الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

في سبيل الحصول على زوجة جمعت مالا حراما، فماذا أفعل الآن؟

السؤال

السلام عليكم.

لا أعرف من أين أبدأ ولكن أرجو أن يكون صدركم رحبا لقراءة مشكلتي.

قبل سنتين من الآن كنت شابا بدينا جداً -كان وزني 124 كيلو- وبحمد الله خلال فترة بسيط لم تتجاوز ستة أشهر استطعت أن أقوم بتنزيل وزني إلى 80 كيلو، فأصبحت شابا مفتول العضلات وقوي البنية، وصادف هذا في المرحلة الثانية من كلية القانون.

وفي تلك الفترة قابلت فتاة وتوددت لها، ولأول مرة أتجرأ وأتكلم مع فتاة في حياتي، صارحتها بمشاعري فردت الفتاة علي وقالت: أنا أقدر مشاعرك، ولكن لا أستطيع أن أدخل في علاقة مفتوحة، واشترطت علي أنها سوف تقوم بمعرفتي جيدا؛ فإذا كنت الشخص الذي يتوفر فيه الصفات التي يقبل بها أهلها وتقبل بها هي فيجب أن أقوم بخطبتها في المرحلة الأخيرة من الكلية.

ومنذ ذلك الوقت عرفت أني لا أستطيع أن أخطبها في المرحلة الرابعة بسبب ظروفي، إلا إذا قمت بالمواظبة على الأعمال، فتعينت بشركة للنقل البري والبحري والجوي برتبة عامل صيانة للأجهزة الإلكترونية والحاسبات، وعملت أيضا عاملا في برج لخدمات الإنترنت.

ولكن تخلل عملي بعض الأعمال الحرام، وقمت بأعمال قرصنة إلكترونية، واليوم أقع ذليلا بعد المكابرة التي كنت بها؛ لدرجة أني كنت أقول للفتاة: أني سوف أتحدى القدر لأجلها، ولكن صادفت أن أهلها علموا بأنها وعدت شابا بأنها سترفض أي شخص يتقدم لها حتى المرحلة الأخيرة لتنتظره، وقام أهلها بإهانتها ووجهوا لها التهم.

والآن أنا ألوم نفسي لأنها بهذا الموقف بسبب أعمالي التي تخللها الحرام، وأدعو الله أن يجمعني بها كزوجة صالحة، وأدعو أن لا يحملها الله الذنوب التي ارتكبتها، وأدعو أن يبعد عنها الشر، وأنا مستعد لأي عقوبة أو قدر في سبيل أن لا يمسها شيء.

الآن أنا حائر، ماذا أفعل بشأن الأشخاص الذين مارست أعمال القرصنة بحقهم؟ وأيضا محتار بشأن الأموال التي دخلت عندي، وكان في جلبها نوعاً من الحرام، فماذا أفعل؟

هل أعتذر للأشخاص الذين قمت باختراقهم (قرصنتهم إلكترونياً)؟ وهل أقوم بإعادة الأموال التي بها نوعا من الحرام إلى أصحابها؟ وأنا من هنا أعترف أني أحب هذه الفتاة، ومهما حدث لي لن أتركها، فهل في هذا الشيء ذنب أو هل هو حرام؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ غفرانك ربي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك - أيها الولد الحبيب – في استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا، ونسأل الله تعالى أن يهديك لأرشد أمرك، وأن يتوب عليك، ويثبتك على الخير.

استشارتك أيها الحبيب اشتملت على قضايا عديدة.

أولها: إنشاؤك علاقة حب مع هذه الفتاة، وهذا فيه تجاوز لحدود الله تعالى، فإن علاقة الرجل بالمرأة الأجنبية بوابة فتنة وشرور كثيرة، ولهذا حرم الإسلام وسائل كثيرة لهذه الفتنة، من ذلك: النظر إلى المرأة الأجنبية، ومن ذلك: الحديث معها لغير حاجة، وخصوصًا إذا كان في حديثها خضوع ولين، ومن ذلك: الخلوة بها، ونحو ذلك من الأفعال والأقوال المحرمة، كل ذلك سدَّه الشرع الحنيف ومنعه درءًا للفتنة، وغلقًا للأبواب التي قد يدخل الشيطان منها لإضلال الناس، والرسول - صلى الله عليه وسلم – يقول: (ما تركتُ بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء).

ولذا فنحن ننصحك - نصيحة من يُحب لك الخير – أن تقطع تواصلك بهذه الفتاة بالكلية، وإذا كنت عازمًا على خطبتها من أهلها فتقدم لخطبتها، فإن هم أجابوك لذلك فبها ونعمت، وإلا فاصرف قلبك وذهنك عن التفكر فيها، فإن تعلقك بها – والحال هذه – يضرك ولا ينفعك، وهو أقرب شبهًا بمن يريد أن يصل إلى الشمس، وإذا وطنتَ نفسك على اليأس منها فإنك ستنساها، فالنفس إذا يئست من شيء نسته.

ولو فرض أنك بعد تهيؤك واستعدادك للزواج وجدتها غير متزوجة فلك أن تخطبها مرة ثانية.

هذا هو الطريق الصحيح أيها الحبيب لحفظ نفسك وحفظ قلبك وصرف الهموم والأحزان عنك، وهو في الوقت نفسه محقق لمرضاة ربك، مُبعدٌ لك عن الوقوع في سخطه.

وأما ما ذكرته من شأن القرصنة الإلكترونية وظلمك لبعض الناس، فالجواب: أن من التوبة رد الحقوق إلى أهلها، إذا كان في المسألة حقوق للناس، الواجب عليك أن ترد الحقوق المالية إلى أهلها، أو أن تستسمحهم إذا كنت عاجزًا عن ذلك، فإن لم تفعل شيئًا من ذلك - بأن لم تقدر عليه أو لم تعرفهم – فحاول أن تتصدق بقدر الأموال عنهم، ولعل الله تعالى يقبل ذلك منك فيكون سببًا لعفوهم عنك يوم القيامة، أو أخذهم من هذه الحسنات بقدر ما ظلمتهم، وإن كانت حقوقا أخرى غير مالية فأكثر من الدعاء لهم، وأحسن ظنك بالله أنه سيقبل توبتك ويمحو ذنبك، فإن الله تعالى يقول: (أنا عند ظنّ عبدي بي).

نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً