الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أختي خطبها رجل كبير وتخشى فوات الفرصة، ما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أختي عمرها 39 سنة، متعلمة، وهي التي تكفلت بتربيتنا إلى جانب أخواتي بعد موت والدينا.

المشكلة تقدم لها رجل مطلق له ابن، يسكن مع والدته، لا يملك مسكناً، مهنته بائع متجول، ليس له دخل محدود (أي يعتمد دخله على المشترين، إذ يتأخرون عليه دائما في الدفع)، وهو رجل عمره 50 عاماً.

بدأ يصلي بناءً على رغبة أختي، أختي تقول إنه طيب، صادق، سخي، يصوم، يحب صلة الرحم، وهي لا تعرفه جيداً (أي معرفتها به يسيرة) ونحن لا نعرفه ولا نعرف عائلته، كانت له نزواته قبل أن يتعرف على أختي، هو من أخبرها بكل هذه المعلومات.

أختي لديها الرغبة في الزواج منه، خصوصاً وأن فرص الزواج قليلة، إلا أن دخله يجعلها مترددة، ولا نخفي عليكم أننا نحن أيضاً أخواتها متخوفات من هذه الزيجة، خصوصاً وأنها اعتادت على عيشة هانئة في منزل والديها، ولم تضطر يوماً للعمل، وإخوتي الذكور متكفلون بها وبأختي الصغرى، لا ينقصها شيء.

نريد مشورتكم، فنرجو منكم أن لا تبخلوا علينا بنصحكم، سننتظر ردكم بفارغ الصبر.

وجزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ NADA حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

بداية نرحب بك في موقعك، ونشكر لك هذا الاهتمام بموضوع أختك الشقيقة صاحبة المعروف التي كانت وفيّة، وقامت بالواجبات بعد وفاة الوالدة، ونبشرك بالخير، لأنك حريصة على الخير، ونبشر الأخت أيضًا بالخير، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان، فإن الاهتمام بالأطفال الصغار -بعد موت أمهم- من الكبار نوع من البر للآباء والأمهات، وفاعل البر والذي يحرص على البر يوفقه الله تبارك وتعالى، لأن بر الوالدين من الطاعات التي ينال عليها الإنسان الأجر والثواب في الدنيا، مع ما ينتظره من أجر عظيم وثواب عند الله تبارك وتعالى.

نسأل الله أن يقدر لها الخير في موضوع الزواج حيث كان ثم يرضيها به، وأرجو أن تعلموا أنها بحاجة إلى الزواج، والإنسان مهما كان مرتاحًا فإن المرأة سعادتها في أن تكون مع زوج يكرمها ويعزها، خاصة وقد لاحظنا أن عندها ميلاً إلى هذا الرجل الذي مدحت فيه أخلاقه، ومدحت فيه صلته للرحم، ومدحت فيه كرمه وسخاءه، وهذه صفات جميلة جدًّا -ولله الحمد- وهي التي تصفه بها.

لذلك نحن لا نملك إلا أن نقول: على إخوانها وأرحامها أن يتعرفوا أكثر وأكثر على هذا الرجل، فإذا تبين لهم أن فيه صفات جميلة، وأنه عنده قدرة على تحمل المسؤولية، أكرر: عنده قدرة على تحمل المسؤولية، ليس العبرة بأن يكون الرجل من الأغنياء أصحاب الأموال الطويلة العريضة، ولكن الهم هو أن يكون عنده قدرة على تحمل المسؤولية، وعنده إصرار على أن يسعى من أجل عياله ومن أجل أسرته، لأن هذا هو المؤهل المهم.

الأرزاق بيد الله تبارك وتعالى، والزوجة تأتي برزقها، وطعام الاثنين يكفي الأربعة، والزواج فيه الغنى كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- أو كما فهم الصحابة من قول الله تبارك وتعالى: {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يُغنهم الله من فضله} كأن قائلاً قد قال: وأين المال؟ من أين يجدوا الإنفاق؟ فقال: {إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله} فكان السلف -ابن مسعود وغيره- يقولوا: (التمسوا الغنى في النكاح) وفي النكاح الغنى، لأن الإنسان يعرف قيمة المال بعد الزواج، لأن الإنسان يشعر أن عليه مسؤولية بعد الزواج، لأن طعام الاثنين يكفي الأربعة -كما مضى معنا- وإذا جاء طفل أيضًا يأتي برزقه، ونحن ما كُلفنا بهذه الأشياء لأن الله هو الرزاق ذو القوة المتين سبحانه وتعالى.

لا يخفى عليك أيضًا أن الأخت عمرها كبير الآن، والفرص أندر من النادر، وأن تجد رجلاً تميل إليه وترتاح إليه، هذا أيضًا نادر جدًّا، وكل هذا متحقق، فلا تفوتوا عليها هذه الفرصة، واعلموا أن راحتها في أن تكون عند زوجها.

أنتم الآن تقولون (لا ينقصها شيء) لكن ينقصها أن يكون لها رجل يُكرمها ويعزها ويحتفي بها ويهتم بها، وقد يرزقها الله -تبارك وتعالى- بأطفال يملئوا حياتها بهجة وسروراً، ويكونوا إلى جوارها في الغد، فهذه المعاني الجميلة أرجو أن تكون واضحة.

أيضًا عليها أن تستخير الله -تبارك وتعالى-، فإن المؤمن والمؤمنة إذا احتار في أمر ولم يعرف وجه الصواب فإنه يتوجه إلى صلاة الاستخارة لأهميتها، فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعلمها لأصحابه كما يعلمهم السورة من القرآن، والاستخارة هي طلب الدلالة إلى الخير ممن بيده الخير، ولن تندم من تستخير وتستشير وتتوكل على ربها القدير -سبحانه وتعالى-.

ما عليها إذن إلا أن تتوجه إلى الله بالدعاء، إلا أن تصلي صلاة الاستخارة، إلا أن يتعرف الأرحام والإخوان على هذا الرجل، فإن كان كما وصفت فلا مانع حتى من أن يساعدوه ويقفوا معه، لأن هذا فيه مصلحة لكل الأطراف،

نسأل الله -تبارك وتعالى- أن يُسعد هذه الشقيقة بطاعته، وأن يقدر لها الرجل الصالح الذي يعينها على الخير، وتعينه على الخير، ونسأل الله تبارك وتعالى لنا ولكم التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً