الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف لأم شخصيتها ضعيفة أن تربي أبناءها؟ أرجو المساعدة.

السؤال

السلام عليكم.

كيف تستطيع الأم الوحيدة التي تحمل شخصيه ضعيفة وانهزامية، أن تربي أبناءها تربية صالحة، وأن تصنع منهم رجال صالحين؟ هل يمكنها ذلك؟ أم هو حلم أبليس بالجنة؟
كيف يمكنها ذلك عندما تجد العالم بأسره يقف أمامها ويقول لها: قفي هذا ليس من حقك؟
هل الضعف والجبن والانكسار قد لزمها ولزم أبناءها على مدى السنين؟
لماذا لا يحق لها أن تحلم بغد مشرق لأبنائها؟
لماذا لا يحق لها أن تسعد بهم، وأن تقوى بهم، وأن تفتخر بهم ؟
ألا يحق لها هذا ؟

كيف أستطيع التغلب على مشاكلي النفسية، وعلى عقدي إن لم أجد من يوجهني ويساعدني ويحتضنني؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ صابرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.

نحن هنا نراجع مشكلة مفاهيم معرفية أساسية، يذكر أحد علماء النفس المرموقين واسمه (آرون بك) أن الإنسان يدفع الهزيمة في ذاته من خلال التفكير السلبي - خاصة فيما يتعلق بمقدراته - حين يستحوذ هذا التفكير السلبي يرى الإنسان أنه لا قيمة له، وأن المستقبل مظلم والماضي سخيف والحاضر لا أمل فيه.

إذن هذه الأم التي تفكر على هذ النسق هي أم منهزمة من خلال الفكري السلبي، والعلاج يكون ببساطة شديدة هو أن تغيِّر هذا الفهم، ما دامت أصبحت أما فيعني أنها مؤهلة لأن تعيش حياة جيدة وطيبة ومتوازنة، فأول نقطة تبدأ بها هذه الأم – وأنت وكل الأمهات – هي تقييم الذات، وتقييم الذات يجب أن يكون منصفًا وعلى أسس.

التقييم الذي أراه أمامي تقييمًا سلبيًا ولا شك في ذلك، وهذه المشكلة الأساسية التي جعلت الشعور بالفشل والانكسار يسيطر عليك، فيا - أيتها الفاضلة الكريمة – قيّمي أمورك وذاتك ونفسك بصورة مختلفة، وبعد هذا التقييم المنصف حاولي أن تفهمي ذاتك، ثم اسعي في تطوير ذاتك من خلال الاستفادة من الآليات الإيجابية المتوفرة في حياتك.

أعتقد أن هذا هو الطريق الوحيد والطريق الأساسي لأن يُبدل الإنسان فكره من فكر سلبي إلى فكر إيجابي.

افتقاد من يوجه ومن يساعد ومن يحتضن: يجب ألا يكون شاغلاً لأن الإنسان بعد أن يُصبح مُدركًا وله العقل وله المقدرة المعرفية يستطيع أن يوجه نفسه ويستطيع أن يعتمد على نفسه، هذا لا يعني أن ينتفي الأثر الاجتماعي الإيجابي، لأن الإنسان بطبيعته اجتماعي ويحتاج لبيئة تتوفر فيها شيء من المساندة، وهذه موجودة بطبيعة البشر، لا يمكن للإنسان أن يكون متقوقعًا ومنعزلاً، لا، كل الناس يُوجد حولهم من يتفهمهم ومن لا يتفهمهم، ونحن مطالبون أن نقبل الناس كما هم لا كما نريد.

أيتها الفاضلة الكريمة: إدارة الوقت مهمة جدًّا لأن يتخلص الإنسان من مشاعره السلبية حول نفسه خاصة مشاعر الفشل، وضع خارطة ذهنية، أو أن تُكتب على ورقة – هذا هو الأفضل – يدير الإنسان من خلالها وقته -هذا مطلوب – (ماذا سوف أفعل بعد صلاة الفجر؟ وماذا سوف أفعل قبل أذكار النوم في المساء؟) استثمارًا كاملاً للوقت بصورة صحيحة، ويجب أن نستفيد من الوقت للأنشطة الحياتية المختلفة: الواجبات الأسرية، التواصل الاجتماعي، القراءة، الاطلاع، العبادة، شؤون المنزل، مشاركة الآخرين في مناسباتهم، وهكذا.

والإنسان حين يدير وقته بصورة صحيحة يستطيع أن يحطم مشاعره السلبية، لأن الفعل الإيجابي دائمًا أقوى من الشعور السلبي، ونحمد الله تعالى أن وهبنا الآليات الداخلية والطاقة الموجودة فينا حتى، وإن كانت كامنة فهي موجودة، ونحن مطالبون بتغيير أنفسنا من خلال الاستفادة منها، لأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.

أيتها الفاضلة الكريمة: هذا الفكر السلبي لا شك أنه مُحبط وأنه أدخلك في شيء من الاكتئاب، ولذا أرى أن التغيير البيولوجي من خلال أحد مضادات الاكتئاب مثل الفلوكستين سيكون أيضًا إضافة علاجية ممتازة، فأرجو أن تجربي هذا المركب الدوائي، أو إن استطعت أن تقابلي طبيبًا نفسيًا فهذا جيد.

جرعة الفلوكستين هي كبسولة واحدة في اليوم - وقوة الكبسولة هي عشرين مليجرامًا - يتم تناولها بعد الأكل، الاستمرار على هذه الجرعة لمدة شهر، ثم بعد ذلك ترفع إلى كبسولتين في اليوم – أي أربعين مليجرامًا – ويكون الاستمرار عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفض إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم يتم التوقف عن تناول الدواء.

كلمة أخيرة: الحياة أفضل وجميلة، كوني إيجابية، توكلي على الله تعالى، عيشي حياتك بقوة ومستقبلك بأمل ورجاء، لا تفكري في الفشل، الذي يقبل بالفشل يجب أن يعرف أنه كان قريبًا جدًّا من النجاح، لكنه لم يستمر في محاولاته.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً