الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تنصحوني بترك منصبي الآن أم بعد التقييم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعمل حاليا مديرة لقسم الصيدلة منذ أربع سنوات في مستشفى حكومي، في السابق كنت مشرفة في القسم، وتركت الإشراف لفترة، واستمر الجميع بمن فيهم مدير القسم يعاملوني كقيادية من حيث الأمور الإدارية، أو الاستفسار عن العمل، وبعد فترة؛ تم ترشيحي لإدارة القسم، وكنت قريبة من الجميع، ومتفهمة لأوضاعهم، ومتساهلة معهم.

أحيانا أحاول أن أجعل بيئة العمل تسودها الصداقة والأخوة، والكل يعتبرني بمثابة الأم، وذات يوم حصلت لي ظروف شخصية أسرية وضغوط في العمل، لعدم وجود الدعم الكافي للقسم من قبل إدارة المستشفى، وكنت أتحمل مسؤولية تقصير بعض الموظفين أمامه، وطلبت ذات يوم الاستقالة، وتضايق الجميع، وكان همهم الوحيد ألا يأتي مدير سيء لا يفهم ظروفهم، أو يقف معهم، وأنهم لن يجدوا غيري بديلا، فكنت كالذي يبلع الطعم بصمت، وزاد عدد الموظفين، وزادت الأعباء علي، وبدأت تنكشف لي حقائق البعض منهم، فالكل يريد مصلحته وراحته.

في البداية عذرتهم، وتحملت أنا مشاق العمل بالرغم من معرفتي أنه خطأ، وبعد ذلك لم أعد أتحمل ذلك، وطالبت الجميع بالالتزام بالعمل، وحرصت على الانضباط أكثر.

البعض تقبل الوضع بصدر رحب، حتى لو كان يتأخر ويسجل غيابا، أو تأخيرا، والبعض الآخر خصوصا الإناث منهن؛ أخذن تصرفي على أنه شخصي، وكنت أسمع فيما بينهن الاعتراض، ولكن لم تتجرأ إحداهن أن تواجهني.

ما ضايقني ودفعني فعلا إلى التفكير بترك المنصب، هو أنني أخذت إجازة لمدة يومين، ولما عدت؛ اكتشفت أن الأعمال المطلوبة منهن بشكل يومي تم الإخلال بها، وعندما أنهي ساعات العمل وأذهب للمنزل، البعض يخرج خلفي مباشرة، فأحسست بأنني مخدوعة في نفسي طوال تلك الفترة، وأنني مديرة فاشلة، ولست بقيادية، وأنهم يعتبرونني مجرد مراقبة فقط، لأني مقتنعة تماما أن المدير الناجح هو من يكون الموظفين تحت إدارته كما في حضوره أو غيابه.

لذا أفكر جديا بترك مهام الإدارة، بالرغم من تعبي وإعطائي للقسم الكثير من جهدي، وبالرغم من أن هناك عائدا ماديا مقابل الإدارة من ناحية.

من الجانب الآخر لا يوجد التقدير التام من مدير المستشفى لجهودي، مع علمه بأن مشاكل قسمنا هي الأقل، سواء بالالتزام، أو نسبه الشكاوى، وحتى الموظفين أحاول أن لا تصل مشاكلنا خارج القسم، ويتم حلها بيننا، ولكنني الآن أشعر بأني لا أستطيع تحمل المسؤولية في تلك البيئة، بالرغم من أن المستشفى مقبل على الحصول على التقييم العالمي للجودة، وقد قطعت شوطا كبيرا لإنجازه.

أنا الآن بين نارين، بأن أصبر وأتحمل وحدي إنجاز ما تبقى لمهام القسم، والارتقاء لإنجاح التقييم، أو راحتي الشخصية، وترك الإدارة، ويحصل من يأتي بعدي على شرف الحصول على تقييم ينسب له ولا ينسب لي فضل في ذلك.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ sara حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بالطبيبة الناجحة، والقيادية المميزة في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والتواصل والنجاح، ونسأل الله أن يوفقك، وأن يقدر لك الخير والفلاح.

خير الرعاة من تحبه رعيته ويحبهم، وتجديد روح الجدية والانضباط مطلب ملح، فالوضوح مع من هم تحت إدارتك مفيد، فاستقبلي وظيفتك بأمل جديد، وبثقة في الله المجيد.

من هنا فنحن نقترح عليك عقد اجتماع لتصحيح المسار، وذكري الجميع بالله، وركزي على الروح الجماعية في العمل، واعتمدي الوضوح في قيادتك.

نحن لا نؤيد ترك الوظيفة في هذا الوقت، بل نريد لمن اجتهدت أن تجني الثمار، والمديرة الناجحة هي التي تراعي الأبعاد الإنسانية في إدارتها، وتنمي ولاء الموظفين، وتتجنب المركزية في العمل، وتفوض وتعطي الثقة، وتحسن توزيع الأدوار والمهام، ولا تتحمل كل الأعباء، بل تجعل من يخطئ يتحمل مسؤولية الخطأ.

أما عدم تقدير إدارة المستشفى لجهودك: فلن يضرك كثيرا، لأن الجزاء من عند الله، فواصلي مسيرة العمل، واحرصي أن يفهم الجميع أن الحياة أخذ وعطاء، وأن أداء الواجب مقدم على المطالبة بالحقوق.

عليه نقترح عليك إكمال المشوار بروح جديدة، وأنت مؤهلة لإحداث طفرة وتقدير، لأن لك أياد بيضاء عند فريق العمل، فأعلني لهم عن رغبتك في مزيد من التجويد والتجديد في بيئة العمل، ووضحي لهم أن النجاح للجميع، وأن المخلص في عمله يفوز بالأجرين.

هذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، والصبر، وثقي بأن رضا الناس غاية لا تدرك، ولكن العاقلة تقدم رضا الله، فتنال بإرضاء الله رضا الناس، أما من تحاول إرضاء الناس بسخط الله؛ فإنه يوشك أن يسخط عليها، ويسخط عليها الناس.

سعدنا بتواصلك مع موقعك، ونسعد بدوام التواصل، وأملنا أن تحققوا النجاح، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والقبول والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً