الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أختي تبكي بكاءً شديداً وتضرب برأسها في الجدار، فما تشخيصُ حالتها؟

السؤال

السلام عليكم.

القائمين على هذا الموقع المبارك جزاكم الله عنا خيرا.
لي سؤال يصيبني بالتعب والقلق، فأرجو الإسراع في الرد، وهو ليس عن نفسي بل هو عن أختي التي تعيش في بلد بعيد عني، وهي متزوجة منذ 9 سنين تقريبا، ولكنني علمت أنها عانت كثيرا في حياتها الزوجية، من ضرب وإهانة وغير ذلك، حتى تسبب ذلك في مرض نفسي حدث لها، وهو ما أريد السؤال عنه.

أختي من طبعها أنها إذا حزنت من شيء لا تتحدث ولا تشتكي لأحد، بل تكتفي بالبكاء والجلوس لوحدها!

علمتُ من ابنتها أنها أحياناً تبكي بكاء شديدا لوحدها، فيأخذها زوجها للطبيب، وتأخذ حقنة لا أعرف اسمها تجعلها تنام كثيرا، وبعد ما تستيقظ تقول: إنها لا تستطيع حتى الكلام.

بعد ذلك أصبح زوجها يعطيها نوعاً من الأقراص العلاجية التي كتبها لها الطبيب المعالج، فتجعلها تنام كثيرا.

هذا كان في البداية، أما الآن فالأمر قد اختلف، فقد أصبحت تبكي أحيانا بكاءً شديدا، وأحيانا يشتد الأمر حتى تصل إلى ضرب رأسها في الجدران حتى تسيل منها الدماء، فيأخذها زوجها للطبيب وتأخذ ربما أياما في جلسات علاجية.

عندما أتصل بها بعد أن تعود إلى بيتها أجدها لا تذكر أي شيء! تقول لي ماذا هناك؟ ألم أتحدث معكم بالأمس؟ مع العلم أنها كانت منذ أيام في المستشفى كما ذكرت لكم، بل إنها ذات مرة كانت عند أختها، وهي تعيش بالقرب منها في نفس البلد، ثم حدث شيء جعلها تحزن حتى بكت بكاءها الشديد وجاء زوجها وأخذها إلى الطبيب ثم إلى بيتها، وفي الصباح كانت تسأل ابنتها من الذي أتى بي إلى هنا؟!

علمت أن الطبيب المعالج لها قال لهم: لا أحد يخبرها بشيء، لذلك لا أستطيع أن أقول لها: ما الذي يتعبك؟ أو أعرف ماذا يحدث.
علمت أنها الآن تنام لفترات طويلة جدا، وكان الطبيب في البداية يقول لهم: لا تتركوها تنام، أزعجوها عندما تريد النوم قدر ما تستطيعون، أما الآن فالطبيب هو من يطلب منهم أن يتركوها تنام، فهي لديها نوم كثير، ونسيان بشكل كبير، وأحيانا بكاء شديد، وأحياناً تظل لأيام في المستشفى بعد مرحلة بكاء هستيري، ثم أجدها لا تعرف أي شيء، وكأنها لم تبك ولم تذهب للمستشفى!

أريد أن أعرف ما هذا؟ هل هو مجرد تعب نفسي وسيزول بإذن الله، أم أنه تعب أو مرض عضوي؟

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ابن الخطاب حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكرك على ثقتك في إسلام ويب، وعلى اهتمامك بأمر أختك، أسأل الله تعالى أن يوفقها في حياتها كلها، في دينها ودنياها.

أيها الفاضل الكريم: بالطبع يصعب علينا إعطاء رأي جازم وقاطع بالرغم من المعلومات الجيدة التي وفرتها لنا، والسبب في ذلك أن المريض في بعض الحالات إذا يتم فحصه لأكثر من مرة قد يصل المختص لخلاصة علمية رصينة، المهم أن أختك تتواصل مع الطبيب النفسي، وهذا هو المهم والضروري جدًّا.

أود أن ألفت النظر أن زوجها الكريم من الواضح أنه مهتمُ بها كثيرًا، وأنا لا أريدكم أبدًا أن تبنوا الانطباع السلبي حول حياتها الزوجية، وأنها قد تعرضت للضرب والإهانة، ربما يكون حدث شيء من هذا، ولكن كونوا أيضًا مشجعين لها، دافعين لها، لتهتموا بزوجها أكثر وتهتموا ببيتها، فهذا أمرُ مهمٌ أيها الفاضل الكريم.

بالنسبة للزوج: أوصيكم به خيرًا دائمًا، ولا تكونوا انتقاضيين أو انتقاصيين؛ لأن هذا لا يساعد كثيرًا في الأمر.

الأعراض التي ذكرتها هي أعراض كثيرة مختلفة، هذه الابنة – حفظها الله – كثيرة النسيان، كثيرة الانفعالات، وكثيرة النوم، والنوم ربما يكون سببه الأدوية، والأدوية المنومة التي تُعطى للناس دائمًا تكون أدوية مضادة للقلق أو مضادة للاكتئاب، وفي بعض الأحيان تكون مضادة لبعض الاضطرابات الذهانية البسيطة، أو لتقلب المزاج والوجدان.

لا أرى أنها تعاني من خلل عقلي، أو مرض عضوي، أعتقد أنها في حالة نفسية - إن شاء الله تعالى – تكون عابرة.

أختك من الواضح أنها حساسة، وانفعالية، وليس لها السعة المزاجية التي تستوعب الخلافات البسيطة التي تحدث هنا وهناك.

أعتقد أنه من خلال المساندة ومن خلال إرشادكم ومؤازرتكم لها وتحسين صورتها أمام زوجها، أعتقد من خلال ذلك - إن شاء الله تعالى – سوف تتحسن أمورها تمامًا، ويُعرف تمامًا أن النضوج النفسي يساعد الناس في التخلص من أعراضهم، ويمكن أن تتحدثوا مع زوجها الكريم إن كانت هناك أي مساهمات من جانبكم يمكن أن تقوموا بها، وأن تتحدثوا مع زوجها في استقرارها النفسي، فهذا لا بأس به أبدًا.

أنا أرى أن الحالة - إن شاء الله تعالى – هي حالة انفعالية نفسية قلقية، وربما تكون مزاجية أيضًا.

هذه الحالات يعرف عنها أنها تعالج - إن شاء الله تعالى – إذا وصف لها الطبيب دواءً ولا بد أن تلتزم التزامًا قاطعًا بالعلاج أيها الفاضل الكريم؛ لأن الأبحاث جميعها تُشير أن التدخل النفسي المبكر وتناول العلاج بجرعة صحيحة وللمدة المطلوبة وبالتزام قاطع بتناول الجرعة، يفيد كثيرًا في التشافي والتعافي من هذه الحالات.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً