الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المنهج الذي وضعه ابن خلدون لكتابة البحث العلمي

السؤال

السلام عليكم

أنا طالب ماجستير, وعنوان الرسالة: (جهود العلماء في العناية بكلمة التوحيد) أرجو المساعدة ببيان المحاور الرئيسة للبحث في الموضوع.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سامي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك أخي الحبيب في موقعك إسلام ويب, وإنه ليسرنا تواصلك معنا, ونسأل الله أن يبارك فيك, وأن يتم لك الأمر على خير.

اعلم أخي الحبيب أن البحث جنين في عقل صاحبه، لا يستطيع أحد تشكيل فكرته، لكن يستطيعون أن يساعدوك في بنيان أركانه، وعليك أن تحدد ماذا تعني بـ (جهود العلماء في العناية بكلمة التوحيد) هل هي دراسة وصفية؟ بمعني أنك تصف جهدهم في ذلك، وكيف حافظ أهل العلم عليها، ومدى أثر ذلك في الحياة الدينية، وكيفية الاستفادة بذلك في عصرنا.

أم هي دراسة نقدية؟ تعتمد فيها على تقسم التاريخ إلى عدة عصور, تميز كل عصر بمساندة اتجاه عقدي معين, أو تقسمها إلى مذاهب متعددة, كالأشاعرة, والماتريدية, وأهل الحديث، والمعتزلة, والخوارج, والجهمية, وغيرها، أو تقسيمها إلى مدرستين: المدرسة النصية, والمدرسة العقلية مثلا؟ أم هي دراسة استقرائية على عصر ما؟ الشاهد أن الفكرة عندك أنت ويجب أن تحدد المراد.

بعد تحديد المراد يمكنك أن تذكره لتستفيد من إخوانك ببحث المصادر التي تحدثت عن هذا الأمر، ثم تجمع الكتب, وبعد أن تبدأ القراءة تضع الأبواب والفصول والمباحث, وهذه هي الطريقة العلمية أخي الحبيب للبحث العلمي.

ونرجو منك أن تقرأ كلام ابن خلدون في مقدمته في هذا الشأن فهو نافع, يقول رحمه الله: " إن الناس قد حصروا مقاصد التأليف التي ينبغي اعتمادها وإلغاء ما سواها فعدّوها سبعة:

أولها: استنباط العلم بموضوعه, وتقويم أبوابه وفصوله, وتتبع مسائله, أو استنباط مسائل ومباحث تعرض للعالم المحقق, ويحرص على إيصالها لتعم المنفعة، فيودع ذلك بالكتاب في الصحف لعل المتأخر يظهر على تلك الفائدة.

ثانيها: أن يقف على كلام الأولين وتواليفهم، فيجدها مستغلقة على الأفهام، ويفتح الله له في فهمها، فيحرص على إبانة ذلك لغيره ممن عساه يستغلق عليه، لتصل الفائدة لمستحقها.

ثالثها: أن يعثر المتأخر على غلط أو خطأ في كلام المتقدمين, ممن اشتهر فضله, وبعد في الإفادة صيته, ويستوثق من ذلك بالبرهان الواضح, الذي لا مدخل للشك فيه، ويحرص على إيصال ذلك لمن بعده، إذ قد تعذر محاه ونزعه بانتشار التأليف في الآفاق والأمصار، وشهرة المؤلف ووثوق الناس بمعارفه، فيودع ذلك الكتاب ليقف الناظر على بيان ذلك.

رابعها: أن يكون الفن الواحد قد نقصت منه مسائل أو فصول, بحسب انقسام موضوعه، فيقصد المطلع على ذلك أن يتمم ما نقص من تلك المسائل، ليكتمل الفن بكمال مسائله وفصوله, ولا يبقى للنقص فيه مجال.

خامسها: أن تكون مسائل العلم قد وقعت غير مرتبة في أبوابها, ولا منتظمة, فيقصد المطلع على ذلك أن يرتبها ويهذبها, ويجعل كل مسألة في بابها.

سادسها: أن تكون مسائل العلم مفرقة في أبوابها من علوم أخرى, فيتنبه بعض الفضلاء إلى موضوع ذلك الفن, وجمع مسائله, فيفعل ذلك ويظهر فن ينظمه في جملة العلوم التي ينتحلها البشر بأفكارهم.

سابعها: أن يكون الشيء من التواليف التي هي من أمهات الفنون مطولاً مسهباً، فيقصد بالتأليف تلخيص ذلك بالاختصار, والإيجاز للمتكرر إن وقع، مع الحذر من حذف الضروري؛ لئلا يخلّ بمقصد المؤلف الأول.

ويقول ابن خلدون: فهذه جماع المقاصد التي ينبغي اعتمادها بالتأليف ومراعاتها, وما سوى ذلك ففعل غير محتاج إليه, وخطأ عن الجادة التي يتعين سلوكها في نظر العقلاء، ونعوذ بالله من العمل فيما لا ينبغي للعاقل سلوكه, والله يهدي للتي هي أقوم.

نسأل الله أن يوفقك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً