الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صديقي يفرط بالدراسة لدرجة تصل لحد الهلوسة والبكاء

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لدي صديق يفرط بشكل غير عقلاني بالدراسة، لدرجة تصل به لحد الهلوسة والبكاء والتفكير والسرحان وعدم المبالاة بنفسه، مع العلم بأنه يؤدي صلاته، ولكن يستمر بالدراسة بشكل مجنون، ويسمح له بأخذ إجازة وأن يرتاح، ولكنه يرفض، وهو على هل هذا الحال منذ 3 سنوات ونصف وسيكمل السنة الرابعة، لا إجازات ولا راحة حتى في فترة الصيف يقوم بدراسة ترم صيفي لدرجة أنه وصل لمرحلة الفشل بحمل المواد الدراسية.

هل هذا يدخل في باب المضرة بالنفس والعقل والجسد؟ وما حكمه الشرعي؟

مع العلم أنه يقوم بهذه الأشياء بناء على رغبته الشخصية.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله سعد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبًا بك -ابننا الفاضل- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يوفقك ويصلح الأحوال، وأن يحقق لنا ولكم الآمال.

لا شك أن الاعتدال مطلوب في كل شيء، وغياب الاعتدال مشكل في الدين، وغيابه في الدراسة يجلب الملل وغيابه في كل أمر يجلب الضد، فكل شيء زاد عن حده ينقلب إلى ضده، والإفراط مذموم، وكذلك التفريط، وكانت العرب تقول: " كلا طرفي قصد الأمور ذميم ".

وقد جاء في السنة المطهرة: ( فإن المنبت لا أرضًا قطع ولا ظهرًا أبقى )، والمتسابق الناجح يبدأ بسرعة معتدلة من البداية إلى النهاية، بخلاف المتسابق المتهور الذي ينطلق بأقصى سرعة، فتهلك دابته ولا يصل إلى قصده، وهذا هو المنبت، وقد أمرنا رسولنا بأن نكلف من العمل ما نطيق حتى لا يدركنا الملل، وإذا كان هذا في الأعمال الصالحة، فكيف بما عداها.

وأرجو أن يعلم -ابننا الكريم- أن النفس تحتاج إلى حظ من الراحة، والطالب الذي لا يتوقف عن المذاكرة تتعطل عنده القدرات وتصطك في ذهنه المعلومات، ومن هنا تتجلى عبقرية علماء التربية المسلمين؛ حيث قال الغزالي:
ولا بد للطالب بعد عودة من الكتاب إلى شيء من اللعب تستريح إليه النفس، ووضح في موضع آخر أن إدخال العلم على العلم يجلب التبلد.

والعالم اليوم يعالج الإدمان على الطعام، وعلى العمل، وعلى مواقع التواصل، وهذا إدمان على القراءة، وليت -ابننا- علم أن الإدمان على القراءة دون توقف يحرم الإنسان من الفهم، ويجلب له الملل، ويدفعه آخر المطاف إلى كره الدراسة.

والشريعة تمنع كل ما يلحق بالإنسان الضرر، وتجعل الحفاظ على الدين والنفس والعقل والعرض والمال من الكليات التي جاءت للمحافظة عليها.

وهذه وصيتنا لكم بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، وندعوك للرفق بالزميل المذكور، ومساعدته في وضع جدول للمذاكرة مع التركيز على الأساسيات وإعطاء الجسم حقه من الراحة، وحظه من الطعام.

ونسأل الله أن يكتب لكم وله النجاح والفلاح.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً