الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أنسى من خطبني أولاً؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

قبل فترة أحببت شخصاً، وكذلك هو، وتعلقنا ببعضنا كثيراً، وجاء خصيصاً ليطلبني من أهلي لأنه إنسان ملتزم، أحب أن نرتبط بالحلال، وأردنا الخير، ومشاعرنا كانت قوية.

المشكلة أن أهلي رفضوه أكثر من مرة، لأنه لا يعيش بنفس البلد، انزعجت كثيراً لأنني شعرت أنه من معايير الزواج هو الدين والالتزام، وليس الغربة.

تقربت إلى الله أكثر فأكثر لأنسى ما مررت به، وأدعو له ولي أن يعوضنا خيراً، لكن أريد مساعدتكم، كيف لي أن أنسى كل هذه الشهور؟ وهل النسيان صعب؟

أريد أن أتعلم أكثر عن قربي من الله، ودوره في تجاوز ما مضى.

شاكرة لكم جهودكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ربى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فنرحب بك ابنتنا الفاضلة، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، ونتمنى أن يتفهم الأهل هذه المعاني، وأن أمر الزواج بيد الشاب والفتاة، وأنهم لا ينبغي لهم أن يتدخلوا منعاً ورفضاً إذا كان الخاطب صاحب دين وخلق، وحدث الميل والتوافق من الناحيتين.

أما وقد تدخلوا، فإننا نذكرك بما يلي:
أولاً: ينبغي أن ننظر إلى دوافعهم، فهم يحبونك، ويريدون لك الخير حسب زعمهم، ويريدون أن يكونوا إلى جوارك، وهذه أمنية كل والد ووالدة، وإن كانت هذه المشاعر جميلة، ولكن ما ترتب عليها لا نوافق عليه، ولكن دائماً إذا نظرنا إلى مقاصد الناس ودوافعهم نجد أننا أحياناً قد نلتمس لهم بعض الأعذار أو على الأقل قد لا نتألم مما حدث؛ لأن هذا دليل على حبهم لك، ودليل على رغبتهم أن تكوني بجوارهم، ولشدة حبهم لا يريدون لك البعد عنهم، وهذا حب جلب ضراراً، لكن هذه الحقيقة، وفهمهم في هذا الجانب فيه تخفيف عليك من الآلام الحاصلة.

ثانياً: إذا كان هناك احتمال أن يقبلوا، وكان الخاطب مصراً ومستعداً للمحاولة مرة أخرى، ويدخل وجاهات ويطلب وساطة العلماء والفضلاء ممن تطيعهم الأسرة، فهذا خير وحسن؛ لأن الفتاة العاقلة هي المطلوبة، وهي التي يكرر الرجل ويسعى لطرق الأبواب، ولا بد لمكثر قرع الأبواب أن يلج، أي أن يفتح له يوماً، فإذا كان هنالك احتمال موافقة الأسرة وليونتها، فنحن نتمنى من الخاطب أن لا يتوقف، وأن يكرر المحاولات، وأن يعرف من يمكن أن يؤثر على العائلة فيدخل الوساطة، إلى غير ذلك من المحاولات.

أما إذا كان هذا التلاقي مستحيلا، فنتمنى أن تشغلي قلبك بطاعة الله تعالى، فهذا المشاعر لا تتعمق وتزعج النفس إلا إذا كان الإنسان فارغاً، أما إذا انشغل الإنسان بمعالي الأمور وحب ربنا الغفور، والحرص على طاعته وتلاوة كتابه، فإن ذلك فيه فرصة للتناسي، والتسلية للنفس، وشغل النفس بما هو أغلى وأعلى.

حب الله تعالى ينبغي أن يعمر قلوب المؤمنين والمؤمنات، والإنسان إذا أقبل على الله بصدق، فإن حبه لله تعالى والحلاوة التي يجدها من خلال الطاعة سوف تنسيه صعوبة الموقف الذي مر به.

نحن نؤكد لك أن الموقف الذي حصل لك صعب، ولكن الأصعب منه هو الاستمرار والتمادي، وتجاوز حدود الله تعالى والسير في هذه العلاقة في الخفاء، وأنت إن شاء الله تعالى أبعد من هذا، ولكننا نقول هذا الرفض في البداية أفضل من الرفض بعد أن تتعمق المشاعر، وتذهب بعيداً في هذا الميدان، وتدخلوا في هذا النفق الطويل، والحمد لله أن الأمر كان في البداية.

نحن ندعوك إلى الاقتراب من العائلة، ومن الوالدة، وتحاولين دائماً أن تحسني عرض طلباتك، وأن تبيني لها بأسلوب مناسب حاجتك للزواج، وإذا كان هناك من يتكلم بلسانك فهذا خير كبير، من الخالات والعمات أو الأخوال أو الأعمام أو أي محرم من المحارم أو خالة من الخالات، إذا كانت تستطيع أن تدافع عنك وتعرف وجهة نظرك، فهذا سيكون حسناً.

أما أنت فندعوك لمزيد من البر بالأسرة، ومزيد من القرب من الله تعالى والاشتغال بالتلاوة والإنابة.

نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان، ثم يرضيك به، وأن يلهمك السداد والرشاد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً