الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تبسمي عند مواجهة الناس يسيء ظنونهم بي.. ماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

متزوج، ولي أبناء، وعمري 36 سنة، طيب وحنون، أحب الخير للناس مثلما أحبه لنفسي، مشكلتي هي الابتسامة، وتغير ملامح الوجه عند التحدث مع الآخرين، وذلك بدون سبب.

عندما يتحدث إليِّ شخص، أو زميل أو صديق، ويسترسل معي في الكلام يجدني مبتسمًا، وكأني أضحك عليه، أو استهزئ به، وخصوصًا في نقاشات مهمة وجادة، ومن أشخاص مهمين جدًا، حيث أبتسم وتتغير ملامح وجهي مما يجعل وجهي محمرًا ومعرقًا، وأتلعثم في كلامي، وهذا الشيء جعلني أتجنب الناس، وألاحظ أن بعض الأشخاص يتجنب الحديث معي.

لا أستطيع التحدث مع الغير وأنا أنظر إليه مباشرة، يجب أن أصرف نظري عنه بعض الأحيان، ثم أرجع للنظر فيه، وأبتسم وأرتبك، والأدهى والأمر أنها تحصل معي في حالات العزاء والأحزان، وفي العمل مع رئيسي، خصوصًا أني أعمل في مكان حساس، وأيضًا مع المراجعين، ومع الموظفين الذين أنا مسؤول عنهم.

مشكلتي تفشت بشكل أنهكني، وأتعبني، وأحرجني وذلك منذ سنة ونصف تقريبًا وأنا أعاني، حتى في المناسبات أصبحت لا أحضرها بسبب هذا الشيء إلا في حالة من كان يرافقني، ويتولى زمام الحديث نيابة عني.

ملاحظة:
الخجل واحمرار الوجه والتعرق قديم جدًا منذ صغري، ولكن في اعتقادي أني لو تخلصت من الضحك والابتسامة بإذن الله فأحس أن أمر الخجل سيقضى عليه مع ذهاب هذه المشكلة.

آمل أن أجد حلاً لمشكلتي التي حطمتني أشد تحطيم، وجزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو فيصل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك في استشارات الشبكة الإسلامية، ونتمنى لك دوام الصحة والعافية.

ما تعاني منه هو نوع من الرهاب الاجتماعي، وقد يكون سببه أسلوب التنشئة الاجتماعية الذي تعرضت له منذ الطفولة، فلا بد أن تعلم أن الله تبارك وتعالى خلقك في أحسن تقويم، واحمد الله على نعمة العقل، فهي أعظم النعم.

لذلك لماذا الخوف؟ ولماذا الرهبة من الناس المخلوقين مثلك؟ فكل الناس لهم محاسن ولهم عيوب، والكمال لله وحده، فتقديرك غير الواقعي للآخرين ولنفسك؛ هو سبب الخوف والتوتر؛ لأن هذا ناتج عن النظرة السلبية لنفسك، والتقييم المتضخم للآخرين، فحاول تعداد صفاتك الإيجابية، ولا تقارن نفسك بمن هم أعلى منك في الأمور الدنيوية، وغير المقياس، أو المعيار الذي تقيم به الناس، فأفضل المقاييس على الإطلاق هو المقياس المستمد من الكتاب والسنة، فتقوى الله عزّ وجلّ هي المحك الحقيقي لتقييم الشخصيات، أما المظهر الخارجي، والوضع الاجتماعي والاقتصادي، وغيرها من الأمور الدنيوية فليست هي الأصل الذي يجعلنا نحترم الناس أو نخاف منهم.

لذلك نقول لك -أخي الكريم-: مشكلة تجنب الآخرين، وعدم الاحتكاك بهم؛ لا بد من التفكير في حلها بالطرق الواقعية، وأولها المواجهة، وعدم الانسحاب والتعذر بأسباب واهية، فحاول رفع شعار مفاده التحدي، والاقتحام بالزيارات المتكررة للأهل والأصدقاء، وإجابة الدعوات والمشاركة في المناسبات، ولو بالصورة المتدرجة في المدة الزمنية، فهذه تكسبك الثقة بالنفس وتزيدها، فإذا انكسر الحاجز النفسي، فسيكون الأمر طبيعياً إن شاء الله.

الإنسان يتعلم بالممارسة والتدريب شيئاً فشيئا، في البداية تعلم كيفية المحادثة مع الآخرين بالاستماع الجيد لما يقولونه، ثم كيفية إلقاء الأسئلة بالصورة المبسطة، والاستفسار بطريقة فيها احترام وتقدير للشخص الآخر، وإظهار الإعجاب والتعليق على حديثهم، ومقتنياتهم بالطريقة التي يحبونها.

وإذا أتيحت لك الفرصة للتحدث عن نفسك فاغتنمها ولا تتردد، بل انتهج نهج المبادأة، وكون أول من يبدأ دائماً بالتعريف، أو الحديث عن النفس، مارس ذلك مع من تعرفهم من الزملاء والإخوان الذين تألفهم، فسترى -إن شاء الله- تغييراً واضحاً في زيادة مهارة الكلام.

وللتغلب على موضوع الضحك يمكن أن تتبع الآتي:

1- بمجرد شعورك بنوبة الضحك استعذ بالله من الشيطان الرجيم، وأكثر من الاستغفار في كل وقت.

2-تذكر عظمة الخالق وأنه مطلع عليك، وعلى أحوالك ألا تخشى منه؟

3- تذكر الموت والقبر وأهوال يوم القيامة.

4- تذكر أنك مراقب من قبل ملائكة كرام لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون،{ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد}.

5- تذكر أن هذا السلوك ينقص من شخصيتك وهيبتك، ويجعلك صغيراً وحقيراً في عيون الآخرين.

6- حاول ضبط ابتسامتك وفقاً لمتطلبات الموقف، وذلك بتذكر ملامح وجهك عندما تضحك.

7- ممارسة تمارين الاسترخاء في حالة الضيق أو التوتر الشديد- وتجد تفاصيلها في الاستشارة رقم (2136015).

زادك الله عزاً ومهابة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً