الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أجد صعوبة في النطق في الصلاة مع أني لا أعاني من مشاكل الرهاب !

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أمّا بعد: فإنّي شاب في الخامسة والعشرين من عمري، أصلّي بالنّاس إماما، ومنذ فترة بدأت أجد صعوبة في نطق التكبير في الصلاة، وتحديدًا نطق الهمزة، ثمّ بدأ الأمر يتفاقم، فأصبحت أجد صعوبة حتى في نطق "سمع الله لمن حمده" وفي كلّ كلمة تبدأ بهمزة مفتوحة إذا كانت في رأس الآية، أو أوّل الكلام، حتّى أصبحت أعجز عن الابتداء بهذه الكلمات إلى درجة أن يسبّح المأمومون ظنّا منهم بأنّي سهوت، وهو ما جعلني أنقطع عن الإمامة، والآن أصبحت أجد صعوبة حتى في إلقاء السلام على النّاس في الشارع، فإلى جانب صعوبة التلفّظ والنطق كأنّ صوتي أصبح يتضاءل شيئًا فشيئًا، ولم يعد قويًا كذي قبل.

ذهبت إلى اختصاصي الأنف والحنجرة، فقال: إنّ عندي التهابا صغيرا في الحبال الصوتية بعد مشاهدتها بالمنظار، وقال: إنّه ناتج عن صعود حموضة من المعدة حسب رأيه (أي دون إجراء أيّ فحوصات للمعدة، أو تحاليل) مع أنّي لا أحسّ بأيّ قلق فيها، ووصف لي حبوبا تُتناول كلّ ساعة لمدّة ستّة أيّام كحدّ أقصى للحبال الصوتية، وحبوبا تتناول مرّة في اليوم لمدّة شهر من أجل المعدة، والآن قاربت على إنهاء مدّة العلاج (الشهر) ولا أحسّ بأيّ تحسن، أقوم بالرقية الشرعية باستمرار، كذلك لجأت إلى العلاج بالأعشاب مع العلاج الطبي، لا أدري إن كانت مشكلتي عضوية أم نفسية؟ أم هي ناتجة عن إصابة بعين، أو سحر؟ لم أجد تفسيرًا.

مع العلم بأنّي أصلّي بالنّاس إمامًا منذ سنوات، وليس عندي رهبة، أو خوف، وأنا أجد هذه الصعوبة الآن حتّى وأنا أصلّي منفردًا.

أفيدونا بارك الله فيكم، وعذرًا على الإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسام الدين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لم تذكر أن هناك بحة في الصوت، وهذا ينفي وجود أي مشكلة في الحبال الصوتية بحد ذاتها، وواضح من وصفك -أخي السائل- أن المشكلة في عدم الإغلاق الكامل للحنجرة أثناء التصويت، ( أي أن المشكلة حركية في الحبال الصوتية )، حيث إن نطق الهمزة يتطلب هذا الإغلاق الكامل للحبال الصوتية، ثم الفتح المفاجئ الجزئي ( مع بقاء الحبلين الصوتيين في وضعية متقاربة لضمان حصول الصوت ) أثناء نطق الهمزة، كما أن لعضلات القفص الصدري والحجاب الحاجز الدور المهم في تراكم الضغط داخل الصدر أثناء لحظة إغلاق الحبال الصوتية، ومن بعدها لحظة الفتح الجزئي للحبال الصوتية، وخروج الهواء بين الحبلين الصوتيين المتقاربين لضمان نطق الهمزة ( بقاء الحبلين الصوتيين متقاربين جدًا هو شرط أساسي لحصول الصوت أثناء المرور القسري للهواء بين الحبلين الصوتيين )، قد يكون شرح عمل الحبال الصوتية صعبًا، وببساطة فالهواء المار بالحنجرة يحتاج للمرور بمكان ضيق لينتج الصوت، وهذا المكان الضيق هو الحبال الصوتية، حيث إن تقاربهما الشديد على الخط المتوسط يعطي هذا المكان الضيق اللازم للتصويت, وكلما كان التقارب جيدًا، وضغط الهواء ( الخارج من الصدر صعودًا للحنجرة، ثم البلعوم والفم)، كما كان هذا الضغط قويًا كلما كان الصوت أقوى.

يجب بداية فحص الأعصاب المغذية للحنجرة، والتي تمر بمسار معقد ضمن الرأس والرقبة والغدة الدرقية، وأي ضغط على هذه الأعصاب سواء ضمن الرأس، أو العنق، أو الغدة الدرقية قد يؤدي لضعف فيها، وبالتالي لضعف في الحنجرة والتصويت.

في حال عدم وجود إصابة في أعصاب الحنجرة لا بد من تقييم عصبي عضلي لعضلات الصدر لديك، من قبل اختصاصي العصبية بفحصها وتخطيط العضلات، كما لابد من دراسة كامل مسار العصب الحجابي الذي يغذي عصبيًا عضلة الحجاب الحاجز من منطقة خروجه من الدماغ مرورًا بالرقبة والصدر ووصولاً للحجاب الحاجز، وهذه الدراسة تتضمن الفحص السريري للرقبة والصورة الشعاعية البسيطة للصدر والتصوير الطبقي المحوري للرأس والرقبة والصدر.

بعد نفي وجود أي كتلة -لا قدر الله- ضاغطة على هذه الأعصاب، ومؤدية لضعف فيها, أو أي مرض في العضلات الصدرية نفسها يمكن عندها أن نفكر بالأسباب النفسية.

مع أطيب التمنيات لك بسرعة الشفاء وتمامه، وبارك الله بالشباب المؤمن أمثالك.

__________________________________________

انتهت إجابة د. باسل ممدوح سمان استشاري أمراض وجراحة الأذن والأنف والحنجرة، وتليها إجابة د. على أحمد التهامي استشاري نفسي إكلينيكي:


مرحباً بك في استشارات الشبكة الإسلامية، ونتمنى لك دوام الصحة والعافية.

بالإضافة إلى ما ذكره لك الدكتور باسل فيما يختص بالأسباب العضوية، فإن الجانب النفسي قد يكون له أثر في بعض الحالات التي يصعب فيها الكلام، وهي في الغالب مرتبطة بالقلق، والخوف، ونقصان الثقة بالنفس، وتحدث صعوبة الكلام في حالات مواجهة الجمهور، أو عند إمامة المصلين لغير المعتاد على ذلك.

أما في حالتك أخي الكريم، فالأمر قد يختلف؛ لأنك كما ذكرت لا تنتابك أي نوبات من الخوف أو القلق وأنت تؤم المصلين منذ وقت طويل، كما أن صعوبة نطق الهمزة أصبحت تلازمك حتى في صلاتك منفرداً مما يؤكد عدم ارتباطها بوجود الآخرين، فلابد من التأكد أولاً من عدم وجود أي أسباب عضوية في الجهازين العصبي والكلامي، وإليك بعض الإرشادات النفسية التي ربما تستفيد منها:

1- عدم التركيز على المشكلة بشكل مفرط، مما يؤدي إلى تفاقمها وإعطائها حجما أكبر من حجمها.

2- ممارسة تمارين الاسترخاء بشكل يومي، وخطواتها في الاستشارة رقم 2136015.

3- محاولة التمرين على نطق الهمزة المفتوحة، وكأنك تقرؤها لأول مرة، وترديد ذلك بحيث يتم تسجيل الصوت وسماعه عدة مرات.

4- محاولة الرجوع إلى صلاة الجماعة، وابدأ في العودة بإمامتهم في الصلوات السرية، ثم انتقل إلى الجهرية بالتدرج.

نسأل الله لك الشفاء العاجل.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً