الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عند مواجهة الآخرين أعاني من الخجل وعدم القدرة على الكلام! ما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم

أنا شاب، عمري 18 سنة، أعاني من مشكلة، وهي أني دائمًا إذا كنت في موقف صعب أو محرج، يحمرّ وجهي، وأبدأ أتعرق، ولا أستطيع الكلام أو الرد جيدًا، كأنّ الكلام يذهب من عقلي، ولكني في بعض الأحيان أكون في مواقف محرجة، ولا يحدث ذلك.

مشكلتي الحقيقية بدأت منذ شهرين تقريبًا، وهي أني إذا تكلمت مع أغلب الناس، أشعر بالخجل دون سبب، ويحمرّ وجهي، ولا أستطيع الكلام، وأشعر بسرعة في نبضات قلبي وارتجاف يدي، مع العلم أني لم أكن كذلك أبدًا، بل كنت أحب الحديث مع الناس، والخروج معهم، والتعرف على أشخاص جدد.

كان الخجل فقط في المواقف شديدة الإحراج، أما الآن ففي أيّ موقف أخجل ويحمرّ وجهي، ولا أستطيع الكلام، حتى أنه إذا سألني معلم في الصف أي سؤال يحمر وجهي وأتعرق، وترتجف يدي، ولا أستطيع الرد إلا بصعوبة كبيرة جدًا.

إذا تذكرت -فقط- أني سوف أذهب للمدرسة وأقابل أصدقائي، أشعر بسرعة نبضات القلب، وخوف وارتباك وتوتر، ويدي دائمًا ترتجف دون سبب منذ أن بدأت المشكلة منذ شهرين، حتى وأنا لا أفكر في أي شيء دائمًا ترتجف.

أرجو إخباري بالسبب والعلاج؛ لأني لا أستطيع الذهاب لطبيب نفسي ولا الحصول على الدواء، أريد تمارين أو أي شيء نفسي.

شكرًا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ali حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

ما تعاني منه يعرف بالرهاب أو الخوف الاجتماعي الظرفي، أي الذي يحدث في ظرف معين، وهو عند المواجهات. وأسبابه معظمها غير معروفة، لكن قطعًا ربما مررت بتجربة سلبية كنت فيها عُرضة لشيء من الخوف، وهذا غالبًا يكون في وقت الطفولة المتأخرة.

عمومًا الحالة ليست حالة خطيرة، حالة بسيطة، وعلاجها هو المزيد من التعرُّضِ للمواقف المحرجة، ولن يحدث لك شيء، أما التجنُّب فهو يزيد الخوف، وما تستشعره من تغيراتٍ كسرعة نبضات القلب أو احمرار الوجه، فهي تغيرات فسيولوجية بسيطة، وليست بالضخامة والجسامة التي تتصورها.

العلاج -أيها الفاضل الكريم-: يقوم على مبدأ المواجهة -كما ذكرت لك-، لا تَهَب المواقف أبدًا، وهنالك خطوات عملية وجدناها مفيدة جدًّا:

أول هذه الخطوات: أن تصلي مع الجماعة في المسجد، وحتى إن بدأت بالصفوف الخلفية، انتقل تدريجيًا ما بين الصفوف إلى أن تصل إلى الصف الأول، وفي الصف الأول إلى أن تصلَ فتكون خلف الإمام. هذا نوع من التعرض السلوكي الإيجابي جدًّا، ابدأ به، واحرص عليه، وسوف تجد منه خيرًا كثيرًا.

ثانيًا: أن تمارس رياضة جماعية مع بعض أصدقائك، كرة القدم –مثلاً- فيها تفاعل نفسي ووجداني وجسدي كبير جدًّا (الْعَب، ارْمِ الكرة، هات، ارفع، خذ)، وهكذا، هذا لا بد أن يَحدُث في أثناء ممارسة الرياضة، لن يكون هناك صمت، سوف تتفاعل معهم، وسوف يتفاعلون معك، يحدث ذلك شبه لا شعوري، وهذا يُقوّي تمامًا من تفاعلك الاجتماعي.

ثالثًا: أن تكون لك برامج –مثلاً- في نهاية الأسبوع: أن تخرج مع أصدقائك، أن تذهب إلى محلات العامة، المحلات التجارية.

رابعًا: في فصلك الدراسي، اجلس في الصف الأول، ولا تهبْ ذلك أبدًا.

توجد فرص عظيمة جدًّا في مجتمعنا لأن يؤهّل الشباب -من أمثالك- أنفسهم اجتماعيًا وسلوكيًا، والمشاركات في المناسبات، والتفاعل الاجتماعي في أي فرصة اجتماعية تُتاح لك.

هذا هو العلاج: بر الوالدين، المشاركة في الأسرة بصورة إيجابية، أيضًا علاج مهم جدًّا، وعليك أن تطبق تمارين الاسترخاء حسب ما أوردناه في الاستشارة تحت رقم: (2136015).

إذًا -أخي الكريم الفاضل- هذه هي الأسس العلاجية لحالتك، عليك بالتطبيق، والحرص على التطبيق، والالتزام بالتطبيق.

الأدوية تساعد كثيرًا، لكنك ذكرتَ أنه لا رغبة لك في الدواء، وأنا أحترم ذلك كثرًا.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً