الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قلق المخاوف والتخلص منه

السؤال

السلام عليكم .

جزاكم الله خيرا على المساعدات العظيمة التي تقدمونها
مشكلتي لا أعرف ماذا أسميها، لكن ربما تجدون لها تسمية بعد معرفتها.
أعاني من زيادة النبضات بشكل دائم وبدون سبب، أكون في قمة الهدوء، فجأة تزيد نبضاتي، وأحيانا تزيد النبضات لسبب تافه جدا، مثلا حينما أكون بالمسجد والشخص الذي بجانبي يده تحتك فيّ، تزيد نبضاتي وأشعر بالقلق والخوف لأسباب تافهة، وأيضا أخاف من المستقبل، وأيضا حينما أدخل على أناس متجمعين بمكان ما وأريد أن أصافحهم جميعهم، تزيد نبضاتي جدا، وينشف ريقي، وأحس باختناق شديد.

والمشكلة الأخرى أحيانا عندما أتكلم مع شخص حتى لو كان من أقرب الناس لي، وأريد أن أوصل له المعلومة أو الفكرة، تذهب الأفكار التي بداخلي، وأنسى بعض الكلمات المعبرة تماما، وأشعر بالحرج، مع العلم لو أني أريد إيصال فكرة أو معلومة لأي شخص عن طريق الواتسب أو أي برنامج من برامج التواصل لوجدت أريحية ، ولم تذهب الأفكار من رأسي، ولا أنسى ماذا أريد أن أقول، فهل هي ضعف ثقة بالنفس أم ضعف شخصية أم ماذا بالضبط ؟

مع العلم أن لي شخصية عند معارفي، ولست بالمهمش أو المركون جانبا، وأنا محبوب ولي أهميتي عندهم أرجوكم أريد الحل الشافي؟

جزاكم الله الجنة ووالديكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ: إبراهيم حفظه الله
السالم عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب.
وصفك واضح جداً لحالتك، وعلى ضوء ما ورد في رسالتك، تسارع النبض الذي يحدث لك، أنا أرى وفي أغلب الظن أنه ناتج من حالة قلق المخاوف التي تنتابك، لديك مخاوف اجتماعية واضحة جداً -كما تفضلت وذكرت- أن مسبباتها تكون بسيطة ولا تستحق أبداً أن يأتي هذا الخوف للإنسان في تلك المواقف ، لكن هذه طبيعة الخوف والرهبة الاجتماعية.

موضوع التركيز وأن الأفكار والمعلومات تتطاير عنك حين يكون هنالك تواصل مباشر، وتظل هذه المعلومات في أفضل حالتها حين يكون من خلال وسيط كالواتسب مثلاً ، هذا دليل أيضا على درجة القلق التي تعاني منها ، فالقلق من أكثر الأسباب التي تؤدي إلى ضعف التركيز وانقطاع حبل المعلومات لدى الإنسان ، بالرغم من مخزونه المعرفي الجيد جداً.

الخوف والقلق الاجتماعي نجد أحد أسبابها هو أنه ربما يكون نتج من تجربة اجتماعية سلبية مكتسبة ، وفي بعض الأحيان تلعب الشخصية دورا في ذلك ، وكثير من الشخصيات الحساسة والشخصيات المنضبطة والاجتماعية قد تصاب بهذا النوع من الخوف الاجتماعي، أنت لا تعاني من ضعف في الشخصية ، لكن قطعاً الإنسان حين يتفاعل سلبياً مع موقف اجتماعي ما يأتيه الشعور بأن شخصيته ليست فعالة.

أنا أطمئنك وأقول لك هذه طبيعة المخاوف هي التي أعطتك هذا الشعور، -وأنت كما ذكرت- إنسان فعال ومحبوب لدى الجميع إن شاء الله.

الذي أنصحك به هو أن تذهب إلى الطبيب ، لإجراء بعض الفحوصات البسيطة ، من أجل التأكد من السلامة الجسدية ، والفحص يشمل على وجه الخصوص مستوى هرمون الغدة الدرقية ومستوى الدم، وكذلك السكر، هذه فحوصات عامة لكنها ضرورية ؛ لأن بعض الذين لديهم زيادة في إفراز هرمون الغدة الدرقية قد يكونون أكثر قابلية واستعداداً للاستثارة الاجتماعية السلبية التي تظهر في شكل ومخاوف أو قلق، من علاماتها تسارع ضربات القلب، وبعد أن تتأكد من أن النتائج كلها سليمة، أعتقد أنه يمكن أن تدخل في برامج علاجية نفسية، وأهم هذه البرامج أن تحقر فكرة الخوف، أن تعرف أن الذي يحدث لك هو تغير فسيولوجي طبيعي جداً، القصد منه أن يكون جسدك وعقلك ووجدانك في حالة تحفز واستعداد في مواجهة الموقف، لكن هذا الاستعداد يجب أن يكون في حدود المعقول.

أريدك أن تفهم نقطة مهمة جداً ، أن التغيرات التي تستشعرها أنت هي خاصة بك ، وهي ليست مكشوفة لدى الآخرين ، يعني أنه لا أحد يشاهد عليك ارتعاشا أو تلعثما أو تسارعا في ضربات القلب، هذا ليس حقيقيا، ومعظم الإخوة والأخوات الذين يعانون من الخوف الاجتماعي من أحد إشكالاتهم هو اعتقادهم بالضعف في المواقف الاجتماعية ، لأن ما يظهر منهم من تصرفات أو يبدو عليهم من مظاهر وحركات تدل على ضعف شخصياتهم، وأنا أؤكد لك أن لا أحد يطلع على مكوناتك الفسيولوجية .

من أفضل الوسائل العلاجية السلوكية هي أن تتخيل أنك في موقف اجتماعي يتطلب المواجهة، ويجب أن تعيش تفاصيل هذه المواجهة بكل دقة ، ارسم خارطة ذهنية متكاملة لموقف اجتماعي وقم بنوع من التمثيل الدرامي لهذا الموقف، تصور أنك تصلي بالناس في المسجد ، وهذا قد يحدث، فكيف تتصرف؟ وكيف تبدأ الصلاة؟ وما هي الآيات التي يجب أن تقرأها؟ وهكذا.

موقف آخر: طلب منك أن تقدم عرضا لموضوع معين أمام مجموعة من الناس، كيف ستواجه هذا الموقف؟ وهكذا .. وهذا نسميه التعرض في الخيال، وهو يؤدي إلى نوع من التحسن السلوكي الإيجابي التدريجي ، وبالطبع هذه المواقف في الخيال يجب أن تستصحب معها المواقف الطبيعية، لا تتجنب أبداً التواصل مع الناس ، على العكس تماما ، أكثر من ذلك ؛ لأن ذلك هو الوسيلة التي سوف تساعدك في التخلص من الخوف الاجتماعي ، وكذلك الرهبة.

هنالك تواصلات اجتماعية ذات طابع خاص وفائدة سلوكية عظيمة جداً ، منها ممارسة الرياضة الجماعية مع مجموعة من الأصدقاء، إذا انخرطت في أي أنشطة اجتماعية مثل العمل الثقافي أو الاجتماعي أو الخيري ، هذا أيضا يساعدك كثيراً في التخلص من الخوف الاجتماعي ، وحضور حلقات التلاوة فيها فائدة كبيرة جداً.

بارك الله فيك ، وجزاك الله خيراً ، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً