليجرامًا – وهذه استمر عليها لمدة ستة أشهر، وبعد ذلك خفض الجرعة إلى 12.5مليجرامًا لمدة شهر، ثم اجعلها 12.5 مليجرامًا يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم 12.5 مليجرامًا مرة واحدة كل ثلاثة أيام، وسوف تجد بالفعل أنك قد انتفعت من الدواء بصورة فعالة جدًّا - إن شاء الله تعالى – وفي ذات الوقت لن تكون عرضةً للآثار الجانبية أو الآثار الانسحابية.

ولمزيد من الفائدة انظر:
العلاج السلوكي للرهاب: (269653 - 277592 - 259326 - 264538 - 262637 ).
العلاج السلوكي لقلة الثقة: (265851 - 259418 - 269678 - 254892).

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية، والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً