الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تنتابني حالة من الخوف من الجن خاصة في مسكني، كيف أتخلص من هذا الخوف؟

السؤال

السلام عليكم.

دكتورنا العزيز:

أنا فتاة متزوجة، عمري 30 سنة، ولدي ابنتان، منذ حوالي أسبوع وأنا أمر بحالة من الخوف من الجن، خاصة في مسكني لم أكن أشعر بها من قبل، فقد تكدست في عقلي هذه المخاوف نتيجة لحديث أكثر من مرة دار حول هذا الموضوع، وبِتُ أتخيل سماع أصوات، ووجود جن في منزلي، وبِتُّ أخاف من أن أنام لوحدي بالغرفة، خاصة غرفة نومي، فقد جاءني ما يسمى بالجاثوم (شلل النوم) نتيجة لحديث أحد أقاربي عنه، وشغلت تفكيري فيه حتى جاءني، على الرغم أني لم أكن أخاف قبل، وقد سبب هذا الخوف شعوري بالخوف في كل مكان.

أتعبني هذا الأمر كثيرًا، وأتعب نفسيتي، وعندما أكون خارجًا، وأفكر بالرجوع إلى المنزل أشعر بالارتباك والضيق، ماذا أفعل؟ وما هو الحل؟ وهل هناك عقار معين يمكنني تناوله ليخفف هذا الخوف، ويكون لفترة قصيرة؟ وليس له آثار سلبية، أو يسبب الإدمان؟

أرجو منك مساعدتي لأعود لطبيعتي فقد تعبت كثيرًا، وأصبحت لا أنام جيدًا، وأخاف على بناتي من أقل شيء خاصة، وأني سأفصلهم بغرفة مستقلة، وأشعر بالقلق والخوف عليهم؛ لأنهن سيَكُّنَّ بعيدات عني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكر لك الثقة في إسلام ويب.

المخاوف قد تأخذ أي صيغة، وقد تظهر على أنماط مختلة، هذا الخوف الذي يأتيك هو خوف مبرر، مبرر من الناحية السببية، فأنت قد تأثرت بما يُقال ويُحكى عن عالم الجن، وهو عالم خفي، حين يسمع الإنسان عنه أي موضوع يتفكر ويتأمَّل، ويستثار الكثير من الفضول حول هذا الموضوع، وبكل أسف أيضًا تربيتنا وتنشئتنا ربما تكون أضرَّتْ بنا فيما كنا نسمعه عن الجن وعالمه، وتخويفنا بهم، (ها هو العفريت)، (احذر أن يطلع لك عفريت).

عمومًا -أيتها الفاضلة الكريمة-: هذا الخوف خوف مكتسب، وما هو مكتسب يمكن أن يُفقد.

العلاج الأساسي هو أن تُحقري الفكرة، أن تعرفي أنك في حفظ الله وفي كنفه، وأن تعرفي أن الإنسان كُرِّم على الجن، ولا شك في ذلك، كما قال الله تعالى: {ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثيرٍ ممَّن خلقنا تفضيلاً}، وقال: {لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم}.

والجن لا يقرب أبدًا ممن يُحصِّن نفسه، ويحرص على أداء فرائضه، ويحافظ على أذكار الصباح والمساء، ويتمسك بأذكاره، وبقرآنه.

الأمر في غاية البساطة، سيري على هذا المنهاج، وتجاهلي الأمر تمامًا، وانطلقي لتربية بناتك بصورة صحيحة، دون خوف، دون وجل، ولا تُظهري أبدًا مخاوفك أمام بنتيك، وأشغلي نفسك، واجعلي حياتك حياة فعّالة دون خوف أو دون وجل.

بالنسبة للعلاج الدوائي: هنالك أدوية جيدة، أدوية بسيطة، تزيل مثل هذه المخاوف وهذه التوترات، ربما يكون الدواء الأفضل هو عقار يعرف تجاريًا باسم (أنفرانيل Anafranil)، ويسمى علميًا باسم (كلومبرامين Clomipramine)، الجرعة هي خمسة وعشرين مليجرامًا ليلاً لمدة أسبوعين، ثم تجعليها خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة شهرين، ثم خمسة وعشرين مليجرامًا ليلاً لمدة شهرٍ، ثم خمسة وعشرين مليجرامًا يومًا بعد يومٍ لمدة عشرة أيام، ثم تتوقفي عن تناول الدواء.

وهنالك أدوية كثيرة جدًّا مثل الـ (سبرالكس Cipralex)، والذي يعرف علميًا باسم (استالوبرام Escitalopram) مثلاً، أيضًا دواء رائع، و(زولفت Zoloft)، ويسمى علميًا باسم (سيرترالين Sertraline) دواء ممتاز، والخيارات كثيرة.

الأدوية الأخرى وهي المجموعة الخفيفة جدًّا، أو ما يُعرف بالطمئنات الصغرى، فمنها عقار يعرف تجاريًا باسم (بسبار Buspar، ويعرف علميًا باسم (بسبرون Busiprone) هذا أيضًا يفيد، لكنه دواء بطيء جدًّا، وفعاليته قد تستغرق وقتًا.

أنا أفضل أيضًا أن تقابلي أحد الأطباء النفسيين في البحرين، -والحمد لله تعالى- هم كثر جدًّا، الأخذ برأي أحدهم أعتقد أنه سوف يرسخ ما ذكرته لك، وهذه تعتبر قيمة علاجية سلوكية مهمة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً