الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التوجيهات في علاج طفلة تعاني الخوف الشديد من الشيطان

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء محمد، وعلى آله وأصحابه الطاهرين المتطهرين أجمعين.
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

محتاجة إلى مساعدتكم لطفلة معذبة كثيراً، وجزاكم الله كل خير.

طفلة عمرها 7 سنوات، حنونة جداً فوق العادة، مشكلتها هي أنها تخاف كثيراً كثيراً من الشيطان! أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وهذا منذ سن (5) سنوات، سبب ذلك هو أن خالتها قالت لها مرة: يجب عليها ألا تتكلم في الخلاء، ومن ذلك الوقت إلى الآن وهي معذبة العذاب الأكبر من الخوف من الشيطان! هذه الطفلة تحب الله عز وجل والنبي محمد صلى الله عليه وسلم كثيراً، وتخاف من جهنم كثيراً، وتحب الجنة كثيراً، وتفعل الكثير من أجل كسب الجنة إن شاء الله، ونتمنى لها ذلك إن شاء الله.

في الحقيقة أمر هذه الطفلة غريب، وتصرفاتها الدينية قوية -ما شاء الله- وهي ما زالت في سن السابعة من عمرها، ما شاء الله، وحفظها الله هي وسائر أطفال المسليمن آمين، إنها ألمانية الجنسية، أبوها وفقه الله واعتنق الإسلام، وأمها مسلمة الأصل والحمد لله، هذه الطفلة دائماً تحمد الله على أبيها الذي اعتنق الإسلام، وتحزن على عائلة أبيها الذين لم يسلموا! فالمشكل الكبير لهذه الطفلة أنها تدعو دائماً في صلاتها لكي يوفقها الله بأن يشفيها من الخوف من الشيطان.

أبواها حائران معها كثيراً، وحزينان عليها، إن والدتها تقرأ عليها دائماً القرآن، وهي أيضاً تقرأ القرآن على نفسها، وتنصحها أمها بألا تخاف؛ لأن الله معنا سبحانه وتعالى، والطفلة مقتنعة بأن من قرأ القرآن فلن يمس بالجن، ولا الشيطان، لكنها مسكينة تقول: مع هذا فأنا أخاف كثيراً منه! وتقول: إنها يتهيأ لها أن الشيطان يأتيها، ويقول لها أشياء غريبة! مثلاً: يقول لها: ألقي بنفسك من النافذة! وتقول: إنها تحس أنه دائماً معها، نعوذ بالله منه.

إنها -والحمد لله- جد متدينة ما شاء الله، والحمد لله، حتى إنها تنصح الناس الكبار على كثير من الأخطاء التي يفعلونها في حق دينهم، فمثلا: تعليق الصور التي فيها الروح، الغناء، النساء اللواتي هن مسلمات ولا يرتدين الحجاب، إلى غير ذلك، ما شاء الله عليها.

إنها حائرة جداً، وقلقة من هذا الخوف الذي يصيبها، ولا تدري ما تفعل، تقول لأبويها أن يفعلوا أي شيء لها؛ لكي تشفى من هذا الخوف، أي شيء -تقول- هي مستعدة لفعله -إن شاء الله- ولو كان فوق طاقتها.
أبواها يبكيان عليها، وحزينان جداً؛ لأن الأمر يشتد عليها كثيراً، إنها الآن مقيمة في المملكة العربية السعودية في جدة، وتحب كثيراً القيام بعمرة؛ لكي تدعو لنفسها، مسكينة، وتفعل هذا بخشوع ويقين والحمد لله، لكن تقول: أعرف أن الله - سبحانه وتعالى - موجود، لكن تقول: إن الشيطان أيضاً موجود، نعوذ بالله منه.

فما العمل؟ نحن معذبون جداً، فأتمنى من الله -عز وجل- أن يخفف عنها ويشفيها، وندعو دائماً القوي الذي لا أقوى منه -سبحانه وتعالى- أن يشفيها، ويبعدها من وسوسة الشيطان، فما نصيحتكم جزاكم الله خيراً؟ وما عليها فعله؟ لكي تُشفى هذه الطفلة المعذبة.

وجزاكم الله كل خير وبجنة الفردوس الأعلى. آمين.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ خديجة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الحمد لله الذي هيأ لهذه الطفلة أن تولد في أسرة مسلمة.

من الواضح أن هذه الطفلة تتمتع بمقدرةٍ عالية من الذكاء؛ حيث إن عمرها العقلي أكثر بكثير من عمرها الزمني.

الطفلة لا شك أنها مُصابة بنوع من المخاوف، والتي أخذت المنحى الوسواسي، علماً بأن المخاوف كثيرة وسط الأطفال، وهي في الغالب مكتسبة، وهذه الطفلة قد اكتسبت هذا الخوف وهذه الوساوس مما ذكرته خالتها، وهنالك شيء معلوم في علم النفس، وهو أن الشيء المتعلّم يمكن أن يُفقد وينتهي، إذن هذه الطفلة بنت لديها فكرة الخوف من الشيطان، فإذا أرادنا أن ننزع هذه الفكرة يجب أن نوضح لها بلغة مبسطة حقيقة الشيطان، وأن الشيطان أضعف من الإنسان، وأن الإنسان مُكرّم من قبل الله تعالى، وأنها ما دامت محافظة على صلاتها ودينها فهي في حفظ الله وكنفه، ودائماً نحاول أن نحقر لها الشيطان.

وفي ذات الوقت يجب أن تعلم الأشياء التي تبني شخصيتها، بمعنى أن تشارك في قرارات الأسرة، وأن تستشار حتى في الأمور التي يقررها الكبار أصلاً، كما نرجو أن نعطي هذه الطفلة بعض الأدوية البسيطة التي تساعدها في التغلب على هذه المخاوف والوساوس، وهنالك عقار يعرف باسم تفرانيل (Tofranil) يمكن أن يكون مفيداً لها، وجرعة هذا العقار هي (10 مليجرام) ليلاً، لمدة أسبوعين، ثم ترفع الجرعة إلى (25 مليجراماً) ليلاً لمدة شهرين، ثم يمكن إيقافه.

الدواء سليمٌ وبسيط، وكل الآثار الجانبية التي يسببها تتمثل في شعور بالجفاف في الفم، وربما درجة بسيطة من الاسترخاء، وزيادة في النوم في الأيام الأولى.

أرجو مخلصاً ألا يكون ما يتعلق بالشيطان هو مركز اهتمام هذه الطفلة.

وأرجو أن يُستفاد من طاقاتها الذهنية لتقرأ عن الأشياء الأخرى، مثلاً: عن العباقرة، المكتشفين، السلف الصالح، وهكذا.

كما أرجو أن نبعدها عن عالم الخرافة، وألا تكثر من قراءة القصص التي يذكر فيها الشيطان، أو الأمور المشابهة لذلك.

إنه زرعٌ زرعناه نحن الكبار في عقلها وفي وجدانها، ولا بد أن نسعى لنزع ذلك من تفكيرها، وسوف يتم ذلك بإذن الله تعالى.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً