الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخي يعضلني أن أتزوج، ما العمل معه؟

السؤال

السلام عليكم

أريد مشورتكم في أمر خطوبتي، فأنا أبلغ من العمر 34 سنة، في السابق تقدم لي الكثير، ولكني لم أكن وقتها قادرة على اتخاذ قرار الزواج، كنت لا أرى نفسي مستعدة!

قبل 6 سنوات تقدم لي شخص يصغرني بثمان سنوات، ولكني رفضته، لأنه كان ما زال طالباً يدرس، وبعد تخرجه عاد من جديد وتقدم لي وأحضر أهله، ولكن أهلي هذه المرة رفضوه، لأن نسبه لا يناسبهم!

أنا اقتنعت به، لأن أخواته أخبرنني عنه، وعن كامل تفاصيل شخصيته التي أحتاج أن أعرفها، عرفت أنه إمام مسجد، ملتزم، خلقه عال.

عاد للمرة الثالثة، هذه المرة تقدم لي عن طريق أخي الأكبر ـ وأخي الأكبر عامله بسوء-، فقد مر الآن على موضوع تقدمه الأخير أكثر من ثلاثة أشهر، وأخي لم يكلف نفسه حتى الرد عليه بالرفض أو الموافقة، معتمداً على رفضنا السابق له!

عندما ناقشني أخي، قال لي مسألة النسب عندنا من الأولويات، وأنا لأني أعزك لا أريد لك الزواج، وقال عبارة أقسى (أنا من كثرة ما أعزك لا أريدك أن تتزوجي أبداً) لم أستطع الجمع بين الكلمتين (معزته لي ورغبته في عدم زواجي).

وعندما مررت بشريط الذكريات السابقة، وجدت أن أخي الأكبر كان خلف تشويه صورة كل من سبق وأن تقدموا لي! وجدت أنه لم يكن يشجعني عليهم أبداً، وكان يختلق الأسباب لرفضهم، ووصلت إلى أن أخي يعضلني! والسبب أنه يريد مني البقاء في المنزل لرعاية والدي، كي لا يضطر هو لرعايتهما بحكم أنه الأكبر!

لا أعرف كيف أتصرف معه! وهو شخص صعب جداً، له وجهان، للناس وجه الحكمة ولنا وجه (الدكتاتور)، والنقاش معه دائماً يفضي إلى مشاكل لا تتوقف، ويهددني دائماً بحرماني من أبسط حقوقي، وهو الخروج للعمل. وللأسف والداي لا كلمة لهما عليه، فهما يخافان منه.

ما العمل معه؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سمر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

نرحب بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، وهنيئًا لك ببرك بوالديك وخدمتك لهما، ونسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يُصلح لك الأحوال، وأن يُخرجك من هذا الأخ القاسي المقصر في حقك، ونسأل الله أن يُقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.

نحن نقدر المشاعر الصعبة التي تمرين بها، ونسأل الله تبارك وتعالى أن ينُزل عليك الفرج والتأييد من عنده، ونتمنى أن تواصلي المحاولات معه بحكمة وحنكة، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على أن تجدي من الأخوال والأعمام والخالات والعمات من يستطيع أن يتكلم بلسانك، ويناقش وينافح في هذه المسائل، حتى يرفع عنك الحرج.

إن القضية بينة والخلل واضح عند هذا الأخ، وكان من الإمكان أن يشترط على الزوج وأن يطلب منه أن يكون بقربكم، وهذا قد يتحقق في كثير من الأحيان في مثل حالتك، ثم إن رعاية الأب والأم هي مسؤولية الجميع، ولو كان الآباء والأمهات يدومون لنا لتركنا الزواج وجلسنا معهم، لكن هكذا الحياة تمضي، والإنسان لابد أن يفكر بطريقة صحيحة، فالمرأة بحاجة إلى رجل يؤويها، والرجل كذلك بحاجة إلى امرأة تكون إلى جواره وسكنًا له.

لا أظن أن زواجك بهذا أو بغيره سيجعلك تقصرين في حق الوالدين، طالما وأنت تعرفين فضل البر ومكانة البر للوالدين، وأيضًا سعادة الوالد والوالدة في أن يروا ابنتهم وابنهم قد تزوجوا في حياتهم، وهذا معنى أرجو ألا يكون غائبًا عن هذا الأخ.

نحن لا ننصحك حقيقة بالسكوت أمام مثل هذه الأمور، ونتمنى من ذلك الشاب أن يُكرر المحاولات وأن يُدخل الوساطات، خاصة بعد أن تفهم نفسية هذا الأخ، ورغبته في ألا تتركي والديك، وأنه يريد أن يتهرب من المسؤولية، إلى غير ذلك.

لا شك أن الشرع الحنيف يحسم هذه المسألة، ولكن نحن لا نفضل رفع الأمور إلى القضاء، لأن زواجك في النهاية لا بد منه، وهذا الأخ في النهاية أخ لك، وهو من الأولياء بالنسبة لك، والولي مرجع الفتاة، فنتمنى أن تُحل المشكلة بالتي هي أحسن، وعليك بالدعاء واللجوء إلى الله، وإدخال الوساطات وتكرار المحاولات، التواصل مع من يمكن أن يؤثر عليه من محارمك أو من خالاتك أو من عماتك – كما مضى معنا – ونتمنى من الله تبارك وتعالى أن يعينك على تجاوز هذه المسألة.

نحن نعتقد أن كونه بدأ يناقشك ويُخبرك ويقول هذا الكلام، هذا دليل على أنه يشعر بتأنيب للضمير، ولذلك أرجو أن تستفيدي من هذا، فلابد أن يعلم أنك بحاجة شديدة ككل فتاة إلى الزواج، لأن في الزواج أماناً للمستقبل، والمرأة تتطلع إلى الأمومة، ويكون لها أطفال، لابد أن ينظر للأمور بأبعادها كاملة.

الإنسان ما ينبغي أن يكون بهذه الطريقة، ومثل هذا فعلاً هو عاضل، إذا كان الأمر كما ذكرت فهو عاضل، والشريعة تتجاوز أمثال هؤلاء السلبيين الذين سيسألون بين يدي الله تبارك وتعالى عن هذه الأمانة، والقِوامة التي جعلها الله تبارك وتعالى في أيديهم، فأساؤوا استخدامها.

على كل حال أنت صبرت - ولله الحمد – الكثير، وطالما أنت بارة فسيعوضك الله تبارك وتعالى خيرًا، فتعاملي مع الأمور بهدوء، ولكن بإصرار واستمرار، وحرص على وضع النقاط على الحروف، ونتمنى من الله تبارك وتعالى أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به، وأن تجدي من العقلاء والفضلاء والعلماء والدعاة ممن حضروك من يستطيع أن يكون عونًا لك في شرح هذه المسائل والوقوف إلى جوارك.

نسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً