الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وسواس الموت والطهارة أرهقني حتى كدت أرفض الزواج.. فهل من حل لمشكلتي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

حكايتي بدأت قبل سنتين تقريبا، عندما أصابني وسواس الموت، واستمر لفترة تقارب 6 أشهر، ولكنه بعد ذلك بدأ يخف تدريجيا، ولكن لا زالت هناك أفكار تراودني عن هذا الموضوع، وأنه قد يحصل حادث وأموت، ولكن غالبا ما أتجاهل هذه الفكرة وأذهب، ولكن يبقى الخوف يلازمني.

القضية ليست قضية وسواس الوضوء والصلاة، فأنا أعاني كثيرا من هذا الوساوس منذ سنوات، ولم أستطع أن أتخلص منها، حاولت مرارا وتكرارا، ولكني لم أستطع، فأنا أعيد الوضوء لأكثر من مرة، لأنه يخيل لي بأنه خرج مني ريح أحيانا، وقد أسمع صوت فرقعة أصابعي أو أي شيء آخر، فأظن بأن وضوئي انتقض، فأعيد الوضوء، وأحيانا يكون فعلا، فأنا أعاني من كثرة الغازات في بطني.

تعبت كثيرا من هذا الوساوس، وأيضا يراودني وسواس في الصلاة بأني لم أكبر، أو لم أركع فأعيد الصلاة، وعندما أنتهي من الصلاة أشعر بأني لم أركز جيدا في الصلاة، فصلاتي إذا غير مقبولة.

أكاد أحيانا أرفض فكرة الزواج بسبب هذا الوسواس؛ لأن الزوج سيمل مني بسبب هذا الوسواس.

أعينوني أعانكم الله ووفقكم للخير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ل.س. حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نعم بالفعل أنت تعانين من وساوس قهرية، لديك وساوس أفكار، وكذلك لديك وساوس أفعال، خاصة فيما يتعلق بإعادة الوضوء.

الخوف من الموت من الوساوس الشائعة جدًّا، وكما تلاحظين أن وساوسك من النوع الاستباقي – أي الافتراضي – ففكرة أنه قد يحدث لي حادث وأموت، هذا نوع من الوسواس الاستباقي.

أنا أرى أن وساوسك هذه سهلة العلاج -إن شاء الله تعالى-، والوضع الأمثل هو أن تذهبي إلى طبيب نفسي، لكن إن لم تتمكني من ذلك؛ فهناك خطوات يمكن أن تقومي بها:

أولاً: هناك حاجة ماسة لعلاج دوائي، ثم لعلاج سلوكي، وكلاهما مكمّل للآخر، فبالنسبة للعلاج الدوائي: أي من الأدوية المضادة للوساوس سوف يفيدك، بشرط أن تلتزمي بجرعته، ومدة العلاج.

عقار (سيرترالين) والذي يعرف باسم (زولفت) سيكون دواءً مثاليًا في حالتك، خاصة أنه لا يسبب الإدمان، وليس له تأثير على الهرمونات النسائية، وجرعته هي أن تبدئي بنصف حبة، أي خمسة وعشرين مليجرامًا، حيث أن الحبة تحتوي على خمسين مليجرامًا، تناولي نصف الحبة لمدة عشرة أيام، ثم اجعليها حبة واحدة ليلاً بعد الأكل، واستمري عليها لمدة شهر، ثم اجعليها حبتين ليلاً، أي مائة مليجرام، وهذه هي الجرعة الوسطية التي تناسب حالتك، يجب أن تستمري على هذه الجرعة العلاجية لمدة أربعة أشهر، ثم خفضيها إلى حبة واحدة ليلاً لمدة أربعة أشهر أخرى، ثم إلى نصف حبة ليلاً لمدة شهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

أما بالنسبة للعلاج السلوكي فيحتاج منك لنوع من التغيير الفكري كالتالي:

أولاً: يجب ألا تناقشي الوساوس، لا تحاوري الوساوس، لأن الإنسان إذا أسرف في حوارها وحاول أن يخضعها للمنطق سوف تتشعب وتزداد وتكون أكثر سيطرة، إنما حقري الوساوس، خاطبي الوسواس مخاطبة مباشرة وقولي له: (أنت وسواس حقير، لن أتبعك في أي شيء).

ثانيا: يجب أن يُكسر هذا الوسواس من خلال الحرص على معالجة مشكلة الوضوء، وهذه ليست صعبة، أريدك أن تحددي كمية الماء الذي سوف تتوضئين به، لا تتوضئي من ماء الصنبور أو الحنفية، أبدًا، ضعي الماء في إبريق أو في إناء، وتذكري أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يتوضأ بكمية قليلة من الماء، وأن الإسراف مذموم ولو كنت على نهرٍ جارٍ غمرٍ.

ضعي كمية هذا الماء في الإناء، وقولي لنفسك: (هذا هو الماء المتاح لي، وسوف أتوضأ به)، وبعد أن تعقدي النية، وتسمِّ الله تعالى، اغسلي يديك، وأكدي على نفسك أنك قد غسلت يديك، ثم بعد ذلك قومي بالمضمضة، الاستنشاق، غسلي وجهك، (وهكذا) حتى تُكملين وضوئك.

بعض الناس أنصحهم بأن يصور الإنسان نفسه عن طريق التليفون (مثلاً) فيديو، وبعد ذلك تقومين بمشاهدة الطريقة التي توضأت بها، وسوف تجدينها أنها سليمة جدًّا، فهذا يؤدي إلى تدعيم سلوكي عظيم، ونعتبرها نوعًا من المكافئة والإثابة الداخلية للنفس، وهذه مشجعة جدًّا.

عمومًا تحديد الوضوء على هذا النمط وتكرار ذلك لمدة أسبوع إلى أسبوعين على الأقل سوف يخلصك من كل هذه الوساوس، لأنك بهذه الطريقة تكونين قد كسرت ظهر جوهر الوسواس، وهو تكرار الوضوء والشك فيه.

موضوع الريح وغيره أيضًا سوف ينتهي تمامًا.

أرجو أن تقومي بهذه التطبيقات، وأن تتناولي الدواء الذي وصفناه لك، وأنا متأكد أن كل الأفكار السلبية المتعلقة برفض الزواج وعدم الارتياح النفسي سوف تتقلص تمامًا وتختفي تمامًا.

أسأل الله تعالى أن ينعم عليك بالصحة والنجاح، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً