الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بفقدان التركيز عند الاستماع لحديث الناس.. أفيدوني

السؤال

السلام عليكم.
لا أعلم من أين أبدأ بطرح مشكلتي، ولكني سأسرد من حيث أعتقد أن التغيرات حدثت.

حين كان عمري 9 أو 10 سنوات توفي والدي -رحمه الله-، لم أتأثر كثيرًا أبدًا، وحين تممت 15 عامًا أصبت بتليف الغدد اللمفاوية، وبدأت أتعالج بالكيماوي، لم أحزن قط، بل امتلأت بالفضول واستمتعت بالذهاب والتحاليل الكثيرة.

ولكن الكيماوي كان يتعبني جدًا، الذي أدركته مؤخرًا أني كنت أجذب الانتباه أحيانًا بمرضي من غير أن أدرك، مثلا: أدعي الألم فوق ما هو عليه.

موقف آخر حيرني قبل فترة حدث، أنه كان زميل لي يحدثني بموضوع عام حدث له، وكنت متضايقًا من غير أن أدرك السبب والضيق حدث أثناء حديثه لي، بعد ذلك أيضًا أدركت أنه كان يكذب، وأنني ربما أوهمت نفسي بأنه يصدق من غير أن أدرك.

وبعد ذلك أصبحت أقول له: عندما يحادثني وأشعر بضيق (لا تكذب )، بعدها أصبحت لا أشعر بشيء، وأحيانا أقعد مع جماعة من أصحابي أشعر أنه يحدث لي مثل الغياب عن الوعي، وأعود فجأة إليهم، لا أعلم ما هو السبب؟ والكثير من حولي يقولون لي أنت بطيء الفهم ( يقصدون عندما يتحدث شخص ليحصل على شيء أو يلمح إليه )، وأيضا كنت أعاني من أفكار مزعجة، وكلها تنم بسوء مثل أن يموت أحد إخوتي، وأنا أحزن عليه، أو أخذ أشيائه بعد موته، وكثير منها تزعجني، ولكنها قلت قليلا فلم تعد مثل السابق.

وكنت أحيانا أفكر بأني أنجز أشياء خيالية، وكنت أغرق بها طوال اليوم، ولكني أيضًا أصبحت أقل، وأشعر بأن رأسي ثقيل، وبعض الأوقات أعجز عن عمل أي شيء، وأغلب الأوقات أصبحت لا أعرف نفسي، وأتضايق من أشياء لا أعرف سببها، وأحيانًا إذا تحدث أحد وأنا أتحدث لشخص آخر، أو حتى لو كنت لا أتحدث أشعر بأني أفقد التركيز، وأوصل بصعوبة أو إلى أن يصمت، وأحيانًا أصرخ على الصغار أو حتى الكبار.

وأذكر مرة انفجرت من الغضب، وحطمت المجلس حينما تزايدت عليّ الضغوطات من الكثير من أهلي، وبعدها تحسنت، ولكن مؤخرًا أصبحت أشعر أني سأعيدها من الضغوطات، وأيضًا لدي برودة أطراف، وبعض الأوقات تؤلمني قدماي بشدة، ويأتي أحد من أهلي ويطلب مني شيئًا معينًا، أقول له لا أستطيع فيبدأ بحديث طويل جدًا لا أتحمله فأقوم مرغمًا، ولا أقول لهم أنا أعاني من كذا، أو غيره، لا أحب التحدث عما لدي بعدما أدركت أني كنت أجذب الانتباه، وقبل شهرين تقريبًا وصف لي دكتور فيتامين (د)، وفيتامين (ب1 ب6 ب12) لبرودة الأطراف، ونقص كبير بفيتامين (د).

أشعر بتحسن واختلاف عند تناول فيتامين (ب)، أشعر أن عقلي يصبح نقيًا وأرتاح نفسيًا حتى أني آخذ 3 حبات، وهو قال لي: حبة في اليوم.

وشكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكرك على الثقة في إسلام ويب.

أخي الكريم: رسالتك محتواها جميل، وهي حقيقة تتحدث عن تجربة شخصية حول التفكير والسلوك الإنساني، وأنت لم تطرح أي أسئلة؛ لأنك في الأصل لست مريضًا، وأنا أعتبر رسالتك هذه إثراءً للموقع (إسلام ويب) فجزاك الله خيرًا، قد يستفيد بها من يطلع عليها.

أيها الفاضل الكريم: ما أستطيع استنباطه مما ذكرت هو أنك مررت بظرفٍ ليس بالسهل، فقدان الوالد في تلك السن المبكرة، ثم موضوع العلاج الكيميائي، ولا أريدك أن تلوم نفسك أبدًا، أنت ذكرت أنك كأنك كنت تجذب انتباه الناس في ذلك الوقت، أنا لا أعتقد ذلك، التجربة ليست سهلة، وكانت مشاعرك تأتي على طبيعتها وسجيتها، هو تعبير عن المشاعر والألم الجسدي والنفسي، بالفعل مرتبط بالعلاج الكيميائي.

الحمد لله تعالى مررت تلك الفترة بكل تماسك، تماسك نفسي وتماسك جسدي، وهذا أمر نحمد الله عليه كثيرًا.

أيها الفاضل الكريم: ما تحدثت عنه حول طريقتك في التفكير وموضوع التركيز وقلة الانتباه في بعض الأحيان وسرعة الغضب: هذه كلها متعلقة بما يمكن أن نعتبره ميولاً للتفكير التحليلي ذو الطابع الوسواسي، مع شيء من أحلام اليقظة، ومن وجهة نظري هي ظاهرة طبيعية وطبيعية جدًّا، لم تصل أبدًا لدرجة مرضية.

ويا أخي الكريم: إدراكك الدقيق لطريقة تفكيرك يدل أنك مستبصر استبصارًا كاملاً، وهذا أيضًا إثبات قوي وعميق على أنك لست مريضًا أبدًا، النمط الوسواسي في التفكير يأتي للناس، وأحلام اليقظة من درجة معقولة نعتبرها أمرًا إيجابيًا؛ لأنها تطور تفكير الإنسان، وربما تجعله أيضًا مُنجزًا في حياته.

أيها الفاضل الكريم: الآن كل ما أنصحك به هو أن توجِّه تفكيرك توجيهًا إيجابيًا، وركّز على خططك الحياتية: ما هي الأهداف التي تود أن تُنجزها، ولا بد أن تكون هنالك أهداف، أهداف بعيدة المدى، أهداف متوسطة المدى، وأهداف قصيرة المدى، ومن خلال حُسن إدارة الوقت، والسعي في تحقيق هذه الأهداف، أعتقد أنك يمكن أن تطور ذاتك بصورة ممتازة جدًّا.

ويا أخي الكريم: اكتساب المعرفة والعلم والاطلاع والتمسُّك بالدين هي الثوابت والأعمدة الصلبة التي يرتكز عليها الإنسان في الحياة، فاجعل لنفسك نصيبًا أساسيًا من كل ذلك.

بالنسبة لموضوع برودة الأطراف واستفادتك من مركبات الفيتامينات: هذا لا بأس به، لكن لا تتناول أكثر من حبة إلى حبتين في اليوم؛ لأن تمركز هذه الفيتامينات أيضًا وازدياد تركيزها في الدم ليس من مصلحة الإنسان في بعض الأحيان؛ لأنه يتم استقلابها وتمثيلها أيضيًّا من خلال الكبد، وربما يُخزَّن ما يكون فائضًا منها في الكبد، وهذا قطعًا ليس أمرًا صحيًّا، فحاول أن تتناول الجرعة التي وصفها لك الطبيب، واحرص أيضًا على التمارين الرياضية فهي مفيدة جدًّا.

أخي الكريم: أشكرك على رسالتك الطيبة، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مصر ندا احمد

    براكه الله فيك

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً