الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخبرتني صديقتي بأني كثيرة الانتقاد للآخرين، فما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أود أن أطرح عليكم مشكلة، أخبرتني صديقتي قائلة: أنتِ كثيراً ما تنتقدين، وكثيراً ما تعلقين على كل شيء حتى إني أحس أني لا أريد أن أقول شيئاً لك.

تقبلت نقدها وطريقة طرحه وأحسست بالمبالغة، لأني لم أر شيئاً تغير من ناحية تحدث صديقاتي معي، لكن الذي استغربته هل أنا فعلاً أنتقد كثيراً؟ صحيح أحياناً صديقاتي يقلن لي قصة أو يجعلنني أشاهد عملاً ما، فأبدي رأيي به ثم أنتقد، مع العلم أني والله أمدح الشيء بصدق ثم أذكر النقد بصدق أيضاً، فبرأيي لم تجعلني أشاهد عملها إلا وتريد الرأي بصدق لا مجاملة! ربما تقول إحداهن: نعم، لكني انتهيت من عمله، أي لا يفيد نقدك، فأقول لها: أريدك أن تتجاوزي هذا الشيء في المرة القادمة، فقط هذا قصدي، وأرى البنت التي دائماً ما تبدي رأيها بصدق وتنتقد تكون الأولى في طلب رأيها، وأحب كثيراً التي تنتقد حتى أستفيد.

لا أدري ماذا أفعل؟ هل أتوقف عن النقد وأهز رأسي بقول: جميل .. إلخ؟ أو أسكت ولا أنقد أبداً؟ صرت أدعو الله أن يرزقني الصمت دائماً، والكلام للضرورة، وأن لا يجعل لساني سبباً في بغض أحدهم لي أو شراً لي أو لمسلم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ من الناس حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

شكراً لك على التواصل معنا، والكتابة إلينا.

الحياة كلها تعليم وتغيير في السلوك، ومما يعيننا على تحقيق هذا ما نسمعه أو نراه من الناس من حولنا، فالإنسان مخلوق اجتماعي بطبعه، وليس بالضرورة أن ما نحبه يعني أنه يحبه الناس، فالناس فيما يعشقون مذاهب، بعضهم يحبون المجاملة ولا يرغبون بسماع انتقاد لهم، مهما كان المنتقد لطيفاً ومخلصاً، بينما هناك من يسّر كثيرا بسماع الانتقاد الذي يصحح مساره، ويساعده على الوصول للنجاح، وهناك من هو بين هذا وذاك، وكذلك هناك من الناس من هو سلبي فلا يرى إلا نصف الكأس الفارغ، بينما هناك أناس أكثر إيجابية، وهؤلاء ينجحون في رؤية شيء إيجابي حتى في الأمور التي تطغى عليها الجوانب السلبية، وهنا من هو بين هذا وذاك.

يا ترى أي نوع من الناس أنتِ؛ سواء في الاستماع للنقد أو في توجيهه؟ من الصعب أن يجيب الإنسان من نفسه فقط عن هذا السؤال، والأصح أن يشارك في هذا الجواب الناس الآخرون من حولنا.

هذا الانتقاد الذي وُجّه إليك إذا أتى فقط من فتاة واحدة بينما الأخريات لا يوافقنها على رأيها هذا، فربما هذا يشير إلى عدم موضوعية هذه الفتاة وتحاملها عليك، وأما إن كان هذا الانتقاد قد وُجه إليك من عدد من الفتيات، فربما يفيد أن تستمعي إلى بعض هذا الكلام و"رحم الله امرأ أهدى إليّ عيوبي".

وعلى كل الأحوال فليس الصمت وعدم الكلام هو ما نقصده، وإنما معرفة طبائع الناس، وطبيعة المواقف والظروف التي نحن فيها، فليس هناك طريقة واحدة للتعامل مع كل الناس وفي كل الظروف والأحوال، وقد كان الرجل يأتي لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويسلم ويسأله: "انصحني"، فينصحه بعمل يعتقد الرسول -صلى الله عليه وسلم- بأنه يناسبه أو هو في حاجة إليه، ويأتيه آخر بالسؤال نفسه فيعطيه جواباً مختلفاً، وكل بحسب شخصيته وظروفه وهكذا.

تعرفي على البنات من حولك، وطبيعة شخصياتهن، ومدى رغبة الواحدة منهن في الاستماع للنقد، وإذا كنت في حيرة ولم تتأكدي، فربما يفيد أن تكوني على الجانب الحذر من عدم توجيه الانتقاد، ريثما تتعرفي أكثر طبيعة الموقف وما يناسبه، ولكل مقام مقال، وهذه هي عين الحكمة.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً