الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

محتارة في قبول خاطبي لأني أحب شابا آخر لكنه لم يتقدم لخطبتي، ما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم

لقد تقدم لي شاب يكبرني بأكثر من عشر سنوات، والمشكلة أني أحب شابا لا تربطني به علاقة غير أني أحبه منذ خمس سنوات، وقد كان زميلا لي في الدراسة، لم يكن بيننا غير تبادل المعلومات أو الدروس، وتعلقت به كثيرا ولا أتخيل أن أعيش مع غيره، ودعوت الله كثيرا ليجمعني به، غير أنه لم يتقدم لخطبتي، فهو لم يستقر في وظيفته ولم يصارحني أنه يريد الارتباط بي.

الآن فكرت كثيرا في الخاطب الذي تقدم لي، فلو لم أكن أحب ذلك الشاب لما ترددت في قبوله، والأفكار تتضارب عندي، فمن جهة الشاب الذي أحب لم يتقدم أو يقم حتى بشيء يدل أنه يريدني زوجة، عدا تصرفاته معي وتفضيلي على الكثير من البنات رغم أنه متدين ومنطو، ومن جهة أخاف أن أرفض الخاطب فلا يتقدم لي أحد بعده، ومن جهة أخرى أخاف أن أقبل به فلا أكون وفية له، لأنني بالتأكيد سأفكر في الآخر وأخاف أن أظلمه، ولا أرضى ذلك لنفسي أو لغيري.

وأخاف أن يكون الشاب الذي أحب يريدني زوجة غير أنه ينتظر استقرار أموره، وبذلك أكون قد ضيعته بنفسي والألم والندم سيقتلانني، كما أخاف القبول بالخاطب ويتم الفراق بيننا لأنه كبر ولم يتزوج بعد، كما أنه سبق وأن عرض عليه أهله فتيات أخريات ولم يقبلهن، وأخاف من رفضه بعد أن أكون قد قبلت قدوم أهله، فيسمع الشاب الذي أحبه ويصرف عني نظره، كون الاثنين جيراننا، فماذا أفعل؟ وبماذا تنصحونني؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سهام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

يسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يمُنَّ عليك بزوجٍ صالحٍ طيبٍ مباركٍ يكون عونًا لك على طاعته ورضاه.

وبخصوص ما ورد برسالتك – أختي الكريمة الفاضلة – فإن العقل والمنطق يقتضي أن الذي يشترينِي أشتريه، وأن الذي يُقبل عليَّ أُقبِلُ عليه، وهذا أمر طبيعي وفطري، وأن الذي أعرض عني أو لم يتكلم معي، كيف أفكِّر فيه وهو لم يُبد لي أي بادرة تدل على أنه يرغب في الارتباط بي بأي صورة من الصور؟

أختي الكريمة، إن العقل يقتضي – كما ذكرت – والمنطق أن تقدمي هذا الخاطب الذي تقدم لك بصفة رسمية، فهو أولى، خاصة وأن قضية الحب التي تتكلمين عنها لعله حب من طرف واحد، ولعل هذا الأخ الزميل لا يعرف عنك شيئًا ولا يعرف أنك تحبينه أم لا، ولعله يفكر في فتاة غيرك كما أنك تفكرين فيه وهو لا يدري، ولذلك هذا نوع من الوهم ونوع من المشي وراء السراب الذي لا يؤدي إلى نتيجة مطلقًا، وأنت قد منَّ الله تبارك وتعالى عليك وأكرمك - خاصة وأنك أصبحت في سن متقدم – بهذا الشاب الذي تقدم لك ورغب فيك، وكما ذكرت هناك فتيات أخريات ولكنه فضلك على غيرك، فأنا أرى شُكرًا لله تبارك وتعالى على هذه النعمة أن تقبلي عطية الله تبارك وتعالى إليك، واعلمي أن الحب الحقيقي يأتي بعد الزواج، فإن طول العشرة وحسن المعاملة يترتب عليها المودة والرحمة والألفة، وكما قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب – رضي الله تعالى عنه -: (وهل كل البيوت تُبنى على الحب).

فهذه – أختي الكريمة – مسألة أنت فيها لست موفَّقة، وتصرفك فيها ليس سديدًا، واعلمي أن حسن المعاملة بين الطرفين هي التي تؤدي إلى وجود المحبة الحقيقية، وأن الحياة الزوجية لا تحتاج للحب فقط، بل تحتاج إلى ما هو أهم من الحب، وهو التفاهم والحوار، وحسن العشرة وحسن المعاملة، والحب قد يكون موجودًا ورغم ذلك تُوجد الإهانات، فإني لأعرف كثيرًا من الشباب تزوجوا فتيات بعد قصص حب تحدث عنها القاصي والداني، ورغم ذلك لم تسعد معه ولم يسعد معها، وكانت نهاية الأمر الطلاق، وكان الأمر مروعًا، وتكلموا في حق بعضهم كلامًا لم يتصوره أحد، بل إنه كان يضربها ضربًا قاتلاً لشدة غيرته عليها ومن شدة حرصه عليها، لأنه أصبح هناك نوع من الامتلاك، فقضى على شخصيتها تمامًا، وحولها إلى عبدة ذليلة، وفي النهاية تم الطلاق وفُرقتْ الأسرة.

أما الحوار والتفاهم فمعظم البيوت في العالم تُبنى على هذه الصفة الرائعة، الحوار والتفاهم، وأن يقوم كل طرف بواجبه، وبذلك ستستقيم الأمور تمامًا.

أما الحب هذا – أختي الكريمة – هو أمر قلبي يأتي ويذهب، أما التفاهم والحوار والاحترام المتبادل هو الذي يبقى ويدوم، وبه تستقيم الأسر، ولعل في آخر دراسة أمريكية أن الحب قبل الزواج نسبة فشله تصل إلى أكثر من 85% بعد الزواج.

فإذن أقول: توكلي على الله، واقبلي هذا الشاب الذي جاءك، وهو راغب فيك، واتركي عنك هذا الأخ الآخر، لأنه لم يُبد لك أي بادرة تدل على أنه يحتاجك أو يريدك، ومسألة أنك ستظلمينه هذا ليس صحيحًا، هذه أقدار الله تبارك وتعالى، فتوكلي على الله، وأبدي الموافقة، واقبلي هذا الرجل، وانتهي من الإجراءات، وما في قلبك سيُخرجه الله تبارك وتعالى؛ لأنه لن يكون من حقه أن يملك قلبك وهو ليس زوجًا لك، وأنت ليس من حقك ذلك أيضًا، ولذلك عليك بعد أن ترتبطي بهذا الشاب الذي تقدم لك أن تسألي الله تعالى أن يُخرج محبة هذا الشاب الأول من قلبك، وأن يملأ قلبك بمحبة زوجك، حتى تكوني وفيَّة مخلصة له، وأنا واثق أنك ستقدرين على ذلك، لأنه ليس أمرًا صعبًا ولا مستحيلاً، ولكن يحتاج إلى عزيمة، وأنت قادرة على ذلك.

وفقك الله لكل خير، هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً