الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بعد خطبتي من زميل رفضت أمه زواجنا دون سبب، بماذا تنصحونني؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا واقعة في مشكلة كبيرة ولا أجد لها حل أبداً، وعجز من حولي عن حلها، من سنة عبر لي زميل من بعيد أنه معجب بي، وهو يعلم أني لست من ذوات الارتباط غير الرسمي، وتقدم لخطبتي، وعلى رغم من أني في مستوى تعليمي أعلى إلا أني أقنعت أهلي به لأني أحببته، وهو كان يحبني جداً وتقدم لي بأبيه وأمه.

وبعد فترة من الخطبة أخبرني أن أمه رفضت زواجه مني لغير سبب محدد، فقط تقول أنها لم ترتح لي، مع أنها لم تقابلني سوى مرة في بيتنا ولم نتحدث أصلاً، وأنا لم أخبر أهلي حتى لا أصدمهم لأني أحبه، وأخبرته أن يحل مشكلته مع أمه بهدوء ثم نكمل الزواج، وظل 8 شهور يحاول فيها أن يقنع أمه، مرة بهدوء ومرة بشجار، وهي كل مرة تطلع بحجة مختلفة، وتقول له أن ناساً قالوا كلام عني، وكلام كله كذب وأقسم بالله العظيم، وهو أقسم لها على المصحف أنه كلام كذب، ثم تقول أنها لم تصدق ما يقوله الناس لكنها ليست مرتاحة لي، ولا تحبني من دون سبب، وهو قدم الكثير من وساطة أقاربهم وأصدقاء أمه وهي معاندة جداً، وأبوه موافق على ارتباطه بي، وأحب أهلي جداً، لكن الكلمة الأولى والأخيرة عندهم لأمه.

وعلم أهلي وأرجعوا له دبلته، ومن يومها وأنا أدعو أن الله يهديها ويرجعه لي، وهو سمعت من الناس أن حالته سيئة جداً، هو يريدني وبشدة وفي ذات الوقت يريد إرضاء أمه حتى لا تغضب عليه، سمعت أن الدعاء يغير القدر وأهم شيء اليقين بالله، أنا أدعو ربنا في كل وقت، وأصلي كثيراً لكن أعلم أني في داخلي لم أصل لليقين التام بسبب ما حدث، أرجو الدعاء لي والمشورة بالحل، لأن آخر ما توصلت إليه أن أعطيه مهلة أخرى حتى تهدأ أمه، ويحاول مرة أخرى مع أنها معاندة جداً.

آسفة على الإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أماني حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -ابنتنا الفاضلة-، ونسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يلهمك السداد والرشاد، وأن يرد إليك هذا الشاب إذا كان فيه خيرًا، وأن يصرف عنك الأمر إذا كان في ذلك شرًّا، وإذا كان في ذلك مصدر شقاء بالنسبة لك، ونحب أن نؤكد لك أن الكرة في ملعب هذا الشاب، فلا تجري وراء السراب، وانتظريه، إذا كان له قرار وعنده عزيمة، واختارك وأقنع والدته فذاك، وإلا فلا فائدة من الجري وراء إنسان لا يملك قراره، ولا فائدة في الجري وراء رجل لا يستطيع أن يُحدد ماذا يريد.

ونحن نريد أن نقول: من حقه أن يُكرم أمه وأن يُرضيها، لكن إذا كنت مناسبة له وصاحبة دين، ورضيك واختارك، فإنه لو اختار أن يتزوجك فلن يكون ذلك عقوقًا لأمه، لأن الأم أحيانًا تدفعها الغيرة، ولذلك الشريعة كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: قد تعدَّ بكلام الأب إذا رفض لاعتبارات شرعية، ولكن الأم غالبًا يكون رفضها بدافع الغيرة، ولذلك الشريعة لا تركز على كلامها، وإن كانت تحرض الابن على إرضائها، لأن إرضاء الأم غاية كبيرة وهدف كبير.

ولذلك نتمنى ألا تُطيلي التفكير في هذا الموضوع، ولا مانع من الدعاء، ولكن لا تعطي الموضوع أكبر من حجمه، حتى يكون هو الذي يرجع، وهو الذي يعود من تلقاء نفسه ورغبة فيك، وحاولي دائمًا أن تشغلي نفسك بتلاوة كتاب الله، وبكثرة اللجوء إليه، ولا تُظهري لأهلك هذا الذي يحدث منك من الإصرار على هذا الشاب وبالذات.

نحن نريد أن نقول: لا مانع من الدعاء إذا كان بهذه الطريقة (إذا كان فيه خيرًا أن يأتي الله به)، وإلا تسألي الله أن يصرفه، وأن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.

ونحب أن نؤكد لك أن الفتاة قد لا تسعد في مثل هذه الأسرة التي يكون فيها شاب ضعيف، ولا يستطيع أن يُقنع والدته، ولا يستطيع أن يصل معها إلى حل، مع أنها ترفض بلا سبب، ولذلك الخيارات قد تكون أمامه صعبة، فلذلك أرجو أن تفكري في الموضوع بكافة أبعاده وجوانبه، ونؤكد لك أن الفتاة من أمثالك -إن شاء الله تعالى– ستكون غالية، وهذا الكون ملك لله ولن يحدث فيه إلا ما أراده الله، فاسألي الله أن يُقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً