الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

منذ دراستي وأنا أعاني من مشاكل لا أدري ما نوعها

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بداية أود أن أشكر موقع إسلام ويب على إتاحة هذه الفرصة حتى أطرح عليكم المشكلة التي أعاني منها منذ قرابة 4 سنوات ولم أجد لها حلا حتى هذه الساعة، والذي حوّل حياتي إلى جحيم.

حتى أدخل في صلب الموضوع؛ فأنا طالب جامعي، عمري 21 عاماً، منذ مدة وبالضبط عندما كنت أدرس في الباكالوريا وأنا أعاني من مشكلة لا أدري ما نوعها، ولا أي فكرة عنها.

فأنا أعاني من تذمر نفسي رهيب مصحوب بعدم الاستيعاب تماماً، وكأنني لست حياً، كما أعاني من النسيان والخوف وعدم الثقة، وتراجع مستواي الدراسي لدرجة كبيرة وصلت إلى أنني لم أحقق أي نتيجة تُذكر في دراستي الجامعية التي وصلت الآن للسنة الثالثة، وهذا ما يحز في نفسي لأن أصدقائي هذه السنة سيحصلون على الإجازة وأنا لا زلت تائهاً لا أعرف ماذا حصل لي.

في بداية المشكلة كنت قد تعرفت على فتاة وأحببتها كثيرا، ومنذ أن تعرفت عليها أصبحت على هذا الحال لا أستوعب، وأعاني من الشرود والتيهان والنسيان، وأصبحت أعاني من بعض التلعثم، ولم أعد أضحك وألهو كما في السابق.

هذا كله ساهم في تدهور دراستي، فلم أعد متفوقا بين ليلة وضحاها، ولا أعرف السبب إلى الآن، أحس بأنني تغيرت 180 درجة.

جربت العديد من الحلول؛ فزرت العديد من الأطباء ولكن لا فائدة، قمت بالانفصال عن الفتاة التي أحببتها لأنني اعتقدت أنها هي السبب في مشكلتي النفسية وتراجع مستواي الدراسي ولكن لم أفلح، وصارت عندي عقدة من البنات، وبقيت على نفس الحالة وإلى هذه اللحظة.

أود أن تساعدوني على حل هذه المشكلة التي جعلت حياتي سوداء لا تطاق.
وتقبلوا تحياتي الخالصة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ mohamed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أيها الفاضل الكريم: أعتقد أن الذي حدث لك هو عدم مقدرتك على تحديد أسبقياتك في الحياة، وهذا أدخلك في مزاج قلقي ومزاج اكتئابي، وهذا قطعًا قد زاد الطين بلة، بمعنى أنه جعلك تفتقد طريقك في الحياة، خاصة فيما يخص التحصيل الأكاديمي.

الذي أراه أنه كان لديك توقعات سليمة، توقعات متفائلة مثلك ومثل أي شاب آخر، حاولت أن تندفع الاندفاع الصحيح من أجل أن تُنجز، لكن أعتقد أن موضوع الفتاة قد سيطر على كيانك الوجداني وكذلك المعرفي، وأخذ أسبقية كبيرة في حياتك، وعليه أرى أنه قد يكون ساهم بصورة مباشرة أو غير مباشرة فيما وصلت إليه من تدهور أكاديمي.

أيها الفاضل الكريم: الإنسان حين لا يصل إلى مبتغاه لسبب معروف أو غير معروف، هذا قطعًا يؤدي إلى المزيد من التذمر والشعور بالكدر وبالإحباط.

أنت الآن –أيها الفاضل الكريم– لديك مشكلة، والشيء الإيجابي والممتاز هو أنك تعرف حجم هذه المشكلة، وهذا النوع من الإدراك مطلوب، لأن بعض الناس لديهم مشاكل، لديهم صعوبات، يستغلون النكران والتبرير حتى لا يواجهون حقيقة مشاكلهم، فأنت الحمد لله مستبصر، وهذا أعجبني كثيرًا.

وأقول لك: الحلول تتمثل في الآتي:

أولاً: لا تأسَ على الماضي، ولا تخاف من المستقبل، لكن يجب أن تستفيد من الحاضر.

ثانيًا: لابد أن يكون لك برنامج واضح تدير من خلاله حياتك، وهذا البرنامج يقوم على مبدأين أساسيين:

المبدأ الأول: هو أن تكون لك أهداف، والأهداف تُقسَّم إلى ثلاثة: أهداف آنية، أهداف متوسطة المدى، وهذه غالبًا تُنجز في خلال ستة أشهر، وأهداف بعيدة المدى. هذه هي الطريقة الصحيحة، ولتساعد نفسك يجب أن تلتزم بالمبدأ الآخر، وهو:

حسن إدارة الوقت، الذي يُحسن إدارة وقته يُحسن إدارة حياته، ويصل إلى أهدافه، هذا هو جوهر الأمر، وهذه هي الطريقة التي يجب أن تلتزمها في حياتك، لتحسِّن من مستواك الدراسي، لتعوِّض ما فقدته وما فاتك، والأمر يتطلب منك التزام، ولا توجد أي وسيلة أخرى غير ذلك.

هنالك قطعًا أمور يجب أن تُدخلها أيضًا على نمط حياتك، وهي:

الإيجابية في التفكير، الإيجابية في الأفعال، الإيجابية في المشاعر، وهذه –أخي الكريم– لا تتأتى إلا من خلال الحرص على أمور الدين والالتزام بالفرائض وبر الوالدين، هذا الأمر قد جرّبناه، ولا جدال حوله أبدًا.

فأنت إذًا محتاج لأن تستبدل مشاعرك، وتُغيِّر منهجيتك، والأمور ليست صعبة أبدًا، في غاية السهولة، لكن يجب أن تعرف أن لا أحد يستطيع أن يُغيِّرك، أنت الذي تُغيِّر من نفسك.

هذه هي المبادئ التي طالبتنا بها، وهذه هي الخطوات اللازمة التي يجب أن تتبعها.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • المغرب mohamed mountasser

    جزاكم الله بالف خير اخواني الكرام.

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً