الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تقدم لخطبتي من هو أجمل مني، فهل أقبل به؟

السؤال

السلام عليكم.

بداية أود أن أخبركم بأن ما تقومون به هو عمل رائع جداً، كما إن مشورتكم نافعة ومنطقية جداً، ونفعكم الله كما تنفعونا، وأعلم أن ما تقومون به عمل صعب جداً، فجزاكم الله خيراً، وآمل أن يتطور هذا المشروع الرائع إلى الأفضل..

تقدم لي شاب من أسرة رائعة، ومحترمة، وراقية، أبوه من أقرباء أمي، وهو شاب محافظ على صلاته كما يقال، ومهذب وخلوق جداً، ولكن المشكلة هي: أن هذا الشاب يختلف عني كثيراً في عاداته وثقافته، نظراً لأن أمه ليست من نفس البلاد التي أنا منها، كما أنه يختلف عن بقية شباب بلادنا، عدا عن أنه طويل جداً إلى درجة أنني أصل لنصف طوله أو ما يزيد قليلا، وهو وسيم جداً، بينما أنا متوسطة الجمال - ولله الحمد -، كما أن بشرته فاتحة اللون، وتبدو عليها النعومة، وأنا مذ صغري لا أعرف عن اندماج المرأة بالرجل إلا اندماج النعومة والخشونة.

قد تكون هذه أسباب تافهة، ولكني أراها قد تكون أساسية لوجود السعادة الزوجية، وقد سمعت من قبل أنه كان يحب فتاة وأراد خطبتها، ولعله تراجع عن ذلك بسبب رفض أبيه لتلك الفتاة، لأنه - كما أخبرتكم - قريب لأمي ويحبها كثيراً.

فبماذا تنصحوني؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سرور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

نرحب بك - ابنتنا الفاضلة - في الموقع، ونشكر لك الثناء على الموقع، وهذا واجبنا وشرف لنا أن نكون في خدمة أبنائنا وبناتنا، ونسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.

ونؤكد لك أن العلاقة الزوجية الناجحة هي التي يكون فيها الانجذاب والقبول من الطرفين؛ لأن الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف، ولا أعتقد أن هذا الشاب جاء مجاملة لأهله، فإذا كان معجبًا بك ومرتاحًا إليك – وهذا تستطيعين أن تعرفيه عن طريق أخواته، وعن طريق أسرته، وعن طريق الوالدة أيضًا – فلا تفكري بمثل هذه الطريقة وفي مثل هذه الأمور، ولا أعتقد أنه – كما قلنا – جاء مجبورًا؛ لأن الزمان الذي يجبر فيه الشباب كاد أن يولِّي خاصة في البلاد التي أنتم فيها، وبعض البلاد التي انتشر فيها العلم وتأثر بثقافات الآخرين.

ولذلك أرجو ألا تفكري بهذه الطريقة، والذي يهمنا الآن هو أن هذا الشاب يجد في نفسه ميلاً إليك، وتجدين ميلاً إليه، أما مسألة الطول، ومسألة اللون، ومسألة الجمال، فهذه المسائل هي التلاقي فيها بالأرواح، والأرواح كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم – جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف، فقد يُعجب الطويل بالقصيرة، وقد يُعجب الوسيم بفتاة أقل منه، ونحن لا نصدق هذا، لأن كل فتاة جميلة بحيائها وأدبها وأخلاقها وبطريقة الجسم التي يخلق الله عليها المرأة، المرأة فيها جمال، والجمال هذا مقسم، تارة يكون في الجسم، وتارة يكون في اليد والعنق، والشعراء تكلموا عنه، وتارة يكون في القوام، وتارة يكون في الوجه، وتارة يكون في العيون.

ولذلك ينبغي أن تُدركي أن الرجل عندما يختار المرأة يختارها وقد أُعجب بها، ولولا اختلاف وجهات النظر لبارت السلع، فكل فتاة على وجه الأرض - لأنها من خلق الله – جميلة، وستجد من أهل الأرض من الرجال من يموت فيها، ويعشقها، ويراها قمرًا، ولا يرى سواها، لأن هذا أمر رباني، كما أن الحب بين الزوجين أيضًا رباني {وجعل بينكم مودة ورحمة}، وابن مسعود قال: (إن الحب من الرحمن) هنا قال: {وجعل بينكم مودة ورحمة}، من الذي يجعل المودة والرحمة؟ الله تبارك وتعالى {إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون}.

ولذلك نرجو أن تطردي عنك هذه الوساوس، ودعي الأمور تمشي في طريقها، وتأكدي فقط من أن الشاب فعلاً يميل إليك وأنه راغب في الارتباط، وأنه يشاركك هذا الميل، وأنك أيضًا تجدين ارتياحًا له.

أما الكلام الذي يدور بين الناس: (هي أجمل، هو أجمل، هي أطول، هو أقصر) هذا لا يؤثر، فالحب لا يعرف الأعمار، ولا يعرف الأحجام، ولا يعرف الأطوال، والآن حتى في الغرب يوجد كبار السن يُعجب بفتاة، فتاة صغيرة تُعجب برجل في الثمانين من عمره، لأن التلاقي بين الأرواح، لذلك لا تقفي طويلاً عند هذه المسألة، ولا تغتمي ولا تهتمي بكلام الناس، بل أحيانًا ربما يعشق الطويل قصيرة، أو الطويلة تميل إلى قصير، والناس في هذا أذواق، ولأن كل الناس يحب فاكهة معينة لانعدمت من على وجه الأرض، لكن هذا يريد برتقال، هذا يحب الموز، وهذا يحب المانجو إلى آخره، كذلك الناس في نظرتهم لبعضهم، فالتلاقي بين الأرواح، ولا عبرة بهذه الأشباح والأشكال والأجسام.

إذًا أرجو أن تستمري في هذا الموضوع، ولا مانع من أن تستخيري، وإذا تأكدت من أن الشاب فعلاً يجد في نفسه ميلاً إليك، فلا تترددي في إكمال هذا المشوار الذي نعتقد أنه سيكون فيه خير إذا كان بارًا بأهله وبارًا بأهلك، ورغبة في المزيد بين الأسرتين، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد والهداية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً