الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رجل مبتلى بالنفور من بعض إخوته، فما الأسباب والعلاج؟

السؤال

السلام عليكم..

رجل مبتلى بالنفور عن بعض إخوته، بحيث إنه إن رأى بعضا منهم، أو حققوا له شيئاً من المطالب، أو أرسلوا إليه بهدية، أو قاموا له بزيارة، أو بلغوا إليه سلاما، أو أحضروا له حذاء، أو فتحوا له بابا، أو قدموا له طعاماً، أو أتوا له بمال، أو قدموا له معلومة؛ يشعر بضيق شديد، ويعبس وجهه، ويرتجف قلبه! هذه هي حاله مع بعض من إخوته.

أما الأجانب فهو يعيش معهم حياة اعتيادية لا تحمل أي جانب من هذه الجوانب السلبية، مع العلم بأنه طبيعي أيضاً مع أخواته وبقية أفراد أسرته، وأن هذه الحالة النفسية تعرض له مع قسم من إخوته، وليس هنالك من سبب ظاهر يدعو إلى ذلك، وأنه يشعر في قرارة نفسه بخطئه، لكنه يريد منكم أن تبينوا له ماذا عليه من عمل ليدفع عن نفسه هذه الأحوال النفسانية التي أضرت به كثيراً، ومنذ أكثر من خمسة أعوام؟

وجزاكم الله خيراً.


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

اطلعت على رسالتك، وتوقفت عندها كثيراً، وتدور حول نفور هذا الرجل من إخوته.

أخي، إن الإنسان تنتابه حالات نفسية تغير من مزاجه ومقاييسه للحياة، ولابد أن يكون لهذه الحالات أسبابها، ولا يمكن أن تأتي هذه الكراهية من فراع.

وعلى كلٍ فلسنا بصدد تشخيص هذا الداء، إنما بصدد وضع العلاج، لذا أحث هذا الأخ بالآتي:

أولاً: لما كانت هذه الجوانب نفسية، وأن النفس البشرية متقلبة بين الخير والشر، فلا شيء يدلها على الخير ويجعلها تثبت عليه إلا بالرجوع إلى الله والالتجاء إليه، اقرأ معي قول الله تعالى: (( الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ))[الرعد:28]، وهذه أولى الخطوات.

فيجب أن يتوب ويرجع إلى الله هذا الأخ، ويلجأ إلى الله بالعبادة، والتي منها الذكر وتلاوة القرآن والصلاة، لا سيما قيام الليل، فسوف يجد أثر ذلك في نفسه حلاوةً واطمئناناً، ويصل إلى مرحلة أن يكون حبه في الله وكراهيته لله لا من أجل هوى أو جوانب نفسية .

ثانياً: نذكر هذا الأخ بأنه إن حمل شيئاً في نفسه تجاه إخوته بلا مبرر أو من أجل دنيا، فإن في هذا منقصة لحسناته وزيادة لسيئاته وغضباً لربه، فالحب في الله تعالى هو من الإيمان، ودعني أحكي لك قصة رجل بشر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بأنه من أهل الجنة، فقال: (يدخل من باب هذا المسجد رجلٌ من أهل الجنة، فدخل رجل من عامة الصحابة ليست عليه هيئة الأغنياء، فكرر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الحديث ثلاث مرات، وفي كل مرةٍ يدخل هذا الرجل، فلما سُئل عن حاله قال: لست أكثركم صلاةً ولا قياماً ولا صياماً، ولكن لا يُصبح الصباح وفي قلبي حقد على إنسان، ولا يمسي المساء وفي قلبي حقد على إنسان) يا لعظمة هذا الرجل.

فهذا نموذج لهذا الأخ، فعليه أن يعرف أن الحقد والغل وكراهية الآخرين تحول بينه وبين الجنة، وأن الحب والمودة في الله للآخرين سبيلٌ إلى الجنة.

من جانب آخر: نطلب من إخوانه أن يبتعدوا عن كل ما يسبب له المضايقة، وبلا شك هناك أشياء ترضيه، فلابد أن يكتشفوها ويتقربوا بها له.

كما أنه يمكن أن يكون هناك مدخل له من قبل أخواته، ويتحدثوا معه في كراهيته لإخوانه بلا سبب ما دام يرتاح لهن، فهذه وغيرها وسائل لإصلاح حاله.

وأخيراً: عليه بكثرة الدعاء لله تعالى أن يعينه على إصلاح حاله، فالدعاء سلاحٌ قوي يستعين به المؤمن على قضاء أحواله.

ونحن ندعو الله أن يوفقه ويزيل ما به.. اللهم آمين.

وبالله التوفيق.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً