الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي راقٍ في معاملته لكنه عقيم ولا يصلي... فهل أستمر معه؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا متزوجة منذ عامين و9 أشهر، زوجي إنسان حنون وكريم وراقٍ في معاملتي، لكنه مهمل في دينه، لا يصلي، رغم أننا ذهبنا إلى الحج إلا أنه لم يتغير، إضافة، إلى أنه لا ينجب، حيث أن التعداد هو 2 مليون فقط، ويعاني من البدانة الشديدة.

علاقتنا تغيرت كثيراً نحو الأسوأ، أصبحت أراه كتلةً من الأخطاء، وأفكر في تركه يومياً، وأعيش الألم في حياتي، فهل الله هو من اختارني لهذا الإنسان أم أنا من اخترته لنفسي؟ خفت أن يؤثر على ديني فالتزمت بمعهد حفظ القرآن حتى أتمسك بديني.

العودة إلى بلادي الآن أشبه بالمستحيل نظراً لظروفها الدامية، وأشعر بتأنيب الضمير على اختياره، وأشعر بشوق كبير للأولاد، زوجي تغير كثيراً في معاملته، أصبح غاضباً جدا ويثور لأتفه الأسباب، وربما يقاطعني شهورا لأجل طعام لم أفعله كما يريد.

سؤالي: هل يجوز لي البقاء معه؟ وهل يجوز لي أن أتركه؟ وهل كان هو خياري أم خيار الله لي؟ أأصبر أم أترك؟ كل يوم عندي هاجس، أخاف من الله أن يعاقبني، وأبكي بحرقة على ما أنا فيه، زوج لا يصلي وعقيم، وبالرغم من ذلك أشعر في صميمي بأني أحبه، وأن الله سيهديه، وأدعو الله كل يوم في القيام.

أرجوكم أفيدوني وأريحوا هم قلبي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ريما حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

مرحبًا بك أختنا الكريمة في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يقر عينك بصلاح زوجك وبالذرية الطيبة.
نحن نتفهم - أيتها الكريمة – الهموم التي تعيشينها، ولكننا لا نرى في أحوالك ما يدعو إلى كل هذا الهم والقلق، فإن كل ما أنت فيه هو بقضاء الله تعالى وقدره، والله عز وجل أرحم بك من نفسك وأعلم بمصالحك، ومن ثم فهو سبحانه وتعالى الأحكم فيما يختاره لك.

فنصيحتنا لك أن تتعاملي مع واقعك بشيء من الرضا والاطمئنان إلى تدبير الله تعالى وحسن قضائه، وأن ما أنت فيه وإن كرهت شيئًا منه فإن الله تعالى سيجعل لك فيه خيرًا كثيرًا.

نحن نشاركك -أيتها الأخت– التألم من حال هذا الزوج من حيث تركه للصلاة وتهاونه فيها، ولكن ما ذكرت من أوصاف هذا الزوج من الرحمة والكرم وحسن الخلق، هذه الأوصاف -أيتها الأخت الكريمة– تدعو صاحبها غالبًا إلى سماع النصح والتأثر بما يقوله له الإنسان المُحب.

فنحن على ثقة من أن هذا الزوج إذا ما احتسبت أجرك عند الله سبحانه وتعالى وبذلت وسعك في محاولة نصحه وإعانته على نفسه ليتخلص من هذه الحال التي هو فيها، فإن ذلك سيترك فيه الأثر الكبير، وأنت مأجورة الأجر العظيم، فلأن يهدي الله بك إنسانًا واحدًا خير لك من أموال الدنيا كلها، فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا خير لك من حُمْر النَّعم).

فحاولي -أيتها الأخت الكريمة– باللين والرفق أن تُصلحي حال هذا الزوج وترديه إلى الله تعالى، والرفق زين في كل شيء، فإنه ما من شيء يدخله الرفق إلا صلح وتم، وما يُنزع الرفق من شيء إلا فسد، وإذا أراد الله بأهل بيت خيرًا أدخل عليهم الرفق.

وتذكري قول الله سبحانه وتعالى: {وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم وعسى أن تُحبوا شيئًا وهو شرٌ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون} فما يدريك لعل الله سبحانه وتعالى يريد لك الخير الكثير بهذا الزوج من حيث لا تحتسبين، فلا تتعجلي الأمور، ولا تتسخطي ما كتب الله تعالى لك، فإنك لا تزالين في السنوات الأولى من الزواج.

ومسألة تحصيل الولد والذرية، لا يمكن الجزم الآن بأنك لن تُنجبي من هذا الرجل، فكم من حالة أسوأ من حالته أعقبها الله تعالى حالة حسنة وحصل الإنجاب، واقرئي في كتاب الله تعالى وستجدي ما يقوي في نفسك هذا المعنى.

نصيحتنا لك -أيتها الأخت– أن تتسلحي بمزيد من الصبر، وأن تستعيني بالله سبحانه وتعالى وتكثري من اللجوء إليه وسؤاله، وتحري أوقات يُشتد فيها رجاء الإجابة كالدعاء حال السجود، وفي آخر الليل، وبين الأذان والإقامة، وحال الصوم، ونحو ذلك من الحالات والأوقات الشريفة، فاسألي الله تعالى أن يقدر لك الخير ولزوجك، وأن يهديه ويرده إليه ردًّا جميلاً.

لا شك -أيتها الأخت الكريمة– أن اقتصار نظرك الآن على الجانب السلبي في الزوج بغّض إليك هذا الزوج كله، وما ينتج عن الزوج من تصرفات قد تكون ردة فعل لما يراه ويجده منك.

فنصيحتنا لك أن تنظري إلى الجانب الآخر في هذا الزوج، الجانب الإيجابي، الجانب المشرق، الجانب الحسن، وهو بلا شك أكثر وسيطغى على الجانب السلبي بمراحل عديدة، والنبي -صلى الله عليه وسلم– يوصي الرجال فيقول: (لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقًا رضي منها آخر) وكذلك الحال بالنسبة للزوجة، لا ينبغي أن تُبغض زوجها بُغضًا مطلقًا، فإن فيه من الخصال والجوانب الحميدة ما يدعوها إلى حبه، وأنت تجدين هذا الحب في قلبك.

فنصيحتنا لك أن تبذلي وسعك في محاولة إصلاح هذا الزوج، وإقناعه بأن يعرض نفسه على الأطباء، فإن لكل داء دواء.

نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية حبيب

    انا انصحك بعدم طلب الطلاق لان هذا اختبار من الله لك يمتحن صبرك على زوجك فلو كنتي تنتي التي لت تنجبين ماذا تفعلين.

  • الجزائر linda

    السلام عليكم الصبر مفتاح الفرج لا تحكمي عليه توكلي علي الله ان الله مغير الاحوال سبحانه

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً