الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أبي مريض يصرخُ في الشوارع ويسبني كلما رآني!

السؤال

أبي مجنون ويصرخ في الشوارع، ويسبني كلما رآني، وبلا سبب! فماذا أفعل حيال هذا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ بلال حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت، وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يجعلك بارًا بوالديك محسنًا إليهما، كما نسأله جل جلاله أن يصرف السوء عن أبيك، وأن يشفيه، وأن يعافيه، وأن يرد إليه عقله، إنه جواد كريم.

بخصوص ما ورد برسالتك - ابني الكريم الفاضل –، فإنك تعلم أن الله جل جلاله عفا عن مثل هذه الحالة، وأن والدك إذا كان مجنونًا بمعنى الكلمة – بمعنى الطب الشرعي والطبي – فإنه لا حرج عليه ولا لوم ولا عتب؛ لأنه أصبح بلا عقل، والذي يُصبح بلا عقل – عافانا الله وإياكم وسائر المسلمين – يُصبح أشبه ما يكون بالحيوان، لا يميز، ولا يفرق، وقد يكون له نوع من العدوانية أيضًا فيؤذي غيره.

لذلك – يا ولدي – ليس هناك موقف تقفه أمام والدك إلا الصبر الجميل، واحتمال الأذى بكل ما وسعك ذلك، وإياك ثم إياك أن تمتد يدك عليه بحال من الأحوال، أو أن تُطلق لسانك للعنان ليقول كلمة واحدة؛ لأن ذلك من العقوق ، فيسخط الله عليك، والعياذ بالله تعالى.

عليك بالصبر الجميل، وإذا كان والدك كلما رآك فعل كذا وفعل ما يفعل فحاول أن تتحاشاه وألا تمر أمامه، حتى لا تسبب له إثارة، وبالتالي يسبب لك إزعاجًا.

اصبر على والدك –يا ولدي– فوالدك معذور من الله، وبالتالي ينبغي أن يكون معذورًا منا نحن جميعًا، ومنك أنت على وجه الخصوص؛ لأن العلماء يقولون: العقل مناط التكليف، والنبي - صلى الله عليه وسلم – يقول: (رفع القلم عن ثلاثة) ومنهم (وعن المجنون حتى يُفيق) فوالدك الآن رجلٌ خارج إطار التكليف الشرعي، ولا لوم عليه ولا عتب في أي شيء يفعله من هذه التصرفات التي ذكرتها، وليس هناك من حل لهذه المسألة إلا أن تحاول اجتنابه، مع الدعاء له أن الله تبارك وتعالى يرد إليه عقله، ويرد إليه ذاكرته، ويرد إليه رُشده وصوابه؛ حتى لا يكون سببًا في إيذائك، أو إيذاء أحد من الخلق.

ألا فلنحمد الله – ولدي بلال – على نعمة العقل ونعمة الصحة، ولندعوَ الله تعالى لأبيك جميعًا أن يشفيه الله تعالى، وأن يرد إليه عقله، إنه جواد كريم. هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً