الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أعالج عض الشفتين اللاإرادي، وقطع الجلد حول الأظافر؟

السؤال

السلام عليكم.

مشكلتي هي استمراري في عض الشفتين حتى يسيل منها الدم، وفي الفترة الأخيرة لاحظت أن الحالة تكررت لكن في إصبعي السبابة اليسرى، حيث أصبحت أقطع الجلد حتى ينزف! وأشعر أني مجبرة على هذا الفعل ولا أصبر عنه، ما السبب؟

وشكرًا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نورة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

هنالك الكثير من العادات التي تعتبر في الأصل عادات عُصابية مكتسبة، ونعني بعُصابية أنها كانت غالبًا نتاجًا لتوتر نفسي بسيط، وبعد ذلك وجد الإنسان نوعًا من المتنفس الذي يُريحه من خلال القيام بعادة عض الشفتين أو قضم الأظافر، وهنالك أيضًا تصرفات كثيرة مشابهة لهذا الذي تقومين به.

بعض علماء النفس أيضًا أدرجوا هذه الحالات تحت طيف الوساوس القهرية الطقوسية، أي أنها تحمل النمط والنسق الوسواسي في طبيعتها، وإن كانت ليست مطابقة مائة بالمائة لما يُعرف أو ما يسمى بالمعايير التشخيصية للوساوس القهرية.

إذن هي عادات مكتسبة، -وكما ذكرت لك- بدأت نتيجة لوجود قلق أو توتر، والعادة كمتنفس نفسي لكنها قطعًا عادة ليست صحيحة، ليست سليمة، وبعد ما ذكرناه لك من شرح وتفسير للحالة يجب أن تضعي أمامك خطة علاجية واضحة، وهي أن الشيء المكتسب والمتعلم يمكن أن يُفقد من خلال التجاهل، ومن خلال عدم اعتباره وتحقيره، وإدراجه تحت المهملات، هذا يحتاج منك لتغيير فكري أساسي حول ما تقومين به من عض للشفتين، وهي بلا شك عادة قبيحة وليست طيبة، وفي حالتك تطور الأمر حتى أدي إلى أن تسيل الدماء، وامتد الأمر أيضًا ليشمل إصبعك السبابة اليسرى، فالتغير مطلوب جداً من خلال الاستيعاب أن هذا الفعل السلوكي فعل خاطئ.

بعد ذلك تركزي في التطبيقات السلوكية التي سوف تساعدك كثيرًا، وهي استبدال الفعل العُصابي الوسواسي بفعل آخر، قولي لنفسك: (بدلاً من أن أقوم بعضِّ شفتيَّ سوف أقوم بالضرب على يدي على جسم صلب كسطح الطاولة مثلاً) اربطي بين الاثنين، بين عض الشفتين والتي هي من العادات القبيحة لكنها بالنسبة لنفسك فيها مردود إيجابي، أما الضرب بيدك على جسم صلب فهذا يؤدي إلى الألم، وهنا يكون المردود منفرًا وليس إيجابيًا، ويعرف أن الفعل السلوكي المرفوض يمكن إضعافه بهذه الطريقة.

أتمنى أن تقابلي أخصائية نفسية لتطبق هذه التمرينات البسيطة أمامك، لكن أعتقد أن المفهوم أصبح واضحًا بالنسبة لك، وهذه التمارين التنفيرية الاستبدالية، تستبدلين الفعل الوسواسي بفعل آخر منفر منه، بشرط أن يكون هنالك ربطًا لصيقًا بين الاثنين، يعني: تأملي أنك تودين عض شفتيك لكن لا تقومي بذلك، وفي نفس اللحظة قومي بالضرب على يدك بشدة حتى تتألمي -كما ذكرت لك- ويجب أن يُكرر هذا التمرين عشر مرات متتالية على الأقل، والشيء نفسه بالنسبة للإصبع، ويمكن أن تغيري محتوى السلوك بدل الضرب على يدك مثلاً، تقومي في نفس اللحظة بشم رائحة كريهة مثلاً، هذه كلها منفرات.

التمرين الآخر هو تمارين الاسترخاء، هي ذات فعالية كبيرة جدًّا لمن يريد بالفعل أن يتخلص من قلقه، وعصابيته الوسواسية التي تظهر في شكل حركات مثل ما تقومين به، وموقعنا لديه استشارة تحت رقم (21360156) أرجو أن ترجعي لها، وتسترشدي بها وتطبقي ما بها من توجيهات، وهي مفيدة جدًّا.

النقطة الأخيرة التي أود أن أذكرها هي: أن دراسات كثيرة جدًّا أفادت أن عقار (فافرين) الذي يعرف علميًا باسم (فلوفكسمين)، هذا الدواء على وجه الخصوص وجد أنه يفيد كثيرًا في علاج هذه الحركات التطبعية العُصابية الوسواسية -كما ذكرنا-، وجرعة الفافرين هي خمسون مليجرامًا، يتم تناولها بعد الأكل لمدة أسبوعين، بعد ذلك ترفع الجرعة إلى مائة مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفض إلى خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة شهر، ثم خمسين مليجرامًا يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم تتوقفي عن تناول الدواء.

أرجو أن تأخذي الرزمة العلاجية متكاملة، بجانبها الدوائي وجانبها النفسي والتوجيهي والسلوكي، وإن استطعت أن تقابلي مختصًا نفسيًا لا شك أن ذلك سوف يكون مفيدًا لك.

بارك الله فيك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السودان NANAT

    شكرا جزيلا.وجزاكم الله خيرا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً