الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتعامل مع صديقاتي حين يسألنني عن خصوصياتي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا متزوجة، وعند معرفتي بالناس لا أريد أن أعرفهم بأشياء أو معلومة، أنا أعرفها حتى لا يحسدوني، وحيث أنهم فضوليون في كل أمر، هل هذه أنانية؟ وماذا علي أن أفعل؟
لأن العلاقات تفسد بسرعة؛ حيث أنني لو جاءت امرأة لزيارتي تراني أريدها ترى كل ما عندي، لكن ليس كل حاجة تسأل عليها! فأبقى متوترة ومتضايقة من أسئلتها، حيث أنني لا أقبل أن تفعل مثل ما أنا فعلت في بيتي من أشياء تقليداً لي.

ماذا علي أن أعمل؟ وأريد أن أعرف نوع شخصيتي، حيث أنني ممكن لا أريد أن أذهب إليها لأجل لازم ترد هذه الزيارة وأبقى في توتر وقلق!

أفيدوني أفادكم الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ sahar حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، وأن يكفيك حقد الحاقدين وحسد الحاسدين وظلم الظالمين، وأن يجنبك سوء الظن بعباد الله المسلمين.

بخصوص ما ورد برسالتك - أختي الكريمة الفاضلة – فإنه (مما لا شك فيه أن كل إنسان يحب أن تكون له خصوصيته التي لا يريد أن يطلع عليه أحد)، وهذا حق كفله الشرع لكل إنسان، فمن حق كل إنسان أن يحتفظ بأسراره وأموره الخاصة لنفسه، والإسلام حقيقة يكره التطفل والسؤال عما لا ينبغي أو عما لا يُفيد، وهذا ما علمه لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم – بقوله: (من حسن إسلام المرء تركه ما يعنيه) وقوله: (إن الله كره لكم قيل وقال وكثرة السؤال، وإضاعة المال) فما دام الأمر لا يعني الإنسان فلا ينبغي عليه أن يسأل عنه، خاصة إذا كان صاحب الشيء لا يريد أن يصفح عنه ولا أن يتكلم عنه.

من هنا أقول: إن هذه الأشاء التي تتحدثين عنها أرى أن فيها قدراً من المبالغة، وإذا كان الأمر أمرًا عاديًا وسألتك إحدى جاراتك أو من تقوم بزيارتك عن هذا الفستان، أين (مثلاً) قمتِ بتفصيله؟ أو عن هذه الغرفة من أين اشتريتها؟ هذا أمر لا أرى فيه حرجاً ولا أرى فيه شيئاً، وإن كنت تتضايقين من هذا فمعنى ذلك أنك إنسانة مبالغة إلى حد كبير، لأن هذا أمر ليس فيه حسد وليس فيه حقد، وإنما بطبيعة الناس أنهم يحبون التزود من المعرفة، وحب الاستطلاع، وقد تزورك إحدى جاراتك أو صديقاتك فتُعجب بشيء في بيتك، لا مانع أن تُخبريها، لأن هذا لن يقدم ولن يؤخر.

أما إن سألت عن أشياء خاصة فمن حقك أن تحتفظي لنفسك بالإجابة، وأن تعتذري لها، أما كون الأسئلة تأتي في الأشياء التي جرت بها العادة وجرى به العرف فلا أرى أن هناك داعٍ للإنكار أو التضايق من هذا الأمر، وجرت عادة الناس أن يسأل بعضهم بعضًا.

إذا وجدتُ صديقًا لي يركب سيارة وكانت (مثلاً) جيدة، أو ماركة ممتازة، سألته بكم اشتريتها؟ هذا أمر جرت به العادة، وليس فيه خوف ولا يدخل في باب الحسد والحقد ولا غير ذلك.

إذا فهمناها نحن كذلك فمعنى ذلك أننا نعاني من حالة مرضية ومن نفسية غير طبيعية، فلا بأس لو أجبنا الجواب العادي باعتبار أن الشيء ظاهر أمام الناس.

أما لو سأل الناس (مثلاً) أسئلة خاصة وهي في الغالب قد تسبب بعض الحرج فمن حقك - ما دام هذا الشخص قد تطفل – أن تعتذري عن الإجابة، وهذا أمر طبيعي، إذا سأل الإنسان عن أشياء خاصة أو سرية فمن حقنا أن نعتذر له، لأن هذا أمر لا يمكن البوح به ولا الكلام فيه.

أما إذا سأل عن شيء – كما ذكرتُ لك – يسأل عن طقم سفرة، أو يسأل عن ثوب (مثلا) أو فستان أن تلبسيه، أو يسأل عن بعض الكؤوس الجيدة التي قدمت له فيها (مثلاً) الشراب - أو الضيافة – هذه أمور لا أعتقد أن الإخبار بمصدرها سيكون مشكلة.

كذلك مسألة أنك تتضايقين من الزيارات وتشعرين بالتوتر، أيضًا أرى أن هذا شيء غير طبيعي، لأن المؤمن يألف ويؤلف، ولا خير فيمن لا يألف ولا يُؤلف، فكونك لا تألفين الناس ولست مألوفة من الناس هذا معنى ذلك أنك في حاجة إلى إعادة النظر في تكوينك، وفي طريقة تعاملك، وفي تصرفاتك، لأن هذا يدل على أنك شخصية غير طبيعية.

المؤمن بطبيعته يحب المؤمنين ويحب المسلمين، ويحب لهم من الخير ما يحبه لنفسه، ويكره لهم من الشر ما يكرهه لنفسه.

إذن أرى - بارك الله فيك – أنك في حاجة إلى أن تقرئي عن حقوق الأخوة في الإسلام، حتى تتعمق هذه العلاقة القوية التي هي سبب من أسباب دخول الجنة كما أخبرنا الله تبارك وتعالى، وكما بيّن النبي - صلى الله عليه وسلم - .

أما عن قضية الأسئلة – كما ذكرتُ – فإن هذه الأشياء لها ضوابط، فإذا كان السؤال عن شيء عام فلا أرى هناك إشكال أبدًا في الإجابة على هذا السؤال، لأن هذا أمر جرت عادة الناس أن يسألوا عنه، أما إذا كان شيئا خاصاً فمن حقك أن تحتفظي لنفسك بالإجابة وأن تعتذري، ولا داعي للتوتر أو القلق أو الاضطراب.

أرى أن توسّعي صدرك، وأن تستقبلي الأمور استقبالًا حسنًا، وأن تنظري للأمور على أنها بسيطة جدًّا، وكما أن في بيتك أغراضاً فإن الناس في بيوتهم أغراض، ولا أعتقد أن الذي يأتيك لا يملك شيئًا، بل قد تزورك إحدى الأخوات يكون في بيتها ما هو أفضل مما في بيتك عشرات المرات، ولكن حب الاستطلاع والفضول لدى الناس يجعلهم يسألون.

لا ينبغي أن نحمل هذه الأسئلة على محمل أنه حقد أو حسد، وإنما هو على محمل حب الاستطلاع والتعارف، ولذلك تجيبين بكل أريحية، وتحاولين أن تقاومي رغبتك في الإنكار، وتجتهدي في إخفاء التوتر أو القلق، لأن هذه أمور - كما ذكرتُ – في حاجة إلى علاج، لأن الوضع لا يقتضي ذلك أبدًا بحال من الأحوال، وعليك بالدعاء والإلحاح على الله تعالى أن يعافيك الله تبارك وتعالى من هذا النفور ممن يزورك، وأن يعافيك أيضًا من هذا التوتر والقلق، خاصة عندما توجه لك بعض الأسئلة من إحدى الصديقات اللواتي لديهنَّ نوع من الغشم الزائد فيك، ونوع من حسن الظن بك.

أسأل الله أن يوفقنا وإياك لكل خير، وأن يحفظك من حسد الحاسدين وحقد الحاقدين، إنه جواد كريم.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • البحرين Sahar

    إجابة منطقية جداً وحبذا لو اتخلطت الأخت السائلة أكثر بالناس حتى تستزيد خبرة

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً