الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ابن خالي يريدني وأخشى أن يكون طامعا بمالي، ما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة أعاني من سمنة مفرطة، يريد ابن خالي أن يتقدم لي، ولكنني أخشى أن يكون طامعا في أموالي، فهل أقبل به أم لا؟ رغم أنني لا أعرفه ولا يعرفني، وأمي تقول إنها لن تقابل أحدا حتى ينزل وزني، وأنا عموما أقوم بحمية غذائية، وأنا أظن أنه يليق بي رغم أنه أصغر مني بسنتين، وهو يعمل ويدرس في ذات الوقت، وأخشى أنه إذا خطبني يستغلني حيث أنني ضعيفة الشخصية، وهو ميسور الحال فهل أقبل به أم لا، وكيف أقنع والدتي بذلك؟

أخشى إذا رفضته أني لن أتزوج إطلاقا، حيث أني قد خطبني أحدهم سابقا ورفض بحجة أنه ليس قبيليا، وأنه غير طموح، رغم أنني لم أره فماذا أفعل؟

وشكرا لكم، وأنا آسفة على سوء التعبير والإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ وردة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

نرحب بك -ابنتنا الفاضلة-، ونسأل الله لك التوفيق والسداد، ونشكر لك هذا التواصل مع موقعك، ونبشرك بأننا في الخدمة، وشرف لنا أن نكون في خدمة أبنائنا والفتيات، الذي نسأل الله -تبارك وتعالى- أن يسهل لهم أمورهم، وأن يغفر لنا ذنبنا وذنوبهم، وأن يلهمنا وإياهم السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

لا يخفى عليك -ابنتي الفاضلة- أن الخالة أم، وأن ابن الخالة بالمنزلة الرفيعة، فلا تضيعي هذه الفرصة، ولا تفوتي هذه الغنيمة، وابعدي عن ذهنك الأفكار السالبة، كأن تقولي يطمع في مالي، أو يطمع في كذا، أو يطمع في كذا، فإن ما بين الأزواج أكبر من الدرهم والدينار، ولا يخفى عليك أن مسألة الزواج نادرة، وأن موافقة الأهل ليست من السهولة، فقد يرفضوا أصلح الناس، وأفضل الناس إذا لم يكن من القبيلة، إذا لم يكن من الجماعة، إذا كان من طبقة اجتماعية مختلفة، فهذا يضيق على الفتيات بكل أسف فرص الزواج، مع أن الشرع يهتم فقط بوجود الميل من الطرفين، بوجود الكفاءة في الدين والأخلاق، والقدرة على تحمل المسؤولية، الشريعة تهتم بالأمور الأساسية، لكن يؤسفنا أن الأهل لتدخلاتهم يحرمون الفتيات من الزواج السعيد، ونعتقد أن هذه فرصة نادرة.

وعليك أن تجتهدي في مواصلة تخفيض الوزن، ولا تنزعجي من هذا الأمر، فهو فعلاً لم يرك، ولكن أعتقد أنه سيكون له علم عن طريق خالتك، عن طريق أخواته أو غيرهنَّ من المحارم والبنات، فالشاب لا يتقدم إلا عن علم، وإلا عن معرفة، فلا تنزعجي لهذا السمن، ولكن الإنسان يسعى من أجل تخفيف الوزن حرصًا على صحته، كما أن خفة الوزن تزيد من فرص المرأة في إنجاب الذرية مستقبلاً.

ولذلك أرجو أن تنظري للمسألة من هذه الناحية، ولكن دونما انزعاج، فلا تفوتي هذه الفرصة ولا تضيعيها، ونحن لا ننصح أبدًا بتضييع هذه الفرصة التي نعتقد أنها نادرة جدًّا، ومفيدة جدًّا، والشاب معروف، وهو ابن الخالة، وكما قلنا هذه قرابة مهمة جدًّا، فيهمك مصلحته، وعند الزواج ستتلاشى الفروق الأخرى، وستشعرين أن المال مال واحد، وأن المصالح مصالح واحدة، وأن تأسيس الأسرة يتطلب أن يشعر الجميع أنها مسؤولية مشتركة، وعندما يرزقكما الله من فضله بالذرية، عند ذلك ستجدون للحياة طعمًا آخر، وستلاحظين معاني الانسجام والفرح والحبور والسرور على كل الأطراف، سواء كانت الوالدة أو الخالة أو الأهل جميعًا.

فأكرر: لا تضيعي هذه الفرصة، ولا تفكري في مَنِ الرابح؟ ماذا يريد؟ أموالي، جاء ليأخذ أموالي، هذه كلها أمور لا ننصح أن يكون التفكير بهذه الطريقة، لأن الناس بكل أسف ينظرون إلى الزواج من ناحية مادية، ونعتقد أن المرأة لو دفعت أموالها كله لرجل صالح فإنها لن تكون خاسرة، كما أن الرجل إذا دفع أمواله كله في سبيل الحصول على الزوجة المناسبة فإنه رابح في كل الأحوال، فما بين الأزواج أكبر من الدرهم والدينار والأموال والمصالح، والمرأة مهما كانت ميسورة الحال -مهما كانت صاحبة قصور وعقار وأموال- فإنها لا تستغني عن الزوج، ولا تستغني عن إشباع حاجتها من الأمومة، كذلك الرجل مهما عاش سعيدًا فإنه بحاجة إلى امرأة تُسعده، تساعده على تجاوز صعوبات الحياة، فللنساء خلق الرجال، وللرجال خلقن النساء.

فلذلك ينبغي أن تفكري بهذه الطريقة، ولا تستمعي لما يقوله الناس، ولا تركزي على ثقافة المسلسلات، ولا على التربية -بكل أسف- العصرية التي تركز على المصالح المادية، وتضيع معاني كبيرة من السكن والانسجام والمودة والرحمة والاستقرار والذرية، هذه المعاني الكبيرة التي ينبغي أن نحرص عليها، لأنها السبب الفعلي لكل سعادة يمكن أن يعيشها الإنسان، ونسأل الله أن يسعدنا وإياكم بطاعته، وأن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً