الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الوسواس أتعبني وجعلني أشك في كل شيء!

السؤال

السلام عليكم

أنا منهارة نفسيًا تمامًا، ولا أعلم ما الذي أعاني منه! وأصبحت أشك في كل شيء أقوم بعمله، أشعر بعدم الثقة في أي شيء، يأتيني وسواس سخيف يتعبني، وأنا أعلم أن كل هذا من العبث، لكني أشعر أنني سأجن! أقوم بعمل أشياء في منتهى الغرابة، وحينما أتوتر أقوم بعمل حركات غريبة، لا أستطيع أن أصفها، لأنها حركات كلها مجنونة، وحتى الكلام، سواء أنا قلته لأحد، أو أي أحد قاله لي، أشعر وكأنه كلام جارح، وعلى سبيل المثال: لو سألني أحد وقال لي: كم الساعة؟ أرد عليه بكلام سخيف، بسبب الوسواس، وأظل أكرر في الكلام، حتى شعرت بالخجل من تكرار الكلام.

في الامتحان أطالع أشياء غريبة في الورقة، وأترك الامتحان، ولا أعلم لماذا؟ مع العلم أنه كان يأتيني وساوس في الدين، لكنه أسهل من الوسواس الذي أعاني منه حاليًا، وأنا أكتب إليكم الآن أتعذب، ولا أعلم ماذا أكتب؟ أنظر للشيء عدة مرات حتى أتأكد منه، ومع ذلك أظل غير متأكدة منه، وحينما أكلم أحدًا على الإيميل، يأتيني وسواس بعد ذلك أن هذا ليس هو الشخص الذي كنت أكلمه سابقًا، وحتى أشك في الإيميل نفسه أنه ليس إيميلي!

كلمت أحد الدكاترة، وقال لي: عندك فصام جزئي، وأنا كنت أظن أنه وسواس قهري، كما أنني أقوم بغسل يدي مليون مرة.

أرجوكم ساعدوني، لأنه لا يوجد أطباء نفسيون في البلد الذي أنا فيه.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سندس حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه واضح أنك تعانين من درجة عالية من قلق وتوجس، والذي يظهر لي: أنك تعانين من قلق توقعي، أو ما يسمى بالقلق الاستباقي، وفكرك هو فكر وسواسي – كما تفضلت وذكرت – والوساوس تكون في مكوناتها دائمًا غريبة وعجيبة، خاصة إذا ناقشها الإنسان، أو حاول أن يحللها، أو حاول أن يصل إلى جذور طبيعتها، وأنت كنت دقيقة جدًّا حين ذكرت أنك حين تكتبين لنا الآن بدأت الوساوس تكون أكثر شدة وحدة، وهذا معروف، حيث إن الوساوس حين يتم تجاهلها تسبب قلقًا، لكن في نهاية الأمر هذا القلق سوف ينخفض، وهذه أحد سبيل علاج الوساوس، وحين يهتم الإنسان بها أو ينشغل بها أو يذكرها تنتعش الوساوس وتصبح أكثر تشعبًا، وتستحوذ على صاحبها بصورة أكبر.

أعتقد أن هذه الملاحظة التي ذكرتها بالنسبة لي مهمة جدًّا كمؤشر مهم في التشخيص؛ لذا أنا أكثر ميولاً أن أقول لك: أن حالتك في الأصل هي نوع من قلق الوساوس، وقلق الوساوس يؤدي إلى تشتت في التفكير، يؤدي إلى الشعور بالمزيد من القلق، يؤدي إلى عسر المزاج، يؤدي إلى شعور بالغرابة لكل شيء، الإنسان يستغرب في نفسه، وحول ذاته، ويصبح غير متأكد كأنه منفصل عن محيطه، أو كأنه منفصل عن ذاته.

أما بالنسبة لما ذكر لك الطبيب من أنه فصام الجزئي: أنا قطعًا لا أستطيع أن أنقض كلام الأخ الطبيب الذي قام بفحصك؛ لأنه في موقف أفضل مني، لكن لا أرى (حقيقة) مؤشرات فصامية تجعلني أؤكد على هذا التشخيص.

أنا كنت أتمنى أن تكون لك فرصة للذهاب لمقابلة الطبيب؛ لأن مثل حالتك هذه تحتاج للمزيد من التفسير والتحليل والأخذ والرد، لكن بما أن ذلك فيه صعوبة - كما ذكرت.

أعتقد أن تناول أحد الأدوية المضادة للوساوس – على أن يدعم بدواء آخر – أعتقد أن ذلك سوف يكون أمرًا جيدًا، وعقار (بروزاك) الذي يعرف علميًا باسم (فلوكستين) أرى أنه مناسب جدًّا في حالتك، وفي مصر يسمى تجاريًا (فلوزاك).

الجرعة المطلوبة في حالتك أن تبدئي بتناول الدواء بجرعة كبسولة واحدة – أي عشرين مليجرامًا – يتم تناولها بعد الأكل، تستمري عليها لمدة أسبوعين، بعد ذلك اجعليها كبسولتين في اليوم – أي أربعين مليجرامًا – يمكن تناولها كجرعة واحدة في الصباح أو في المساء، وهذه هي الجرعة العلاجية التي يجب أن تستمري عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضي الجرعة إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر، ثم اجعليها كبسولة يومًا بعد يوم لمدة شهر.

هذا الدواء دواء ممتاز وفاعل وناجع جدًّا، وأعتقد أنه سوف يفيدك كثيرًا، ولا مانع أن يُدعم (الفلوزاك) بدواء آخر يعرف باسم (رزبريادون) وجرعته هي واحد مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر فقط.

هذا هو الذي أراه من حيث العلاج الدوائي، والعلاجات الأخرى بالطبع تتمثل في أن تكوني إيجابية في أفكارك وفي جميع أفعالك، وأن تديري وقتك بصورة طيبة، وأن تحرصي على صلواتك وتلاوة القرآن والدعاء والذكر، وأن تتواصلي اجتماعيًا، وأن تحرصي على البر بوالديك، وأن تكوني متميزة في وظيفتك؛ لأن التطوير والتطور المهني يفيد الإنسان ويساعده، ويُشعره بالفعل أنه نافع لنفسه وللآخرين.

وهنالك أيضًا تمارين تسمى بتمارين الاسترخاء ذات قيمة كبيرة جدًّا، فأنصحك أيضًا بأن تحرصي على تطبيقها، وموقعنا به استشارة تحت رقم (2136015) أرجو أن ترجعي إليها وتطلعي عليها، وتستفيدي من التوجيهات الواردة فيها.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله لك الشفاء والعافية، والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الله يشافيكي

    الله يشافيكي

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً