الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نوبات اكتئاب وملل وضيق وتغيب دائم عن المدرسة.. أنقذوني!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا طالبة في الصف الثالث الثانوي (أزهر)، عمري 19 عاما، حالتنا الاجتماعية متوسطة، لدي أخوات بنات، وهن في كليات قمة، ولي أخت توأم، وهي الآن في الجامعة.

البداية منذ أن كنت في الإعدادي كانت مدرساتي يعاملونني معاملة سيئة، ولأسباب بسيطة كتأخري، ولبس الحذاء مخالفا للزي، وغير ذلك، وقد كان هذا يؤثر علي نفسيتي كثيرا، وبرغم ذلك كنت أذهب إلى المدرسة، وأتغيب أحيانا، ولكن ما أن ذهبت إلى الصف الأول الثانوي، كنت أتغيب كثيرا لأتفه الأسباب، وأكره امتحانات الشهر، لأني لا أذاكر، وكنت أتغيب فيها واستمررت إلى امتحانات الفصل الأول ونجحت فيه.

أما في الفصل الثاني، فلم أذهب أبداً، ولم أحضر امتحانات آخر العام، ورسبت وانعزلت، ولم أذهب إلى المدرسة حتي الآن سوى أيام الامتحانات مخافة الرسوب، ومع أنني كنت لا أذاكر سوى أيام الامتحانات، ولكني -الحمد لله أنجح.

منذ سنة أخبرت أمي مديرتي بأني أتضايق من المعاملة الفظة، فتعهدت لها أن لن يضايقني أحد أبداً، وإن تأخرت، وفعلا كانوا يعاملونني معاملة حسنة في اليوم الذي كنت أذهب فيه، ولكني كنت أتغيب أيضا، فبالنسبة لي عاملوني حسنا أم لا، لم تعد هي المشكلة.

لا أذهب إلى المدرسة، ولا أخرج أبدا، وتمر شهور دون أن أتعدى عتبة بابنا لعدم رغبتي في رؤية أحد، ليس لدي أي أصدقاء، أجلس وحدي كثيرا، وإذا اتصلت بي إحدي زميلاتي للاطمئنان علي لا أرد عليها لعدم رغبتي في الحديث مع أحد، لا أزور أحدا من أقاربي، وإذا ذهبت عائلتي في إحدى المناسبات لا أذهب، وأظل وحدي في المنزل أنام 15 ساعة في اليوم، لا أستطيع أن أفعل شيئا مثل الاستحمام أو غير ذلك.

لا أصلي، ولا أذاكر ولا أذهب إلى الدروس، ولا إلى المدرسة لا أجد معنيً للحياة، لا أحب أن أرى زميلاتي لإحساسي بالنقص؛ لأني لا أذاكر، ولا أفعل شيئا مثلهم مع إني جميلة الشكل، ومحجبة ومحتشمة، فدائما يتكلمون وكأن الحياة رغدة جميلة خضراء، وأنا لا أرى ذلك، ولذلك لا أحب أن ألقاهم.

دائما أشعر بالضيق والملل والكآبة، أظل طوال اليوم دون أكل لعدم رغبتي فيه، وزني 39 ، ويقل عندما أتحدث مع إخوتي عن الأحلام، أشعر أن لدي أحلاما كثيرة أريد أن أحققها، ولكني لا أفعل شيئا.

أحيانا أجلس أمام التلفاز لأري مسلسلا، فتستيقظ أحلامي، ولكني لا أفعل شيئا سوي التخيل، فقد أجلس وحدي أتخيل أحلامي وقتا طويلا دون ملل، ودون أن أفعل شيئا، ليست لدي أي إرادة لفعل أي شيء حتى مجرد التنقل من مكان الى آخر داخل المنزل.

أشعر بالاكتئاب أحيانا وأحيانا أخرى لا، أتضايق كثيرا عندما أتذكر سني، وأختي التوأم وقد سبقتني، تنتابني نوبات اكتئاب، والفرق بين الأولي والثانية لا يتجاوز اليومين أو الثلاثة.

لم أفكر في الانتحار أبدا؛ لأن لدي أحلاما أريد أن أحققها، ولكن كيف، وأنا لا أرغب حتى في الاستيقاظ لأكثر من 9 ساعات؟ متقلبة المزاج دائما، ويغلب عليّ أوقات الاكتئاب.

فهل من حل لحالتي؟

وأعتذر عن الإطالة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ rajia حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإنه نعم! هنالك حل لحالتك، والحل بيدك أنت، المُشكلة الأساسية لديك هي أنك اتخذت المنهج السلبي ليكون طريقك في الحياة، والأمر من وجهة نظري بدأ بدايات بسيطة كتخوف أو قلق بسيط أعقبه شيء من عدم الارتياح، ثم بعد ذلك افتقدت القدرة على التكيف مع الأشياء الطيبة والجميلة والإيجابية في الحياة، وأصبحتْ كلمة (لا) راسخة في كيانك ووجدانك، فأنتِ قلت (لا أذاكر) ، (لا أصلي) ، (لا أستحم) و (لا، لا) كثيرة جدًّا لديك.

هذا مفهوم سلبي أصبح هو المنهج الذي تتبعينه في الحياة، والإنسان هو الذي يُحدد طريقه، والإنسان يتعلم من بيئته، والإنسان حباه وأعطاه الله مقدرات وطاقات داخلية، والإنسان مخيّر في المنهج الذي ينتهجه.

فيا أيتها الفاضلة الكريمة: أنت الآن محتاجة أن تجلسي مع نفسك جلسة صادقة، جلسة فيها مُكاشفة ومُصارحة مع نفسك، وتقيّمي كل مشاعرك تقييمًا مختلفًا، وتُفكري في الأشياء الطيبة، الأشياء الجميلة، والأشياء السلبية التي يجب أن تُصححيها في حياتك، أنا أعتقد أول شيء يجب أن تُصححيه هو استبدال (لا) بـ (نعم) حسبما هو مطلوب، وفي مواقف معينة: (نعم لابد أن أصلي)، (نعم لا بد أن أذاكر)، (نعم لابد أن أبر والديَّ)، (نعم لا بد أن أكون نشطة)، (نعم لا بد أن أتفوق دراسيًا) وتضعي برامج عملية وفعلية من خلال جداول يومية تلتزمي بها التزامًا تامًا.

التطبيق مهم، والإنسان يجب أن يحاول، وأنا دائمًا أنصح الناس – خاصة الذين يعانون من نفس الأعراض التي تعانين منها – ألا ينقادوا لمشاعرهم، ألا يتبعوا مشاعرهم، إنما يتبعون أفعالهم، ولذا أنت مطالبة برسم جدول يومي – كما ذكرت لك – هذا الجدول اليومي يشمل أنشطة معينة، ساعات النوم لا تكون أكثر من ثمان ساعات، الصلاة يجب أن تكون في وقتها، الاهتمام بنظافتك الشخصية يجب أن يأخذ حيزًا، عليك بالقراءة، عليك بالاطلاع، الذهاب للمدرسة، مشاركة أسرتك في أنشطتها اليومية ... إلخ، وهذه هي الحياة.

الذي أقوله لك ليس فيه مستحيل، وليس فيه جديد، وليس فيه صعب أبدًا، أنت لديك طاقات داخلية، طاقات ممتازة، لكنك لم تستفيدي منها، لأنك اتخذت المنهج السلبي، لأنك قبلتِ بالفشل، وأنت قريبة جدًّا من النجاح، فتغيير المفاهيم مهم ومهم جدًّا.

من الضروري جدًّا أيضًا أن تكون لك قدوة ونموذج حسن في حياتك، اختاري أي صديقة أو أي قريبة ترين فيها الخير، ومن اللواتي يتميزن بسمات الخُلق الطيب والفعالية والطموح، ومن هنا سوف تجدين أن هذا النموذج قد ساعدك كثيرًا في تغيير مسارك.

وأنا أدعوك بحق أن تتصوري نفسك بعد خمس أو ست سنوات، لابد أن تتخيلي نفسك وأنت في ذاك العمر، أتمنى في ذلك العمر أن تكوني قد تخرجت من الجامعة وتحصلت على درجة الماجستير، وتزوجت (وهكذا) لابد أن تضعي نُصب عينيك المستقبل بصورة إيجابية، وتسعي للطرق التي سوف تُمهد لك الطريق، بل تُوصلك إلى هذا المستقبل الجميل.

لا أرى أنك في حاجة لعلاج دوائي، أنت فقط في حاجة أساسية وضرورية لأن تفكري إيجابيًا وتعيدي تقييم نفسك بصورة أفضل، وأنا أقول لك أن الإيجابيات دائمًا أكثر من السلبيات.

وللفائدة راجعي وسائل المحافظة على الصلاة:( 18388 - 18500 - 17395 - 24251 - 55265 ) .

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً