الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي يلزمني بأن أسكن مع زوجته الأولى فرفضت.. ما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أستشيركم في أمري، حيث أني سافرت لكي أقضي إجازة في بلدي وأرى أهلي، وعندما عدت إلى البلد المقيمة فيها أنا وأولادي مع زوجي، فإذا بزوجي يجلس زوجته الثانية في الشقة الذي كنا ننوي أن ننتقل فيها بعد عودتنا من السفر أنا وأولادي؛ لأنها أكبر في المساحة، ونحن محتاجين لها، وكانت هذه الزوجة تستأجر شقة في هذا البلد؛ لأنها تعمل هنا.

زوجي يلزمني بأن أجلس معها أنا والأولاد لكي نوفر لها إيجار الشقة، طبعا أنا رفضت رفضا تاما، وطلبت منه أن أسافر إلى بلدي، أنا والأولاد، وأتركه هنا معها؛ لأنني لا أطيق أن أجلس معها في بيت واحد، فهل موقفي سليم؟ وماذا أفعل مع زوجي؟ وهذا الموقف السيئ الذي به إجحاف بي أنا وأولادي، حيث أن هذه الزوجة من البداية جاءت هنا، وهي تعلم أنه ليس لها بيتا، ونحن جئنا معه، ومقيمين معه في السكن التابع لعمله، مع أنها تقول: لماذا هم يجلسون، وأنا أدفع الإيجار على الرغم أنه قال: أنه لن يتعدى على حقوقي أنا وأولادي بسبب هذا الزواج، والآن يدخلنا في مشاكله مع هذه الزوجة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم يوسف حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

بداية نرحب بك في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونهنئكم بهذه المناسبة الكريمة، نسأل الله أن يجعل أيامنا أعيادًا بطاعته، ونشكر لك حقيقة هذا التفهم، وهذا الحرص على السؤال، وإنما شفاء العيِّ السؤال، وقد أحسنت، فالإنسان عندما تحصل له مثل هذه المشكلات ينبغي أن يتواصل مع أهل الاختصاص، ونسأل الله أن يعيننا على الوصول إلى الحق.

طبعًا من حقك أن تطالبي هذا الزوج بالسكن الذي هو لك حق، وأن تعيشي خصوصيات حياتك، ولكنا ننصحك بعدم الاستعجال، فأنت الأصل في حياته، وأنت أم أولاده، فلا تستعجلي وتخسري هذا الزوج وتعقدي المشاكل بهذه السهولة، وإنما عليك أن تطالبي بمنتهى الهدوء بحقوقك كاملة وحقوق أولادك كاملة.

ولستُ أدري هل هذا المنزل المذكور يسع لأكثر من عائلة؟ وهل المنافع فيه منفصلة؟ وهل يمكن أن تعيشي في جزء منعزل في هذا البيت؟ أم أن هذا لا يمكن أن يكون ولابد أن يحدث الاختلاط؟ يعني معرفة الإجابة عن هذه الأسئلة تُحدد حقيقة وجهة النظر، ولكن من حق أي زوجة أن يكون لها حق كامل في بيت منفصل وخدماته المنفصلة، لها حقها وحق أولادها في الرعاية والاهتمام.

كما أن الزوجة الثانية أيضًا إذا كان متزوجا بها منذ فترة، وتعتبر زوجة له، فإن لها حقوق شرعية، ولكن ليس على حساب الحقوق الخاصة بك وبأولادك.

الذي يهمنا هو أن تُديري هذه المسألة بمنتهى الهدوء، ولستُ أدري لماذا يفعل الزوج هذا؟ هل هو يمر بضائقة مالية؟ ما الذي اضطره لهذا؟ ما هي الإجابات التي قالها لك عندما رفضت الجلوس معه؟ وأتمنى ألا تستعجلي في ترك البيت، أو ترك البلد له ولها، فإنك بذلك تحققي له ولها ما يريدا، ولكن ينبغي أن تحافظي على حقوقك، وتذكري أنك – كما قلنا – الأصل، وأنك أم العيال، وأن الأبناء بحاجة إلى وجود الأب إلى جوارهم، فلا تتخذي قرارات غير مدروسة لتندمي عليها، وقد تُعطي الآخرين حلولا هم يتشوقون إليها بمنتهى إليها.

المهم نحن نذكرك بأن لك حقوق، وبأن هذا الزوج يُسأل أمام الله تبارك وتعالى عن العدل بينكما، ويُسأل عن رعاية أولاده، فالعدل بين الزوجات، ولكن الأولاد لهم حقوق زائدة ينبغي أن يجدوها كاملة من هذا الأب، الذي عليه أن يتذكر أن الله سيسأله عن هذه الرعية وعن راحتهم وعن الإحسان إليهم، كما سيسأله كذلك عن الإحسان لك وللزوجة الثانية، فكوني عونًا له على أداء الحقوق، واجتهدي في أن تنالي حقوقك كاملة، ولكن بمنتهى الهدوء، ودون تصرفات تُحسب عليك، ودون أن تُدخلي زوجك في الحرج الشديد، وتفهمي الوضع الذي دفعه لهذا الأمر، والمهم هو أن يكون لك سكن مريح، يناسبك ويناسب أولادك، وبعد ذلك عليك أن تذكريه بالله تبارك وتعالى، ثم تطالبيه بالعدل بينكم.

نسأل الله أن يعين الجميع على الخير، وأن يستخدمنا جميعًا في طاعته، وأدعوك دائمًا إلى أن تطالبي بحقوقك دون أن تمنعيه من أداء حقوق الآخرين، فرق كبير بين أن تقول الزوجة: (أعطني حقي، هذا حقي) وبين أن تقول: (لا تعطي فلانة أو أعطني كما أعطيت فلانة) نحن لا نريد هذا النوع من الأسلوب، وإنما نريد أن تطالب الزوجة بحقها بهدوء وبحقوق أولادها بهدوء، ثم بعد ذلك تطالب بالمسكن الشرعي المنفصل الذي لا يُتيح لها الاحتكاك مع الزوجة الأخرى، لأن هذه الأمور الشرع يُعطيها هذا الحق.

ونسأل الله تبارك وتعالى أن يقدر لك الخير، وأن يلهمكم السداد والرشاد، وأن يرد هذا الرجل إلى الصواب وإلى الخير والحق، هو ولي ذلك والقادر عليه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً