الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خوفي من السرطان جعلني أتوهم حدوثه

السؤال

السلام عليكم

عندي خوف من الأمراض، وخاصة مرض السرطان القاتل، حيث أصبحت أفكر فيه بشكل كبير، وهو يؤثر على دراستي ( حيث أنني أدرس في كلية الطب) لا أتذكر متى بدأ هذا التفكير معي، وفي بدايته كنت أفكر أني مصاب بسرطان الدماغ، فأخذت أقرأ عن أعراضه وأضعها على نفسي، مثل ضعف الذاكرة والبصر والتركيز، وبعد ذلك صرت أفكر بمرض سرطان المعدة، فقرأت عن أعراضه وبدأت أشعر بها، وأضعها على نفسي كآلام المعدة والتقيؤ والغثيان والتعب.

بعد ذلك فكرت في سرطان القولون، فأخذت أشعر بآلام البطن وانتفاخه، وإمساك حاد وعدم خروج الريح، وفي نهاية المطاف ذهبت هذه الأعراض، وعاد تفكيري إلى سرطان الدماغ، وعدت لأشعر بأعراضه وأضعها على نفسي، وخاصة الصداع في الصباح الباكر، لأني سمعت أنها من أكثر الأعراض شيوعاً.

مع أن الصداع لم يكن موجوداً، وبالأمس قرأت عن الخراج الدماغي، ولم أفكر فيه، وأركز على مرض السرطان، وخوفي منه.

أنا خائف من الموت، نتيجة هذا المرض، علماً أني قمت بإجراء فحوصات لنفي مرض السرطان، وقال الدكاترة: أنا غير مصاب لكن ما زلت خائفاً من هذا المرض، والفحوصات كالتالي: LDH قيمته 379 وESR لاول ساعة قيمته 4 وCEA وقيمته .9.

أسئلتي: هل هذه النتائج تنفي بشكل قاطع عدم إصابتي بمرض السرطان في أي مكان في جسدي؟ وهل الخوف من المرض يجعل الشخص يشعر بأعراضه؟

أفيدوني أفادكم الله، وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ شريف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إجراؤك للفحوصات لمعرفة الإصابة بالسرطان كان إجراءً خاطئًا من الناحية النفسية والسلوكية والمعرفية، لأنك بذلك تُعزز الشك والوسوسة حول إصابتك بمرض السرطان. وأنا أقول لك: أنت غير مُصاب بمرض السرطان، لكن السرطان وغيره من الأمراض قد تأتي لأي إنسان، هذه حقيقة يجب أن تتفهمها.

أنت تعاني مما يُسمى بالمراء المرضي أو الخوف المرضي أو التوهم المرضي، أو الوسوسة المتعلقة بالخوف من الأمراض، ويُعرف أن بعض طلاب الطب يُصابون بهذه العلة، حيث إنهم حين يقرؤون عن الأمراض أو يُعرض عليهم مرضى يُعانون من أمراض معينة يحدث لهم نوع من التماهي والتأثير الإيحائي، مما يجعل الطالب يتصور أنه يعاني من هذا المرض، وبالفعل يبدأ في إنتاج أعراض تتطابق مع أعراض ذاك المرض، وإنتاج أو حدوث الأعراض هو على المستوى اللاإرادي، يعني أنه ليس تصنعًا.

أيها الفاضل الكريم: هذه الحالة معروفة ومعروفة تمامًا، وتعالج من خلال التحقير، التوكل على الله تعالى، تسأل الله تعالى أن يحفظك، أن تعيش حياة طيبة مستقرة آمنة مطمئنة، أن تحرص على صلاتك في وقتها، أذكار الصباح والمساء، وحين تقرأ عن أي مرضٍ تقول: (الحمد لله الذي عافني مما ابتلى به كثيرًا من خلقه وفضلني تفضيلاً) وتقول (أريد أن أحذق معرفتي بهذه الأمراض حتى أكون نافعًا للناس وأكون طبيبًا متميزًا، لا أن أكون موسوسًا بأنني مريض مُصاب بها) وتذكر دائمًا أن الله خيرٌ حافظًا.

لا تجرِ أي فحوصات طبية إلا مرة واحدة كل ستة أشهر مثلاً، الفحوصات الروتينية، مارس الرياضة، هذا مهم جدًّا، واسأل نفسك: لماذا لا أكون مثل الآخرين؟ واصرف الانتباه تمامًا عن هذا الذي أنت فيه، ولا تسأل الأطباء عن أعراض مرضٍ تعتقد أنك مُصاب به، اقرأ حسب ما هو مطلوب منك فقط لمعرفة المعلومات، وتجاهل غير ذلك.

إذا اشتدَّ عليك الأمر قابل أحد أساتذة الأمراض النفسية بكلية الطب التي تدرس بها، ويمكن أن يعطيك المزيد من الإرشاد، وربما يعطيك أحد مضادات المخاوف الوسواسية.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً