الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

والدي شديد العصبية ويعاني من وساوس الضوضاء.. أريد مهدئا له.

السؤال

السلام عليكم

والدي رجل شديد العصبية؛ يثور لأتفه الأسباب؛ هو فوق الستين غير مدخن، وصحته نسبيًا جيدة -ولله الحمد-، ولكنه يعانى من مرض القلب بسبب العصبية؛ المشكلة الكبرى التي تؤثر عليه وعلينا أن لديه وسواس من نوع غريب خاص بالضوضاء!

الضوضاء، نعم مشكلة عادية، ولكن عند والدي هي أزمة كبيرة، وأم المشاكل، وتتوقف عليها حياة والدي؛ والدي إذا استمع إلى صوت الأطفال يلعبون في الشارع تحت البيت يجن جنونه، إما أن ينزل ويثور عليهم ويطلب منهم أن يبتعدوا وإذا منعناه يخرج من البيت ويمشي في الشوارع بدون هدف طوال اليوم ويتصل بنا قبل أن يرجع ليتأكد أن الأطفال قد رحلوا؛ والدي إذا استمع إلى صوت أي من الجيران، وهو يقوم مثلاً بإصلاح أي شيء في بيته، ويقوم بالطرق على الحوائط، أو استعمال أي من أدوات البناء، أو حتى يقوم بنقل أي أثاث (مما يسبب بعض الأصوات) يجن جنونه أيضا، ويفعل نفس الشيء، إما أن يثور عليهم، ويطلب منهم التوقف، أو يخرج بعيدًا حتى يتوقفوا، وإذا علم أن هذا الجار مثلاً سيظل لمدة يصلح، أو يبني دورًا جديدًا في منزله يطلب منا البحث عن منزل آخر، وفعلا نقوم بالرحيل إلى منطقه أخرى، ومنزل آخر هكذا!

المشكلة أن هذا الوسواس تفاقم جدًا، وللأسف أصبحت حياته متوقفة على هذه المشاكل، فهو لو استمع حتى لصوت من بعيد لأي ضوضاء يذهب مسرعًا إلى النافذة ليعرف من يقوم بهذا الصوت، ويتأذى نفسيًا حتى يرحل صاحب الضوضاء، أو يتوقف؛ فلا يستطيع التفكير، ولا الأكل ويظل متوترًا وحزينًا، ويفعل كما قلت سابقًا، وفي بعض الأحوال يسافر إلى بلد أخرى لمدة طويلة حتى يتوقف صاحب الضوضاء، وحتى يتجنب الشجار مع الجار، أو أي شخص يقوم بأي ضوضاء.

والدي يعترف أن هذه المشكلة أصبحت مرضًا نفسيًا عنده، ولكنه يخجل من الذهاب لأي طبيب نفسي، كل ما أريده أن تصف لوالدي مهدئًا جيدًا، أو علاجًا تدريجيًا يأخذه في تلك الحالات.

وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ mahmoud حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله تعالى لوالدك العافية والشفاء، واهتمامك به - إن شاء الله تعالى – هو باب من أبواب بره، ونسأل الله لك الأجر والثواب.

أيها الفاضل الكريم: العصبية والتوترات التي تظهر في مثل هذه السن لا بد أن نعرف السبب من ورائها، فمثلاً زيادة إفراز هرمون الغدة الدرقية هو أحد الأسباب، الاكتئاب النفسي عند كبار السن أيضًا قد يكون على هذه الشاكلة، وبدايات الخرف أيضًا قد تكون على هذه الشاكلة.

لا أريدك أن تنزعج لما ذكرته لك حول الخرف، لكنها حقائق علمية، أريدك أن تعرفها.

إذًا الموضوع ليس موضوعًا أن نصف أدوية، هذا أمر بسيط، لكن الموضوع هو أن يقيم هذا الأب تقييمًا صحيحًا، وليس من الضروري أن يذهب إلى الطبيب النفسي، حتى طبيب الأسرة – الطبيب الباطني – يمكن أن يقوم بتقييمه ليُجري الفحوصات العامة عليه: فحوصات الدم، التأكد من مستوى الدم وقوته، وهرمون الغدة الدرقية، وظائف جسده العامة، ومن ثم إذا اتضح أن كل شيء على ما يرام وأن ذاكرته جيدة، هنا يمكن أن يُعطى أحد الأدوية المحسنة للمزاج، والتي تناسب عمره، ومنها العقار الجيد الذي يعرف تجاريًا باسم (مودابكس)، واسمه الآخر (زولفت)، وأيضًا يسمى تجاريًا باسم (لسترال)، ويسمى علميًا باسم (سيرترالين)، متوفر في مصر، وهو معروف جدًّا لدى الأطباء.

من جانبكم حاولوا قطعًا أن تواجهوا صعوباته هذه بشيء من الصبر والتؤدة، وقطعًا تناوله للعلاج سيفيده كثيرًا، لكن إجراء الفحوصات مهمة في مثل سِنّه.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً