الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تصرفات أصدقائي وتحطيمهم لي جعلني أكره الحياة

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

أنا شاب، عمري 19 عاما، بصراحة لا أدري من أين أبدأ، لأني أساساً كلي مشاكل وكل شخصيتي وحياتي غير مضبوطة وهناك خلل في الأمر، مشاكلي كثيرة وسأذكرها نقطة نقطة.

أولا: أنا خجول جدا جدا، وهذا يسبب لي تعبا نفسيا، أتمنى أن أكون جريئا وطلق اللسان، قويا في المواجهات، ولكن لا أقدر، تعبت من هذا الشيء، وقد أفسد عليَّ أشياء كثيرة. 

ثانياً: الرهاب الاجتماعي؛ عندما أريد الذهاب للكلية بطني يؤلمني، وأكون طوال فترة جلوسي قلقا وخجلان وساكتا، حتى الأعراس لا أحضرها إلا إذا كان معي أقاربي أو أصدقائي، وكذلك إذا اتصل علي صديقي يريد أن يخرج معي أخاف جداً وأقلق، وأخاف ألا أستطيع إسعاده بالكلام و(السوالف) والمزح، والاستراحة التي فيها الشباب، منذ أسبوع لم أذهب، وهذا الرهاب أيضا أفسد علي أشياء كثيرة في حياتي، ويجعلني متعب نفسياً.

ثالثاً:الحساسية الزائدة والمزمنة، والعاطفة البغيضة؛ يعني بصراحة لا أقبل مزاح أصحابي معي، مثلا: إذا قلت (قصة) يبدؤون بتحطيمي وتسكيتي بدافع المزاح طبعا، هذه المواقف سببت لي عدم الكلام معهم خوفا من هذا المزاح، ولا أستطيع المشاركة بالحديث معهم اتقاء هذا التصرف طبعا، وإذا مزحوا معي هذا المزاح تخنقني العبرة، وأحاول أن أخفيها بقدر المستطاع!! حتى إذا فتحوا (سالفة) عن الرياضة، أو أي شيء، أخاف أن أشاركهم فأقول شيئا غلطا فيضحكون علي ويبدؤون بتحطيمي. 

طبعاً أي شيء يحصل أضعه في قلبي، ويضيق صدري، ويستحيل أن أدعه يمر مرور الكرام مهما كان سخيفاً أو قوياً!! ودائما أشك بأني مكروه من الجميع، وأي شيء يقولونه لي من الأعذار أشعر بأنهم يكذبون علي، وإنما فعلوا ذلك لكي يتجنبوا الخروج معي.

أتمنى أن أكون جاذبا للاهتمام مثل بقية الشباب، وأتمنى أن أكون شعلة مضاءة، وأستطيع الكلام والخوض في الحوارات بكل ثقة وعدم خوف، وأتمنى جدا التخلص من الحساسية الزائدة والعاطفة القاتلة للنفس، باختصار: أتمنى أن أكون إنسانا فعلا!

طبعا كل الذي ذكرته في السابق سبب لي الإصابة بالاكتئاب والانطواء على النفس، وانعدام الثقة بالنفس تماماً، وعدم المضي في قراراتي تجاه حياتي، وأصبحت حياتي جحيما، بل إن الجحيم أفضل.

في أحد الأيام ركضت مسرعا إلى السطح، وكنت أريد وبكل جدية قذف نفسي من الأعلى والراحة مما أنا فيه، ولكن أمي منعتني وأمسكت بي،  ولولا الله ثم أمي لكنت في عداد الأموات، أنا أتعذب نفسيا ومعنويا وجسديا، وكل شيء سيء أعاني منه بسبب ما ذكرته في الأعلى.

أرجوك أريد أن تصف لي الطرق الفعالة للحلول والخلاص من هذه الأشياء البغيضة، والتي لا تريد سوى قتل الإنسان نفسه بنفسه، وأيضا إذا كان يوجد عقاقير وأدوية فأريدها عافاك الله، وأرجو ألا تنتهي إجابتك من دون وضع وصفة لي من العقاقير، فحالتي مزمنة جداً ولا تطاق.

وإني أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يرزقكم من حيث لا تحتسبون، ويجعلكم ممن انشرحت صدورهم، وطالت أعمارهم ورزقوا عافية في أجسادهم، ورزقوا من خيري الدنيا والآخرة، وأغبطكم على الأجر فكم أسعدتم نفوساً، وأرحتم قلوباً، وأحييتم أرواحاً كانت ميّتة، إلا أن وصفاتكم ونصائحكم كانت الدواء الشافي بعد الله سبحانه وتعالى.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Omar حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على التواصل معنا، والكتابة إلينا بما في نفسك، بالرغم من الآلام، واطمئن فإنه ما أنزل الله من داء، إلا وأنزل له دواء، سواء أدواء البدن أو أدواء النفس.

لقد ورد في سؤالك ثلاثة أمور: الرهاب الاجتماعي، والخجل، والحساسية، ولكن يبدو أن أهم ما ورد في سؤالك هو: كأنك تريد أن تكون شخصا آخر غير الذي أنت عليه.

إن من القواعد الصحية النفسية الهامة: أن تحاول أن تكون أنت، ولا تحاول أن تكون شخصا آخر، نعم يمكنك أن تحاول تغيير أو علاج بعض الصفات، أو الخصائص كالرهاب الاجتماعي أو الخجل... إلا أنه في النهاية يفيد الإنسان أن يقبل نفسه أولاً، وكما هي، ومن ثم يحاول التغيير.

إن ما وصفت في سؤالك مما يشير للرهاب الاجتماعي والخجل والحساسية، وكلها أمور مرتبطة ببعضها، لها علاج، وهو نوعان:

- الأول: علاج سلوكي، عن طريق عدم تجنب المواقف المزعجة لك، وإنما الإقدام واقتحام هذه الأماكن؛ لأن التجنب لا يحل من الأمر شيئا، بل على العكس.

- والعلاج الثاني هو: العلاج الدوائي، عن طريق تناول أحد الأدوية التي يمكن أن تحسّن الرهاب والخجل، وربما بعض مشاعر الاكتئاب التي يبدو أنها موجودة عندك؛ مما جعلك تتمنى الموت، والذي هو ربما نتيجة للمشاكل الأخرى التي وردت في سؤالك.

وعادة ننصح أن يشرف على العلاج الدوائي النفسي الطبيب النفسي، ولذلك أنصحك جديا بأن تزوار أقرب طبيب نفسي وفي أقرب وقت، وأنا متأكد من أنك ومن خلال العلاج ستشعر بتحسّن كبير، وخلال أسابيع بعون الله.

وفقك الله، وكتب لك العافية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • لبنان محمد

    الله يشفيك أنا تقريبا متلك

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً