الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

والدي يحرمني الدراسة وأعيش في ملل وفراغ لا يمكنني الخروج منه

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركته

أنا فتاة أبلغ من العمر (19) سنة، منعني والدي من الدراسة، فأطعته، وجلست في المنزل، ومن شدة الفراغ الذي أعانيه أصبحت أمارس العادة السرية، وصرت أعاني من انفصام الشخصية، وأعاني كثيراً من الوحدة والفراغ.

لقد تركت العادة السرية وتبت إلى الله بعد عناء كبير، مشكلتي بأنني أقول لنفسي دائماً بأنني سأتغر وسأقوم بأعمال إيجابية، وسرعان ما أعود وأقول ما هي الفائدة من ذلك فالحياة قصيرة وستنتهي، وهذا الشعور لا يفارقني، أرجوكم أحتاج إلى نصيحتكم.

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ sara حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكرك لثقتك بموقعنا وكتابتك إلينا، لكنني لا أتفق معك على تشخيصك لنفسك بالإصابة بفصام الشخصية؛ لأن لهذا المرض أعراض، ولا أعتقد أنها موجودة لديك، فلا توهمي نفسك بذلك.

لا شك أن من أخطر المشاكل التي تواجه الشباب هي مشكلة الفراغ التي تعانين منها، وبين ذلك الشاعر العربي بقوله:
إن الشـبـاب و الـفـراغ والجدة * * * مفسدة للـمـرء أي مفســـدة!

النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ)، ويقول أيضاً: (اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك)، وأحد السلف الصالح يقول:
(نفسك إن لم تشغلها بخير شغلتك بشر).

أشكر لك هذا الحرص على التغيير، والذي لا يمكن أن يحصل إلا بوجود الإرادة الصادقة لهذا التغيير، وهي موجودة لديك بدليل سؤالك وتواصلك، وهذا الشعور بالتقصير، لكني لا أقرك على شعورك بعدم جدوى هذا التغيير والتعلم بحجة أن الحياة ستنتهي، رغم أنك ما زلت في مقتبل العمر، وفي ريعان الشباب، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إِنْ قَامَتْ عَلَى أَحَدِكُمُ الْقِيَامَةُ، وَفِي يَدِهِ فَسِيلَةٌ فَلْيَغْرِسْهَا).

الحياة لن تنتهي كما تظنين، لأننا سنحيا الحياة الأبدية الأخرى، فنحن لسنا من أبناء هذا الكوكب، وسنعود إلى المكان الذي جاء منه أسلافنا، فأبوانا آدم وحواء كانا يعيشان في الجنة، ونزلا إلى الأرض لأسباب لا وقت لشرحها هنا، لكن الدخول إلى الجنة يحتاج إلى إعداد واستعداد وتأهيل لنكون ممن يستحق الدخول إليها، والله سبحانه وتعالى يقول: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ}، (115) سورة المؤمنون.

أول شيء يجب أن تتسلحي به هو العلم الشرعي، والعلم الذي يعينك على أمور دينك ودنياك، فلا تتواني عن طلبه لأنه سفينة النجاة وطوقه، وسبب الرقي والتقدم، وعليه أنصحك بما يلي:

1- أن ترسمي في مخيلتك صورة مشرقة لما تريدين أن تكوني عليه في المستقبل، وتضعي الأهداف الموصلة لذلك، وخطة لتحقيق هذه الأهداف، والتي توصلك في النهاية لهذه الصورة، والنجاح المنشود، وأنصحك أن تلتحقي ببرنامج تدريبي للتخطيط الاستراتيجي الشخصي، وسيعينك على ذلك ويملكك الأدوات اللازمة لذلك.

2- أن تلتحقي بمجالس العلم، ولا أظن أن والدك سيمانع في ذلك، وإن حصل فلا تتردي في التودد إليه، وخدمته وحواره بالعاطفة واللين ليوافق.

3- الحرص على مطالعة الكتب الهادفة وتنمية هذه الهواية لديك.
4- حضور البرامج التدريبية في التنمية البشرية، ويمكنك ذلك عن بعد عن طريق النت.

5- مصاحبة أهل الصلاح من الفتيات عملاً بوصية أحد السلف الصالح: (لا تصحبن إلا من ينهض بك حاله ويذكرك بالله مقاله).

أسأل الله أن يلهمك رشدك ويعطيك سؤلك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً